الترجمة جسر ثقافي ووعاء للفكر الإنساني

يشكل مشروع رابطة الحوار الثقافي عبر المتوسط "يورينت eurient"لتبادل الخبرات في الترجمة بين الألمانية والعربية دفعة قوية لديمومة الحوار الثقافي بين ألمانيا والعالم العربي ومنصة مهمة لإعادة تشكيل الوعي الثقافي بالآخر ومنطلقا مهما لـتأسيس قواعد حوار ثقافي جدي ورصين. منى صالح تعرفنا بهذا المشروع الثقافي.

يشكل مشروع رابطة الحوار الثقافي عبر المتوسط "يورينت eurient" لتبادل الخبرات في الترجمة بين الألمانية والعربية دفعة قوية لديمومة الحوار الثقافي بين ألمانيا والعالم العربي ومنصة مهمة لإعادة تشكيل الوعي الثقافي بالآخر ومنطلقا مهما لـتأسيس قواعد حوار ثقافي جدي ورصين. منى صالح تعرفنا بهذا المشروع الثقافي.

​​ أطلقت رابطة الحوار الثقافي عبر المتوسط "يورينت eurient " مشروعاً ترجمة من اللغتين العربية والألمانية، بالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية في مدينة لايبزيج والهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي DAAD. وشارك في الحلقة الدراسية طلبة من مختلف الدول العربية. لقد انبثقت فكرة هذا المشروع في السنة الماضية بهدف تنشيط الحوار الثقافي بين ألمانيا والدول العربية والإسلامية في المقام الأول.

ويلعب المترجمون دوراً كبيراً في ديمومة هذا الحوار لأن عملهم، كما يقول منسق المشروع فيصل حمودة في لقاء مع دويتشه فيله، لا يقتصر على نقل محتوى النصوص وكلماتها، إنما يقومون أيضاً بنقل الثقافة، مما يساعد على فهم الآخر. ويضيف حمودة بالقول: "إن هدفنا إرساء قاعدة لحوار ثقافي فعلي".

برنامج حافل بالتنوع

يمتد العمل في مشروع "المترجمون في العمل" على مدى ثلاث سنوات، ويتم في إطاره تنظيم ورشتين في كل سنة، واحدة في ألمانيا والثانية في احدى الدول العربية المشاركة، وهي مصر واليمن والمغرب والأردن. وقد وصل الفوج الأول من الطلاب العرب المشاركين في الورشة قبل أيام قليلة إلى مدينة لايبزيج، وسيمكثون حتى تشرين أول/ أكتوبر. ومن ثم يسافرون بعد ذلك مع الطلاب الألمان المشاركين إلى مدينة طنجة المغربية، حيث تنظم هناك ورشة ترجمة من الألمانية إلى العربية. أما عن اختيار اللغة التي يبدأ الطلاب بالترجمة إليها فيقول حمودة: "انطلقنا من ذلك بوجهة السفر، الطلاب العرب أتوا الآن إلى ألمانيا لذلك نترجم من العربية إلى الألمانية"، وعندما يتوجه الطلاب إلى دولة عربية فسيترجمون من الألمانية إلى العربية.

ويتدرب الطلاب أولاً على ترجمة نصوص تتعلق بالوثائق الشخصية مثل عقود الزواج والطلاق، لكن مواضيع الترجمة ستتناول كما يقول حمودة مختلف ميادين الحياة العملية الأخرى، فالبرنامج يشمل نصوصاً سياحية أيضاً. وعن هذا يضيف حمودة قائلاً: "لأننا ننظم لضيوفنا برنامجاً لزيارة معالم المدينة، وبهذه المناسبة نترجم النصوص السياحية إلى العربية".

ويشارك في الحلقة الدراسية من كل بلد أربعة طلاب، وهم إما مترجمون أو طلاب في فروع الترجمة. أما اختيارهم فقد تم من قبل المؤسسة الثقافية، التي يتم التعاون معها في البلد المذكور، وهي بالدرجة الأولى أقسام تدريس اللغة الألمانية في الجامعات. وفي المغرب مثلاً يتم التعاون مع معهد الترجمة العالي، وفي مصر مع كلية الألسن في جامعة عين شمس بالقاهرة.

