خيار القوة المفرطة ضد مؤيدي مرسي...زَجٌّ بمصر إلى نفق مظلم

يرى المحلل السياسي عبد العظيم الدفراوي أن مصر قد دخلت نفقاً سياسياً مظلماً من الصعب الخروج منه بعد سقوط مئات المعتصمين المؤيدين للرئيس المعزول مرسي بين قتيل وجريح في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة جراء فض السلطات لهما بالقوة المفرطة، في حواره التالي مع هشام الدريوش.

الكاتبة ، الكاتب: هشام الدريوش

ما هو تقييمكم للطريقة التي تم بها فض الاعتصامات في ميدانَيْ رابعة العدوية والنهضة؟

الدكتور عبد العظيم الدفراوي: شخصياً أعتبر الأسلوب الذي تم انتهاجه في فض الاعتصامات غير موفق، وأعتقد أنه كانت هناك أصوات معتدلة داخل الحكومة المصرية مثل البرادعي، تنادي بتجنب العنف في فض هذه الاعتصمات والاقتصار مثلاً على محاصرة الميادين حتى لا يدخلها أشخاص آخرون. لكن في نهاية المطاف تم اللجوء إلى العنف وهو أمر مؤسف للغاية وسيقود إلى تأجيج الصراع الدائر حالياً في مصر.

اعتقلت السلطات المصرية المئات من أنصار الرئيس المعزول مرسي.

برأيك من يتحمل مسؤولية الضحايا الذين سقطوا جراء ذلك؟

الدفراوي: للأسف سيتنصل كل طرف عن تحمل المسؤولية فيما جرى. ونحن لا نعلم إلى حد الآن العدد الحقيقي للقتلى الذين سقطوا نتيجة فض الاعتصام بالقوة، ولا نعلم الجهة التي أطلقت النار على الإخوان، قد تكون الشرطة والجيش وربما أهالي المنطقة.

لكن ما أخشاه هو أن يتم المماطلة في الكشف عن حقيقة ما جرى على الرغم من وجود وزارة العدل في الحكومة المصرية المؤقتة.

يرى المحلل السياسي عبد العظيم الدفراوي أن مصر قد دخلت نفقاً سياسياً مظلماً من الصعب الخروج منه بعد سقوط مئات المعتصمين المؤيدين للرئيس المعزول مرسي بين قتيل وجريح في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة جراء فض السلطات لهما بالقوة المفرطة.

ما هي السيناريوهات المحتملة بعد فض الاعتصامات، سواء من قبل الحكومة من جهة أو من قبل الإخوان وباقي الجماعات الإسلامية من جهة أخرى؟

الدفراوي: للأسف لم تفلح الوساطات الدولية المكثفة سواء من قبل الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة وحتى جهود الأزهر، في التقريب بين الطرفين وجمع الشمل المصري. والسبب في ذلك في نظري هو تعنت كل طرف وعدم استعداده لتقديم تنازلات سواء تعلق الأمر بالإخوان المسلمين أو القوى الليبرالية الأخرى، وهذا التعنت لن يخدم أبداً صالح مصر. وشخصياً لا أرى مخرجاً قريباً للأزمة المصرية في الوقت الراهن.

شهد الوضع السياسي المصري تطورات حادة بعد قيام السلطات بفض اعتصامات الإخوان بالقوة ثم إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول.

كيف تتوقعون أن تكون ردود الفعل الغربية على ما حصل في مصر من فض الاعتصام بالقوة وسقوط قتلى؟

الدفراوي: بطبيعة الحال سينتقدون بشدة ما جرى لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي الإمكانيات المتاحة أمام الغرب للضغط على الجيش المصري والحكومة. فقد يلجأ الأمريكيون إلى الوقف الفوري للمساعدات المالية التي يمنحونها للجيش، كما قد يعارض الجنرالات الأمريكيون المحافظون ذلك لعدم رغبتهم في وجود الإخوان المسلمين في الساحة السياسية المصرية. الوضع بات فعلاً معقداً للغاية.

أصدرت منظمة حماية الصحفيين تقريرا تصف فيه وضع الصحافة في مصر بين عهدي مرسي والجيش، وخلص التقرير إلى أن الطرفين انتهكا حقوق الصحفيين وحدا من حرية التعبير.

كيف ترون مستقبل مصر السياسي على المدى القريب؟

الدفراوي: هذا المستقبل لا يبشر بخير. والمذهل أنه منذ سقوط نظام مبارك وقبل ذلك أيضاً لم تهتم الحكومات المتعاقبة على مصر بالمشاكل الحقيقية للمصريين. والأمر دائماً يقتصر على الصراع على السلطة بين النخب السياسية سواء بين الليبراليين أو الفلول أو أطراف أخرى. ومصر لديها الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وحتى المشاكل البسيطة مثل التعليم والأمية لم تنل اهتمام الحكومات الثلاث أو الأربع السابقة، فالذي كان يهمها هو الصراع على السلطة. وهذا أمر لن يخدم مصر بتاتاً.

 

حاوره: هشام الدريويش

تحرير: عماد غانم

حقوق النشر: دويتشه فيله 2013

 

الدكتور عبد العظيم الدفراوي هو محلل سياسي واجتماعي وباحث في المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية ومعهد الإعلام والتواصل في برلين وله حضوره في الكثير من البرامج الحوارية كخبير في الشأن المصري.