ضرورة استثمار الشركات الأَلمانية المتوسّطة في العراق

توافد العديد من رجال الأَعمال والصحفيين وممثلين عن الحكومة في بداية شباط/فبراير الجاري من العراق إلى كولونيا، وذلك للمشاركة في المؤتمر السنوي الثاني لرجال الأَعمال الأَلمان والعراقيين. تقرير مارتينا صبرا.

توافد العديد من رجال الأَعمال والصحفيين وممثلين عن الحكومة في بداية شهر شباط/فبراير الجاري من العراق إلى مدينة كولونيا، وذلك للمشاركة في المؤتمر السنوي الثاني لرجال الأَعمال الأَلمان والعراقيين. تقرير مارتينا صبرا.

عامل بناء عراقي، الصورة: أ ب
العراق بحاجة إلى مستثمرين!

​​لا تزال الاستثمارات في العراق، أَو على الأَقل في المناطق الكردية في شمال العراق، مربحة بالنسبة للشركات الأَلمانية، على الرغم من الأَوضاع الأَمنية الخطرة بصورة عامة وعمليات الخطف الحالية. بهذه الرسالة قام ممثّل عن نائب الرئيس العراقي ووزير الاقتصاد الإقليمي في مقاطعة شمال الراين-وستفاليا بافتتاح جلسة المؤتمر السنوي لرجال الأَعمال الأَلمان والعراقيين.

„نحن ننظر إلى أَلمانيا كشريك مهم في إعادة الإعمار“، مثلما جاء في كلمة الترحيب التي وجّهها إلى الحضور برزان حماسو بالنيابة عن الرئيس العراقي جلال طلباني.

كما طالب السيد طارق رشيد الذي يشغل منصب مدير عام في وزارة الداخلية الكردية-العراقية من المشاركين الأَلمان في المؤتمر، أَنْ لا يدعوا الأَخبار اليومية عن العراق تخيفهم. وقال إنَّ الوضع الأَمني في شمال العراق مستقر، ونسبة الجريمة ضئيلة بصورة عامة.

أَمّا المستشار في وزرارة الاقتصاد الإقليمية في مقاطعة شمال الراين-وستفاليا، هلمار شابس، فقد نوَّه أَيضًا إلى ضرورة عدم فقدان الشجاعة. ووصف خطف المهندسين الأَلمانيين في العراق بأَنَّه محزن ومرعب. „لكنَّنا بجاجة الآن إلى مثل هذه الحوارات التي تُقرّب البلدين من بعضهما البعض“.

تغيّب النساء بسبب تأشيرة السفر

شارك حوالي مائة وعشرون رجل أَعمال عراقيا وستون رجل أَعمال أَلمانيا في المؤتمر السنوي الثاني لرجال الأَعمال الأَلمان والعراقيين، الذي عقد من جديد في مدينة كولونيا تحت شعار „بغداد على نهر الراين“.

وقد ارتفع في هذه الدورة عدد المشاركين إلى عشرة أَضعاف ما كان عليه في المرَّة الأولى قبل عام. „نحن لدينا كل شيء: المواد الخام واليدّ العاملة الرخيصة. ولكنَّنا بحاجة إلى شركاء أَقوياء أَصحاب خبرة تقنية“ على حدّ قول مهندس معماري من المنطقة الكردية في شمال العراق.

لكن شابت سرور الطرف العراقي مرارة؛ حيث لم تُشاهد في صالة المؤتمر ممثلات عن الاتحاد العراقي للأَعمال، فضلا عن غياب كلّ النساء الأخريات المدعوّات، ومن بينهن عاملات في الحكومة الكردية. إذ بلغ مجموع من تغيّبوا عن حضور المؤتمر 40 شخصًا من المدعوين للمشاركة فيه، وكان سبب تغيّبهم إما لعدم حصولهم على تأشيرة سفر من قبل السفارة الأَلمانية في أَنقرة، أَو لتأخّر السفارة في منحهم التأشيرة، بحيث لم تكن هناك إمكانية للحصول على بطاقات سفر بالطائرة.

كانت خيبة الأَمل واضحة على منظّم المؤتمر؛ يقول غيلان خلوصي مشتكيًا: „لقد سدّدنا رسوم التأشيرة وتكاليف التأمين الصحي، دفعنا كلّ الرسوم - لكن هباءً“.

شارك من بين المشاركين الأَلمان بالدرجة الأولى ممثلون عن شركات البناء، وكذلك عارضون لأَجهزة طبية وتكنولوجيا معالجة المياه والطاقة الشمسية؛ وبالإضافة إلى ذلك حضر المؤتمر مديرو شركات مستقلون ورجال قانون. حيث استغل البعض فرصة عقد مؤتمر رجال الأَعمال الأَلمان والعراقيين، من أَجل الاستعلام بصورة عامة، ومن أَجل تكوين أَوّل علاقات مباشرة مع رجال أَعمال عراقيين.

شرح مدير شركة وتاجر من جنوب أَلمانيا سبب حضوره قائلاً: „لقد عملت سبع سنين في تركيا ومصر وأَريد أَنْ أُصدّر أَجهزة اتصالات مكتبية إلى العراق“. ثمّة آخرون حضروا من أَجل توطيد علاقاتهم التجارية القائمة واستطلاع إمكانية توسيع هذه العلاقات.

استبعاد السفر إلى العراق

اتّفق المشاركون الأَلمان عمومًا مع بعضهم البعض على استبعاد السفر إلى العراق. „ إنَّ خمسة كيلو مترات قبل الحدود العراقية تعتبر بالنسبة لي مسافة كافية“ على حدّ قول مستثمر فلاحي.

و حاليًا يبلغ عدد الشركات الأَلمانية العاملة في العراق حوالي 1500 شركة أَلمانية من بينها 500 شركة من مقاطعة شمال الراين-وستفاليا، حسب المعلومات الرسمية. حيث يوجد في العراق العديد من الشركات الأَلمانية المتوسطة إلى جانب الشركات الكبيرة مثل سيمنس وشركات البناء تسوبلين وهوختيف أَو مجموعة شركة هينكل.

ومع أَنَّ كل العلاقات التجارية الأَلمانية-العراقية لا تزال غير مستقرّة، إلاّ أَنَّها تتنامى بنشاط. إذ أَنَّ الصادرات الأَلمانية إلى العراق ارتفعت في عام 2004 بنسبة 80 بالمائة أَي بحجم مالي بلغ 370 مليون يورو، وبهذا بلغت من جديد مستواها قبل الحرب في عام 2002؛ لكن من المفترض أَنَّ الصادرات الأَلمانية إلى العراق والاستثمارات انخفضت انخفاضًا طفيفًا مرّة أخرى في عام 2005.

وعلى العموم اعتبر السيد غيلان خلوصي منظّم المؤتمر ورئيس الاتحاد الَألماني العراقي للأَعمال، هذا المؤتمر الذي يعقد في مدينة كولونيا بمثابة نجاح. بيد أَنَّه كان يأَمل للمؤتمر أَنْ يلقى صدى أَقوى وقبل كل شيء لدى الطرف الأَلماني.

وغيلان خلوصي لا يستغرب أَنَّ الكثيرين من أَصحاب الأَعمال لا يريدون تعريض أَنفسهم للخطر؛ بيد أَنَّه يشير أَيضًا إلى عدم ضرور إرسال مواطنين أَلمان إلى العراق: „نحن لدينا في العراق طواقم تتكلّم الأَلمانية، محامون ومديرو شركات. وهم يستطيعون إدارة شؤون الشركات الأَلمانية“.

بقلم مارتينا صبرا
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006