بحثا عن حلفاء!

تبدأ دورة البرلمان الأفغاني الجديدة في نهاية شهر يناير/كانون الثاني، حيث تحتل فيه النساء ربع المقاعد، رغم هذا التمثيل القوي، تواجه النائبات صعوبات اجتماعية وسياسية جمة. تقرير كتبه مارتين غيرنر.

نائبات في البرلمان الأفغاني، الصورة: أ ب
نائبات في البرلمان الأفغاني: جو اجتماعي محافظ ومنافسة نسائية

​​

شيكاي كاروخايل أم ونائبة من ضواحي كابول. تجلس مقابل مدفأة الفحم متلحفة بمعطفها الصوفي. التيار الكهربائي مقطوع هذا الصباح كما هو الحال في أغلب الأيام، تحدثنا عن الوضع وتقول: "نحن النواب ليس لدينا حتى الآن مكاتب خاصة بنا في مبنى البرلمان وليس لدينا طاقم موظفين ولا حتى حاسوب خاص."

تصف شينكاي كاروخايل نفسها بانها "ناشطة نسوية"، حيث أسست في منفاها في باكستان منظمة لحقوق المرأة. وهي تسعى الآن لتجميع زميلاتها للقاء الرئيس كارزاي، لكسب دعمه لاعتلاء المرأة مناصب في أعلى هيئة قضائية في البلاد.

نواب يهينون النائبات

وتتابع شينكاي كاروخايل: "إن اهانات النواب لزميلاتهم في البرلمان من بنود جدول الأعمال اليومي، لدرجة أن البعض منهم ينعتونني بالعاهرة عندما يسمعون صوتي. نصف الرجال تقريبا في البرلمان لا يستطيعون التكيف مع الوضع الجديد، حسب قولها.

وبصفتها رئيسة تحرير سابقة لمجلة نسائية، فقد ساهمت في صياغة الدستور الأفغاني بعد سقوط حركة طالبان وهي الآن عضو في لجنة البرلمان لحقوق الانسان، حيث كل أعضائها من النساء. أما أعضاء لجان مكافحة جرائم المخدرات فهم من الرجال فقط.

وتصف شينكاي وضع المرأة في البرلمان قائلة: "يتم استغلال الكثير من النائبات وتُمارس عليهن الضغوط قبل التصويت بحجج وأسباب واهية، مثل قولهم كيف تصوتين لطاجيكية وانت باشتية؟ أو "كيف لا تتضامنين مع عشيرتك وتتخلين بكل بساطة عن كرامتك؟"

وتعلق إحدى المراقبات قائلة إن بعض النساء لا يرشحن أنفسهن بمحض إرادتهن، فغالباً ما يكون للعائلة أو للعشيرة دور في ترشيحها ودفعها إلى أروقة السياسة لأهداف تكتيكية.

خيبة أمل

الصورة ليست واضحة تماماً ولم تتحقق توقعات الدول الأجنبية كلها، وتقول مراقبة غربية: "تصورت بعض الجهات الدولية في البداية ان تشكل النساء في البرلمان جبهة أو رابطة مصالح مشتركة لمواجهة هيمنة الرجال، إلا ان خيبة الأمل كانت من نصيبها، فما حصل ان براثن الغيرة والحسد وجدت طريقها الى صفوف النساء بسبب سفر إحداهن مثلاً الى الخارج أكثر من غيرها وإجرائهن أحاديث صحفية بينما الأخريات لا يحركن ساكناً."

تبرز المصاعب عندما يستخدم الرجال سلاح الدين والتقاليد القائمة ضد النساء في البرلمان، الزواج الاجباري والعنف المنزلي مثلاً، فهما حسب المفهوم المحافظ مشرعان اجتماعيا وقانونيا.

أما شينكاي كاروخايل فقد مرت بتجربة استنتجت من خلالها ان الاسلام يمكن أيضاً ان يُعطي المرأة حججا قوية: "جمعتنا مؤسسة هاينرش بول وغيرها من المؤسسات بنواب من مصر وماليزيا قالوا لنا إن في بلادهم يحق للمرأة في حال طلبها الطلاق حضانة الطفل لغاية عمر الخامسة عشرة. على عكس ما يحصل في أفغانستان حيث يتوجب على المرأة التنازل عن ابنائها عند بلوغهم عامهم السابع." ومعرفة المعمول به في البلدان الإسلامية الأخرى يعطي زميلاتها دفعاً ويقوي من معنوياتهن، حسب رأيها.

حلفاء النساء

ورداً على سؤال عن حلفاء النساء في هذا الصراع، اجابت شكرية براكزي مبتسمة: "حلفاء؟ أي حلفاء؟ نعم حلفاء النساء هم المثقفون الفقراء والديمقراطيون في البرلمان." تلتف مجموعات المصالح المشتركة في البرلمان حول رئيس البرلمان، يونس قانوني وقائد المجاهدين السابق عبد الرسول سياف، ذلك المتملق المتشدد الذي يتمنى الكثيرون رؤيته في قفص الاتهام في قاعة المحكمة بسبب ماضيه الحربي.

ورداً على سؤال إن كان يمكن التخلص من قادة الحرب في البرلمان، أجابت شينكاي كاروخايل: "إنهم جزء من النظام. على المجتمع الدولي دعم الرئيس كارازاي. إن مسؤولية استمرار وجود مثل هؤلاء الأشخاص في سدة الحكم تقع أصلاً على عاتق قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وليس على عاتق كارازاي."

تم تشييد مركز خلف مبنى البرلمان لتدريب النائبات الثماني والستين، حيث يتم تنظيم دورات تدريبية تحت اشراف منظمات تابعة للأمم المتحدة أو منظمات المساعدات التنموية الأميركية، مثل دورات في اللغة الانكليزية وطرق البحث في الانترنت والأساسيات حول كيفية عمل البرلمان وصياغة مسودات القوانين.

فشل الغرب في فهم الأفغان

إلا ان الكثير من النائبات يشتكين من انه ليس هناك تنسيق بين الدورات التدريبية الدولية. وتقول شينكاي كاورخالي في هذا الصدد: "ليس جميع ما يُقدم ذا فائدة، وبصفتي عضوا في لجنة الميزانية، فأنا لم أتلق حتى الآن تدريبات مفيدة في هذا المجال.".

يعاود البرلمان عقد جلساته ابتداء من نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2007. "عندما يكون هناك أكثر من ثلاث رئيسات لجان، فهذا مؤشر جيد"، حسب رأي دبلوماسية لها نظرة نقدية حول دورها: "في الواقع فشل الغرب في فهم تركيبة المجتمع الأفغاني إذ اعتقد الكثيرون ان بإمكانهم بكل بساطة ارساء اسس وخبرات برلمان بلادهم، ولكن هذا لن يُكلل بالنجاح، كما انه لم يكلل بالنجاح في البوسنة أيضاً.
المهم ان يأخذ الناس انطباعاً انهم يسهمون في ارساء كل ما هو جديد. كل خطوة تُعتبر إجراء لتوطيد الثقة.

أما النائبات فيواجهن مشكلة مضاعفة في كسب الثقة بزملائهم الرجال في البرلمان وتجاه المساعدين الأجانب.

بقلم مارتين غيرنر
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2007