موسيقى موتسارت تصدح في سماء رام الله

على مدى ساعات حلَّق جمهور الضفة الغربية في سماء الموسيقى الكلاسيكية التي عزفتها أنامل طلبة معهد برنباوم سعيد مع وتحت إشراف فرقة بوليفونيا برلين وبدعم من الخارجية الألمانية. عبدالكريم سمارة حضر الحفل الموسيقي وأعد هذا التقرير.

الصورة دويتشه فيله
"الرسالة التي يحملها المشروع هو خلق التواصل الثقافي والفني بين ألمانيا والفلسطينيين"

​​ استمتع مئات الفلسطينيين وعلى مدار ساعتين ونصف بالاستماع إلى مقطوعات موسيقية كلاسيكية من عزف فرقة بوليفونيا برلين وبمشاركة من طلبة معهد برنباوم سعيد لتعليم الموسيقي. فقد غصت مقاعد قاعة العرض في مسرح وسينما تيك القصبة في الضفة الغربية بالمشاهدين من مختلف الأعمار والقطاعات، ممن أتوا لحضور الحفل، والاستماع إلى نتاج ورشات عمل امتدت ثلاثة أيام، درب فيها موسيقيون ألمان تسعة عشر طالبا وطالبة من أعمار ثمانية إلى سبعة عشر عاما، على عزف المقطوعات الكلاسيكية لكبار الموسيقيين الأوروبيين وخاصة موتسارت وهايدن وباخ.

كان الطفل الصغير سري باسم، يجلس في الصف الخامس، من مقاعد قاعة العرض في مسرح القصبة، عندما صعد الموسيقيون الألمان من فرق بوليفونيا برلين، على المنصة، فانتصب قائما وبدأ التصفيق وتبعه سائر الحضور في تحية العازفين. أخذت الموسيقى تتخلل الآذان والأذهان والقلوب، في عزف مقطوعة خماسية كلارينت.. وعلى مدار نصف ساعة ران الصمت على الحاضرين، باستثناء التصفيق في الوقفات بين مقطوعة وأخرى. حتى الأطفال الذين رافقوا أهاليهم إلى هذا الحفل، تفاعلوا بصورة لافتة. وتوالت فقرات الحفل، بعزف مشترك هذه المرة بين موسيقيين ألمان وطلبة معهد برنبناوم سعيد ، فقدمت عدة فقرات حيث عزف المحترفون الألمان مع الطلبة الفلسطينيين، في تناغم، لفت الأنظار.

دعم ورعاية ألمانيين

، الصورة دويتشه فيله، طالبة الموسيقى الهام أبو ريا فخورة بالعزف مع موسيقيين عالميين

​​

هذه الفعالية كانت حصيلة ورشات عمل، برعاية مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية الألمانية بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية بهدف خلق التواصل الثقافي بين ألمانيا وأوروبا من جهة والفلسطينيين والعرب من جهة أخرى. في هذا السياق يقول غيرو شيلس، مسؤول برامج التعاون في دويشه فيله ومنسق المشروع الذي ينفذ في الضفة الغربية، لـ دويتشه فيله: " الرسالة التي يحملها المشروع هو خلق التواصل الثقافي والفني بين ألمانيا والفلسطينيين، فالموسيقى خاصة والثقافة عامة، تربطان بين الشعوب وتوحد الأذواق. " ويضيف أن الفلسطينيين يستحقون هذا الدعم الفني والثقافي والإنساني. وفي اعتقاده أن هذه الرسالة قد وصلت حيث لوحظ التفاعل الجيد مع الإبداعات الموسيقية والفنية. وأشاد شيلس بالمجهود الذي قدمه المعهد الفلسطيني، برنباوم سعيد، ووفر المناخ لتعليم الأطفال والشباب، الموسيقي الكلاسيكية.

من ناحيته يقول نبيل الأشقر، مدير معهد برنباوم سعيد، لدويتشه فيله:"نوفر للطلبة التعلم على كافة الآلات الموسيقية، ولدينا مدرسين عربا وأجانب يقدمون جهدا كبيرا، وقد ظهرت نتائج ذلك عبر ورشات العمل والتدريبات التي تلقوها في اليومين السابقين للعرض، حيث استوعبوا تنفيذ عزف المقطوعات المطلوبة وأتقنوها كما ترون." ويتابع أن الموسيقى بصرف النظر عن نوعها وطبيعتها فهي لا تنحصر في منطقة معينة، بل إنها قابلة للانتقال من منطقة إلى أخرى، وهذا ما نجح هنا أيضا.

