تاريخ موجز للأدب العربي من الجاهلية حتى الآن

ليست الباحثة فيبكة فالتر أول من يكتب عرضا شاملا للآداب العربية باللغة الألمانية، لكنها رغم ذلك تسد ثغرة واضحة في هذا المجال. عرض سوزانة إندرفيتس

يهتم كتاب الباحثة فيبكه فالتر أساسا بالتراث الأدبي عند العرب، هذا التراث الذي أُهمل ردحا من الزمن، لكن أعيد تقويمه بصورة متزايدة منذ نهاية القرن 19 عشر باعتباره "تراث العرب". فبعد المقدمة التي تمس قضايا جوهرية في مجال البحث مثل: اللغة العربية، العربية المحكية والعربية المكتوبة، المكتبات، تنتقل الباحثة الى صلب موضوع الأدب العربي. وبالفعل، لا يبدأ الكتاب في قسمه الثاني بالإرث الأدبي الإسلامي، وإنما بالأرث ما قبل الإسلامي، الذي يطلق عليه عادة إسم: العصر الجاهلي.

القسم الثالث والذي يحمل عنوان "الأدب العربي في العصر الإسلامي حتى القرن الـ١٧" هو أكبر أقسام الكتاب ومركزه. وفي هذا القسم تتم معالجة أهم أنواع وأشكال الأدب العربي-الإسلامي الغني جدًا: الشعر والنثر والأدب، ذلك النوع المميّز الذي كان يُـمزج فيه النثر بالشعر والذي كان يتمحور هدفه النبيل في التعليم بشكل مسل، والأدب الشعبي.

وكذلك ضمَّنت فالتَر فصول كتابها كل على حدة أبوابًا عن الآداب الدينية: القرآن والحديث والشعر الصوفي. وتتجاوز الكاتبة فيما يخص الأدب الشعبي القرن الـ١٣، لكنها تركّز على العصر الذي اعتدنا تسميته بفترة الأدب العربي الكلاسيكية، أي عصر الخلافة العباسية (من القرن الـ٨ حتى القرن الـ١٣). أما القسم الأخير الذي يتناول "الاصلاحات والتجديدات"، أي عصر النهضة من القرن الـ١٩ حتى القرن الـ٢٠ فيبدو مجرد ملحق.

سد ثغرة

لم تكن فيبكة فالتر أول من يكتب عرضا شاملا للأداب العربية في مجال اللغة الألمانية، لكنها رغم ذلك تسد ثغرة واضحة في هذا المجال، وذلك لأن كتب تاريخ الأدب العربي التي سبقت كتابتها، إما انها لا توافق المستوى الحالي، أو أنها كتب أدبية صرفة أو انها صنفت في لغة أخرى غير الألمانية.

تستشهد السيدة فالتر بالمستعرب البريطاني – الأميركي روجر آلن، الذي قدم باللغة الإنكليزية في كتابه ( التراث الأدبي العربي) The Arabic Literary Heritage عام 1998 وكذلك في كتابه الصادر عام 2000 Introduction to Arabic Literature مدخلا الى الأدب العربي والذي حاول فيهما تقديم عرضين شاملين للأدب العربي.

وفي كتاب فالتر ثمة ما يذكلر بأسلوب روجر آلن، مثل إعادة النظر، ما تيسر لها ذلك، بالأدب العربي الكلاسيكي عبر مرآة الأدب العربي الحديث. وبلا شك لقد كان مثل هذا العمل ضروريا وممكنا، من حيث ان فيبكة فالتر، شأنها شأن آلن، ملمة بشكل جيد بالأدب العربي، وتستطيع أن تنتقل بين مختلف عصور الأدب بمرونة ويسر.

الحجج عي الأهم

إلا أن كتاب فالتر يختلف عن كتاب آلن من حيث بنيته. فقد كتبت العناوين الرئيسة الخاصة بفصول الكتاب بخط عريض، لكنها سعت فيما يلي إلى ان يكون وصفها أكثر دقة. وبينما سعى آلن الى تتبع العقلية العربية مستندا الى بعض الصور من الأدب العربي، كان مسعى فالتر هو أن توافي قراءها بثقافة واسعة.

وقد كانت نتيجة عملها هذا هو انها لم تقدم عرضا لتاريخ الأدب العربي بقدر ما عرضت تاريخ الأدباء ونتاجاتهم، مصنفة إياه حسب أنواعه وأشكاله. ومن حسنات هذا العمل أنه يمكن القاريء الألماني من تكوين صورة جيدة عن روح بعض المؤلفات، ولكن من سلبياته ان الصورة المجسمة لمختلف الاتجاهات العامة في التاريخ الاجتماعي العربي – الاسلامي تكتسب معالما واهية وشاحبة، حتى انه كثيرا ما تبتر رؤوس هذه الاتجاهات العامة التي كان من الممكن لها ان تثبت تطابقها أو عدم تطابقها ضمن الإطار العام لتاريخ المجتمع العربي – الإسلامي.

وهنا نأتي للحديث عن الإشكالية التي بقيت في الدراسات التي تناولت الأدب العربي حتى الآن من دون حل مقبول، من حيث انه تتوفر عادة الابحاث عن الآداب الأوربية بكثرة، بحيث يستطيع المؤلف، أما أن يركز فكره في العناوين العريضة أو فيما يتفرع عنها من تفاصيل، لكن الأبحاث التي تتناول الأدب العربي ليست بهذه الوفرة.

مشكلة كتابة الأسماء والمصطلحات العربية

لذا يقتضي كتاب فالتر من القراء، خاصة ممن ليس لديهم خبرة في هذا الموضوع، أن يركزوا أكثر وأكثر على أسماء وعناوين الكتب، كما ينطبق هذا على طريقة كتابة الأسماء كتابة صوتية بحروف أوربية، وهي طريقة سهلة القراءة ابتكرتها الكاتبة، لكنها لا تضيف الى الفوضى المعروفة في أشكال نقل الأسماء والمصطلحات العربية إلا شكلا آخر، بالإضافة الى أنها لا تمتد الى الحواشي وثبت المراجع.

ففي الحواشي وثبت المراجع تتحول المؤلفة الى الطريقة العلمية التقليدية في الكتابة الصوتية، فهي تتوجه إذن الى القراء المتخصصين. كذلك ينطبق هذا على ثبت المراجع العربية والذي يبلغ حجمه تقريبا حجم الفهرست الواقع في خمس صفحات ونصف والذي تسرد فيه العصور الأدبية كل على حدة، وأنواع الآداب والمؤلفين والمؤلفات.

وبغض النظر عن هذه الملاحظات فإن السيدة فالتر قدمت كتابا سهل التناول والقراءة عن الأدب العربي الكلاسيكي، نأمل أن يكتمل قريبا من خلال عرض شامل عن الأدب العربي المعاصر.

بقلم سوزانة إندرفيتس، حقوق الطبع قنطرة 2004 ©
ترجمة رائد الباش

تاريخ موجز للأدب العربي من الجاهلية حتى الآن، بقلم فيبكة فالتر، صدر الكتاب عن دار بيك في ميونيخ 2004