الفلسطينيون بين الانقسام السياسي والتخوف الدولي

بتزامن مع خوض الفلسطينيين معركتهم الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولتهم، يسعى الفلسطينيون لتحرك شعبي يعد الأوسع في تاريخ العمل الجماهيري المنظم من خلال الاعتصامات والمسيرات السلمية كما يؤكد الفلسطينيون على ذلك. في هذا التقرير الذي أعده مهند حامد من الأراضي الفلسطينية يعرض الجدل الفلسطيني حول استحقاق الدولة واستعدادات الفلسطينيين على الأرض لذلك.



مع تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه قبيل التوجه للأمم المتحدة، أن التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة سيكون لمجلس الأمن، للاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة، وبتزامن مع بدء الخطاب الفلسطيني المرتقب في الأمم المتحدة سوف يخرج الفلسطينيون بمسيرات واعتصامات بدء التحضير لها عبر ندوات ولقاءات سياسية في كافة المناطق الفلسطينية وفي الداخل الإسرائيلي وعبر الشبكات الاجتماعية والفيسبوك لتكون رسالة للمجتمع الدولي بأن الفلسطينيين ينتظرون ويدعمون هذه الفرصة التاريخية.

وتحدث أمين عام للجان الشعبية الفلسطينية عزمي الشيوخي لموقع "قنطرة" بأن الشعب الفلسطيني في كافة المدن وفي الداخل الإسرائيلي وفي الشتات الفلسطيني وفي كل دول العالم على جاهزية تامة لتنفيذ فعاليات شعبيه واعتصامات ومسيرات سليمة في كافة المناطق التي يتواجدون بها دعما لاستحقاق سبتمبر والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعما لتوجه القيادة الفلسطينية من أجل انتزاع الحق في عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

مبادرات فلسطينية متنوعة

الصورة مهند حامد
الفلسطينيون مصرون على سلمية المظاهرات

​​

وفي مبادرات تهدف إلى حشد التأييد العالمي لجهود السلطة الفلسطينية الرامية لانتزاع اعتراف أممي بدولة فلسطينية مستقلة، أنشأ الفلسطينيون العديد من الصفحات على موقع الفيسبوك تدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتطالب بالخروج بمسيرات دعما لها ، وكذلك قام الفلسطينيون ببناء كرسي خشبي يماثل مقاعد الأمم المتحدة، الذي يطوف في عدد من الدول العربية والأوروبية ، ليستقر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.  والمقعد المعد للحملة يشبه تماماً المقعد المخصص للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من حيث لونه الأزرق والأبيض. وكتب عليه بالإنجليزية "فلسطين تستحق".

وأنشأت المجموعة التي تقف وراء الفكرة صفحة لها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وصفت فيه الحملة بأنها "فكرة شعبية سلمية"، وزار المقعد لبنان التجمع الأكبر للاجئين الفلسطينيين، ومن ثم قطر بصفتها رئيس لجنة المتابعة العربية، وبعدها باريس ولندن وبروكسل، وروسيا ، ومن ثم مدريد وصولاً إلى الأمم المتحدة الذي سوف يصطحبه الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة، لتعبير برمزيه حضاريه عن المطلب الفلسطيني كما يقول أصحاب الفكرة.

وتجند الفلسطينيون لمواجهة استحقاق الدولة من خلال النشاط الدبلوماسي الدولي وإطلاق عدة مؤسسات فلسطينية، منها منظمة التحرير الفلسطينية، التحضيرات لعدة نشاطات داعمة لتوجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة المستقلة، التي سوف ترتفع وتيرتها في يوم الجمعة 23/ من سبتمبر عند اللقاء الرئيس عباس خطابه المرتقب. وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي في ندوة سياسية في الخليل دعم التوجه إلى الأمم المتحدة ، مشددا على أن الفلسطينيين أعدو العدة للمواجهة الدبلوماسية، والفلسطينيين جاهزين سياسيا وشعبيا واقتصاديا لتحقيق حق الدولة.

عباس زكي: "العالم لن يخذلنا

الصورة مهند حامد
مظاهرات تطالب بإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة قبيل التوجه للأمم المتحدة

​​

وفي حديث خاص لموقع قنطرة تحدث عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ،عن أن المفاوضات هي الأساس ولكن نفاوض على دولة ذات حدود وثوابت وطنية فلسطينية وليس مفاوضات على أرض متنازع عليها، مضيفا أن هناك فرصة مواتية أمام الأمم المتحدة لتحقيق الدولة، " نحن نثق في دول العالم أنه لن يقبل في استمرار الاحتلال وجرائمه التي أدانها إسرائيلي اسمه غولدستون في تقريره إلى الأمم المتحدة وبالتالي نحن واثقون في الدول ذات الضمائر الإنسانية الحية، ونقول للألمان أننا نحن لا نتحمل الهولكوست ونحن شعب مسالم بريء وعلى الألمان أن يتخذوا موقفا فيه ضد الضحايا كما يدينون الهولكوست عليهم أن يدينوا الجرائم الإسرائيلية". وأضاف زكي بأن " الفلسطينيين يراهنون في الأم المتحدة على ثقتهم بأنهم قدموا للسلام كل شيء وقدموا الأمن والاستقرار في منطقة حيوية تعج بها مصالح دول العالم ، حيث ويتوجهوا لدول العالم ليشكوا همومهم".