الموسيقى لغة التواصل بين القلوب والعقول

الصورة دويتشه فيله
"الجمهور الفلسطيني بدأ يعتاد تذوق الموسيقى الكلاسيكية"

​​

العازفة الألمانية الشابة، فراوكه جيسون، دربت عددا من الأطفال على آلة الفلوت، تحدثت لـ دوييتشه فيله عن تجربتها، فقالت: " لفتني أن الفلسطينيين شعب ودود، وأنا أقابل هذا الود بان أقدم لهم كل ما لدي من موهبة موسيقية. أؤمن أن الموسيقي هي لغة تواصل فيها مع الناس الذين لا اعرفهم، ولا اعرف لغتهم، فهي تنتقل من القلب إلى القلب، دون حواجز.". لقد فوجئت بمواهب هؤلاء الأطفال الذين تعلموا بسرعة وسلاسة وقدموا ، كما رأيتم، عزفا لمقطوعات ألفها موسيقيون عالميون كمتسارت وباخ وهايدن.

الطالبة الهام أبو ريا التي تعزف على التشيلو، ترى أن الموسيقي الكلاسيكية الغربية قادرة على الانتشار في الشرق، وتابعت:" لقد تمكنا من العزف على الآلات الغربية وإتقان عزف المقطوعات المختلفة، وفي رأيي فان الذوق وان خلق مع الإنسان فهو قابل لهضم أنواع الموسيقى المختلفة." وحول المشاكل التي واجهتهم كطلبة في ورشات العمل، تقول :" لم نواجه مشاكل، بل اعتبرنا الأمر تحديا لنا كطلبة موسيقى، وقد خضنا هذا التحدي بنجاح كبير وهو ما رفع ثقتنا بأنفسنا وبمستقبلنا، حيث أتيحت لنا الفرصة في العزف مع موسيقيين عالميين من الدرجة الأولى.. "

تنامي الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية الغربية

، الصورة دويتشه فيله، الطفل سري باسم يشدو بأله العرف
يقول نبيل الأشقر، مدير معهد برنباوم سعيد: نوفر للطلبة التعلم على كافة الآلات الموسيقية، ولدينا مدرسين عربا وأجانب يقدمون جهدا كبيرا.

​​ خلال السنوات الأخيرة، قدمت فرق وعازفون عالميون، عروضا موسيقية كلاسيكية، في الأراضي الفلسطينية، وشهدت العروض وخاصة في قصر الثقافة ومدرسة الفرندز في رام الله، حضورا يرتفع باستمرار، ما يدلل على أن الجمهور الفلسطيني بدأ يعتاد تذوق هذا النوع من الموسيقى. يقول سمير الحسن ابن الخامسة والخمسين: " لقد شاهدت عدة عروض لفرق عالمية عزفت هنا، لكن الفرق أن ترى طلبة بل وأطفالا فلسطينيين، يشاركون عازفين عالميين في تقديم مقطوعات لعمالقة الموسيقي الكلاسيكية. وفي رأيي، فان تنامي الانجذاب إلى هذا النوع من الموسيقى، يحتاج إلى وقت أطول وزيادة عدد العروض". وأشاد الحسن بالدعم الألماني في هذا الجانب.

عبدالكريم سمارة ـ رام الله
مراجعة:عبده جميل المخلافي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

رسالة سلام موسيقية
بارينبويم يعزف للسلام في رام الله
تقديرا لجهوده الكبيرة في تطوير الحياة الموسيقية في فلسطين وتوظيفه الموسيقى في خدمة السلام منح عازف البيانو الشهير دانييل بارينبويم جواز السفر الفلسطيني وذلك على هامش حفل موسيقي خيري أحياه بارينبويم في مدينة رام الله، خصص ريعه للرعاية الطبية لأطفال قطاع غزة.

معهد مانيفيكات الموسيقي في القدس:
عالم موسيقي موحد في مدينة مقسَّمة
تعد القدس عاصمة الديانات السماوية الثلاث وهنا في قبو أحد الأديرة في البلدة القديمة في مدينة القدس توجد المدرسة الموسيقية الوحيدة التي يتعلَّم فيها طلبة مسيحيون ويهود ومسلمون العزف والغناء الجماعي. دانيال بيلتز قام بزيارة لهذه المدرسة في مدينة القدس وأعد هذا التقرير.

ألبوم موسيقى "القدس مدينة السلامين":
القدس....مدينة السلام وأنشودة الوئام
أنتج جوردي سافال ومونتسيرات فيغيراس، وهما مختصان بشؤون موسيقى القرون القديمة ألبوما موسيقيا يحكي التقاليد الموسيقية لمدينة القدس عبر العهود اليهودية والمسيحية والإسلامية. لويس غروب يعرفنا بهذا المشروع الموسيقي الرائد.