مجلة ما بعد الاندماج

"ميكسس" مجلة جديدة متعددة الثقافات تهدف إلى منح المشهد الإعلامي الألماني رؤية جديدة عن المهاجرين وقضاياهم بوصفها منبرا لجمهور الشباب ذوي الثقافات المتعددة. نعمت شيكير قامت بزيارة لأسرة تحرير هذه المجلة.

"ميكسس" مجلة جديدة متعددة الثقافات تهدف إلى منح المشهد الإعلامي الألماني رؤية جديدة عن المهاجرين وقضاياهم بوصفها منبرا لجمهور الشباب ذوي الثقافات المتعددة. نيمت شيكير قامت بزيارة لأسرة تحرير هذه المجلة.

غلاف المجلة..
تحوي هذه المجلة مقالات وتحليلات شاملة عن وضع الأجانب في ألمانيا وخاصة الأتراك منهم..

​​يعج مدخل مكتبة لودفيغ لبيع الصحف والمجلات في محطة القطارات الرئيسة في مدينة كولونيا الألمانية بالناس والجلبة، حيث يكاد المرء يعجز عن تقدير كمية الصحف والمجلات المحلية والأجنبية المعروضة للبيع في هذه المكتبة. وهنا ينبغي على المرء أن يعرف عن ماذا يبحث بالضبط.

ولكن على الرغم من ذلك هناك مجلة تبرز من "غابة المطبوعات" هذه؛ مجلة "ميكسس" Mikses - "المجلة الخاصة بالموضوعات متعددة الثقافات". تثير صفحات هذه المجلة البالغ عددها ستا وثمانين صفحة مطبوعة طباعة لامعة ومزينة بصور ملتقطة بعدسة محترفة وبإخراجها غير العادي وبمزيج موضوعاتها المثير للاهتمام الفضول والرغبة في قراءتها. وتحتوي المجلة موضوعات مختلفة، من تقارير عن المشاهير والجامعات والكتَّاب أو عن توأمة المدن وعن بعض مصممي ومصممات الأزياء؛ كما تكاد تكون كلّ الموضوعات "تركية" - تمامًا مثل العدد الأكبر من أسرة تحريرها.

ولكن هل تعتبر هذه المجلة مجرّد مجلة تركية؟ بالطبع لا - فمجلة "ميكسس" تعتبر نفسها مجلة لجيل ألماني جديد امتزجت لديه الثقافات المختلفة؛ مزيج لا يعدّ على سبيل المثال أمرًا "غريبًا"، بل يعتبر أمرًا بدهيًا.

الشباب الألمان الجدد

وتبرز عناوين موضوعات العدد الأول طابع هذه المجلة. ففي باب "أهم ثلاثين شابًا ألمانيًا جديدًا" تقدِّم المجلة "أشخاصًا صاروا روادًا مهمين بالنسبة لألمانيا". وأسماؤهم على سبيل المثال فريدون وجوي وطارق وأمينة وإقبال. "نحن نعتقد أنَّ المشهد الإعلامي يحتاج شكلاً جديدًا"، حسب قول إقبال كيليك Ikbal Kilic التي تعتبر رئيسة أسرة تحرير مجلة "ميكسس" ومؤسستها، بالإضافة إلى أنَّها ممن يطلق عليهم اسم الجيل الثاني.

غلاف عدد آخر من المجلة
"مجلة ميكسس لا تريد الحديث عن الاندماج بل عن موضوع ما بعد الاندماج"

​​ويعدّ هؤلاء "الشباب الألمان الجديد" ذوي الهويات الثقافية المتعدِّدة من الفنانين الناجحين والوجوه التلفزيونية والسياسيين وأصحاب الأعمال. وهؤلاء "الألمان الجدد" ليسوا أشخاصًا هامشيين أو غير معروفين في المجتمع، بل لهم صوت مسموع ووجه معروف.

ومن بين هؤلاء الثلاثين شاب يحتل المكانة الأولى الدي جي DJ والمنتج الموسيقي موسى ت Mousse T الذي يُشاهد في صورة مستلقيًا بتكاسل على سرير فندق، وتكلِّل ابتسامته قميصًا عليه صورة لفرقة الروك AC/DC.

مفردة ثقافة

تسعى مجلة "ميكسس" إلى عرض صورة شاملة وحقيقية عن هؤلاء الشباب الألمان، وذلك في أبواب ركزت على الحياة الثقافية والصراع الثقافي والثقافة الجامعية والثقافة الموجِّهة. وبهذا فإنَّ مجلة "ميكسس" تقدِّم صورة مختلفة عن الصورة التي تعرضها وسائل الإعلام الجماهيرية والتي تظهر فقط تطرّف بعض الأشخاص المهاجرين ومشاكل اندماجهم. ومجلة "ميكسس" لا تريد أن تكون فقط واقعية وغير مزيّفة، بل تريد كذلك الدعاية للتنوّع والتعددية.

ولا تخلو هذه المجلة من الصور والنصوص المثيرة. فعلى سبيل المثال كتب محرِّر ألماني مقالةً عنوانها "المساعدة، أنا ذو أصول مهاجرة". وكذلك تستعرض مقالة عنوانها "اصدر حكمك المسبق" مشروعًا ضدّ التمييز يقام في مكتبة مدينة مالمو. وفي هذا المشروع تتم مرَّة في العام إعارة "كتب حيّة" - أي أشخاص ينتمون لأقليات.