بحثاً عن مستقبل أفضل

تشكل مشاريع الترجمة الأدبية والثقافية محاولة مهمة في فهم الآخر وتقبله

​​ منهل الشيخ، طالبة في كلية الألسن في جامعة عين شمس بالقاهرة، كانت من بين الطلبة المصريين الذين وقع عليهم الاختيار للمشاركة في الحلقة الدراسية. تقول منهل إن سعادتها كبيرة لحصولها على هذه الفرصة، وتجد أن أجمل ما في هذا المشروع التعامل مع طلاب من دول عربية أخرى، والتعرف على التعابير المختلفة التي تستخدم في الوثائق الرسمية في هذا البلد العربي أو ذاك، من ذلك مثلاً المصطلحات المستخدمة في وثائق الأحوال المدنية. وتضيف الطالبة المصرية قائلة: "يسعدني أن تتكون لدي خلفية عن ثقافات الدول الأخرى". وتأمل منهل الشيخ أن تحسن المشاركة في هذا المشروع من فرصها المستقبلية، وتقول: "إن مشاركتي في هذه المشروع تعتبر أغناء لمسيرتي الدراسية، كما أنها تؤمن لي مستقبلاً أفضل ".

أما محمد العابد خريج قسم اللغة الألمانية في جامعة صنعاء، والذي تم اختياره للمشاركة في المشروع نظراً إلى تفوقه الدراسي، فيعبر عن سعادته الكبيرة لهذه الفرصة التي أتاحت له فرصة الاحتكاك بالثقافة الألمانية. عن هذا يقول العابد: "أنا مهتم بثقافة الآخر وبتعلم لغات الشعوب الأخرى وثقافاتها". وكان محمد العابد قد بدأ منذ المرحلة الثانوية بمطالعة أعمال كتاب وأدباء أوروبيين مترجمة إلى العربية، الأمر الذي دفعه إلى تعلم اللغة الألمانية وإلى دراسة آدابها. ويرى الطالب اليمني أن المشاركة في مشروع الترجمة تقدم له "مدخلاً إلى مستقبل أفضل"، كما يرغب في مواصلة دراسته العليا في ألمانيا في مجال الترجمة من الألمانية إلى العربية والعكس.

ملامح إيجابية

وتأسست رابطة يوريرنت التي ترعى هذا المشروع في عام 2004 في مدينة لايبزيج، وتهتم بالحوار بين أوروبا والعالمين العربي والإسلامي، وتضم حوالي 50 دولة عضو. وتسعى المنظمة من خلال عدد كبير من المشاريع، التي تنظمها في شتى الميادين الثقافية والعلمية والتعليمية، إلى التعريف بملامح أخرى لمناطق لا يعرف عنها الكثيرون شيئاً، آخر سوى أنها مرجل أزمات.

منى صالح
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

حوار مع ياسر حارب:
"التبادل الثقافي إكسير الحضارة الإنسانية"
يري ياسر حارب، نائب المدير التنفيذي لقطاع الثقافة في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، أن التواصل الثقافي يلعب دورا محوريا في التقريب بين الشعوب والثقافات بصورة عامة، وتوثيق العلاقات بين العالمين العربي والغربي بصورة خاصة. لؤي المدهون حاور ياسر حارب في فرانكفورت حول آفاق وأهداف مشاريع مؤسسة آل مكتوم الثقافية الطموحة.

غياب التنسيق وعدم احترام الملكية الفكرية والرقابة:
الترجمة في مجتمع بلا معرفة
تشير الإحصاءات في العالم العربي الى تراجع الكتاب المقروء وإلى وتراجع مستويات الترجمة. في المقال التالي يتناول الكاتب والناشر خالد المعالي المبادرات العربية للترجمة والصعوبات التي يواجهها المترجمين ودور النشر المهتمة بنشر كتب مترجمة إلى العربية.

ملف خاص:
التبادل الأدبي الألماني - العربي
يعتبر الأدب دوما أحد الوسائل الرئيسية في حوار الحضارات، وغالبا ما يتمثل هذا في شكل أنشطة صغيرة تعمل في الخفاء، المترجم والناشر مثلا اللذان يعيشان على حافة الكفاف، ويقتاتان من العمل في التعريف بالثقافة الغريبة المحبوبة. ونقدم هنا مبادرات ألمانية وعربية.