تحركات شعبية سلمية

مواطن فلسطيني في البلدة القديمة من الخليل، الصورة مهند حامد
الشارع الفلسطيني بين التشاؤم والتفاؤل من إعلان الدولة

​​

ويسعى الفلسطينيون من وراء هذه الفعاليات كما يقول عام للجان الشعبية الفلسطينية الشيوخي هو نقل الصورة للعالم أننا خلف القيادة الفلسطينية في توجهها إلى لأمم المتحدة،. مضيفا أن التوجه في هذه الفعاليات هو ضد التوجه لاستخدام العنف، "سوف نحافظ على سليمة فعاليتنا وهذا حق لنا في مقاومة الاحتلال بطرق سلمية حضاريه، تعكس مدى إصرار الشعب الفلسطيني لتحقيق طلعاته في الحرية والاستقلال"، معتبرا ذلك هو رسالة استقرار وسلام وحرية على عكس الاحتلال الإسرائيلي الذي جهز نفسه وسلح المستوطنين لمواجهة وقمع هذه المسيرات بطرق عنيفة.

كما حذر الشيوخي من ارتكاب العنف والقتل في حق التعبير عن توجهنا السلمي القانوني في الأمم المتحدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، مبينا أن هناك قرارا إسرائيليا بإطلاق النار على كل فلسطيني يقترب مسافة 200 متر من مناطق التماس والمستوطنات، وهذا توجه خطير قد يجر المنطقة للمزيد من العنف والقتل بحق الفلسطينيين.

وكذلك أكد الرئيس الفلسطيني في خطابه "على ضرورة أن تكون كل التحركات سلمية ولنبتعد بكل ما نستطيع من قوة إلى أن يجرنا الاحتلال إلى مواقعه وحيث يريدون، إسرائيل تريدنا الاّ نذهب إلى السلم، لا تعطوا إسرائيل فرصة ولا ذريعة، نريد دولة فقط ولا نريد أكثر، وأي خروج عن هذا الموضوع وعن السلمية سيضرنا وسيخرب مساعينا، وسيسلط الأضواء على السلبيات، ويجب أن نفوت على العالم أن يقولوا أن الفلسطينيين منقسمون، وسننهي الانقسام، وقال لا مصلحة وطنية أكثر من وحدتنا وإنهاء الانقسام."

انقسام سياسي وشعبي فلسطيني

الصورة مهند حامد
ناشطون فلسطينيون وأجانب في صدام مع الجنود الإسرائليين...يأمل الفلسطينيون بأن يتغير هذا المشهد بعد إعلان الدولة

​​

وفي استطلاع أجرته شبكة معا الفلسطينية تبين أن 74.9% من المشاركين في استطلاع "معا" الأسبوعي على الانترنت ليسوا موحدين في قضية الذهاب إلى الأمم المتحدة في أيلول الجاري. وشارك في الاستفتاء "معا" على مدار الأسبوع 22217 مشاركا، رأت الغالبية المشاركة المتمثلة بـ74.9% ، أن الفلسطينيين ليسوا موحدين في قضية التوجه للأمم المتحد، .فيما رأى 20.1% ، أن الفلسطينيين موحدون بشأن الذهاب للأمم المتحدة ، ورأى 5.0% أنهم لا يعرفون إن كان الفلسطينيون سيتوجهون للأمم المتحدة في أيلول الجاري موحدين أم لا.

كما اختلفت الفصائل الفلسطينية حول التوجه إلى الأمم المتحدة، حيث رفضت حركة حماس والجهاد الإسلامي هذا التوجه الفلسطيني، معتبرين ذلك محاولة للهروب من فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. كما تباينت آراء الشارع الفلسطيني حول ذلك. الإعلامي الشاب أدهم مناصرة من مدينة رام الله رحب باستحقاق أيلول موضحا أنه "مهما كانت نتيجة المطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة فإن الوضع لن يسوء أكثر مما هو عليه فلماذا لا نجرب، ونرى ماذا سيحصل"، فيما رفض الشاب سامر عواد من مدينة نابلس استحقاق أيلول، معتبرا ذلك فقاعة هواء فارغة من المضمون"، وهو إقرار السلطة الفلسطينية في فشلها بالمفاوضات ومشاريعها التفاوضية".


بيمنا عبرت الشابة والناشطة الشبابية هنادي مصلح من مدينة الخليل عن سعادتها وتفاؤلها في توجه الفلسطينيين لأمم المتحدة بالحصول على الاعتراف بالدولة، معتبرة ذلك فرصه تاريخيه للشباب الفلسطيني ، داعية شرائح المجتمع قاطبة للنزول إلى الشارع والتظاهر السلمي والاستفادة من تجربة الربيع العربي في إسقاط أنظمة الحكم الديكتاتورية لإسقاط الاحتلال. أما جيفارة جودة من مدينة نابلس فقد عبر عن رفضه لاستحقاق أيلول في ظل الانقسام الفلسطيني وفي ظل غياب وتخوف من إلغاء حق العودة للاجئين. بيمنا عبر الحاج جمال الجعبري من البلدة القديمة في مدينة الخليل عن عدم تفاؤله من التوجه إلى الأمم المتحدة، معللا ذلك بأن كافة القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين لن يطبق أي قرار منها، متمنيا أن يرى حياة كريمه للفلسطينيين قبل مماته .

 

مهند حامد

مراجعة: هشام العدم

حقوق النشر: قنطرة 2011