المهاجرون "أصحاب المستوى الرفيع"

وتلقي مجلة "ميكسس" في عددها الثاني الضوء على "طوكيو الصغيرة" الموجودة في مدينة دوسلدورف؛ ويوصف اليابانيون هنا بصفة المهاجرين ذوي المستوى الرفيع. ولكن لا يكاد أي شخص من اليابانيين المقدَّمين في هذا العدد يتحدَّث اللغة الألمانية، ولا حتى الشباب منهم. فمعظمهم يزورون مدارس يابانية ولا يذهبون إلى المدارس الألمانية.

عندما يدور الحديث في وسائل الإعلام الألمانية عن المهاجرين، يتم عن طيب خاطر استخدام
مثل هذه المفاهيم: المجتمع الموازي والعزلة الاختيارية ومشاكل الاندماج. "أنا لن أتحدَّث في هذا الصدد عن المجتمع الموازي. ففي الواقع هناك ثقافات معيَّنة تتعايش في أحياء معيَّنة بشكل مركَّز. الأمر الذي لا يعتبر بالضرورة سلبيًا"، حسب قول إقبال كيليك.

أما ألوين تورك Elvin Türk التي تعمل محررة في مجلة "ميكسس" فترى ذلك على نحو مختلف: "إنَّ تجمَّع ناس معيَّنين في أحياء معيَّنة لا يعد أمرًا سلبيًا، فهذا لا يبرز حياتهم في مجتمع متوازٍ. بل يبرز أنَّهم يمتلكون بنية تحتية خاصة بهم، حيث توجد مدارس ورياض أطفال خاصة. وهم لا يتكلمون في الحقيقة اللغة الألمانية".

الاندماج وما بعد الاندماج

ونظرًا إلى هذا "الاستثناء" فإنَّ مجلة "ميكسس" لا تريد الحديث عن الاندماج بل عن موضوع ما بعد الاندماج. فمفهوم الاندماج يخلق حواجز غير موجودة على الإطلاق لدى الجيل الجديد.

إذ تعتبر مشكلة الاندماج بالنسبة للقائمين على مجلة "ميكسس" مشكلة تم التغلّب عليها منذ عهد طويل؛ إذ إنَّ المرء صار يشرب الجعة مع الشاورما التركية ويسمع لمصطفى صندل في مراقص ألمانية. فالالتقاء بالثقافات المختلفة يعتبر أمرًا طبيعيًا يحدث يوميًا، بيد أنَّ هذا الأمر الطبيعي يكاد لا ينعكس في وسائل الإعلام.

وتقول إقبال كيليك: "يدور الحديث كثيرًا في وسائل الإعلام حول الاندماج، لكن أين الصحفيون ذوي الأصول التركية؟ وما هو مكانهم في هيئات التحرير؟ الاندماج يجب أن يتم على كلا الطرفين. ويجب علينا جعل الآخرين يقبلوننا من خلال تحولنا إلى جزء من المجتمع، لكن يجب أيضًا على الآخرين قبولنا".

إنَّ وسائل الإعلام لا تصوِّر الحقائق الاجتماعية، كما أنَّها تبدو بذلك "مُصطنعة"، حسب رأي إقبال كيليك. وصحيح أنَّ هناك أصواتًا قوية في وسائل الإعلام الألمانية، مثل الصحفية نجلاء كيليك، بيد أنَّ الجيل الجديد يجدها بعيدة كلّ البعد عن الحقيقة. "لا أعرف حتى امرأة تركية واحدة تشعر أنَّ السيدة نجلاء كيليك تمثِّلها"، على حد قول إقبال كيليك.

وفي الحقيقة لا يوجد نقص في عدد الصحفيين ذوي الأصول المهاجرة. ولكن السؤال أين يمكن إيجادهم وما الموضوعات التي يعالجونها. "يتم دفع الصحفي ذي الأصل التركي إلى زاوية الاندماج ويتحتَّم عليه أن يكتب فقط حول موضوعات الاندماج، بحيث لا يعد يستطيع الخروج من هذا الموضوع"، على حد قول إقبال كيليك التي تتابع مؤكِّدة: "لكنّنا نستطيع جميعنا أكثر من ذلك".

نيميت شيكير
ترجمة: رائد الباش
قنطرة 2008

قنطرة

حوار مع المحامية التركية سايران آتش حول كتابها الجديد:
التعدد الثقافي بين الحقيقة والوهم
تمثل سايران آتش الطرف الأكثر حضورا في ألمانيا، كلما تعلق الأمر بمسألة الاندماج. المحامية التركية الأصل تطالب بموقف أكثر صرامة تجاه المسلمين. كاترين إردمان في حديث معها حول أخطاء اليسار ومسألة سياسة الاندماج.

دليل شؤون الاندماج" للاتحاد الأوربي:
برنامج للاندماج والتكيف يحتذى به
عملية اندماج المهاجرين في المجتمعات الأوربية ليست طريقا في اتجاه واحد فقط، إذ ينبغي أن تكون المجتمعات الأوروبية على استعداد لاحتضان المهاجرين. يقدم "دليل شؤون الاندماج" الصادر مؤخرا عن المفوضية الأوروبية شرحا للاستراتيجية المتعلقة بهذه المسألة. بقلم دانييلا شرودر

سياسة ألمانيا حيال الاندماج والهجرة:
قانون الهجرة الجديد يُصعِّب اندماج المهاجرين!
ينتقد محمد كيليتش رئيس المجلس الاستشاري الاتحادي لشؤون الأجانب في هذا التعقيب قانون الهجرة الألماني الجديد، الذي يصعب حسب رأيه اندماج الأجانب في ألمانيا.