هجمات غربية وشيكة بعد مجزرة غوطة دمشق الكيماوية؟

تتصاعد ردود الفعل الدولية حيال مجزرة الأسلحة الكيميائية التي راح ضحيتها أكثر من ألف وثلاثمئة سوري في منطقة الغوطة بريف دمشق منذرة بهجمات غربية وشيكة على نظام الأسد. في حوار مع رالف تراب الخبير في الأسلحة الكيماوية تتساءل كيرستن داوسنت عن إمكانية التحقق من هوية مرتكبي الجريمة.

الكاتبة ، الكاتب: كيرستن داوسنت

بحث الرئيس باراك أوباما في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي فرانسوا أولوند خيار القيام برد دولي منسق بعد أنباء استخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين في سوريا. وأبلغ أولاند نظيره الأمريكي أوباما أن "كل المعلومات تتقاطع للتأكيد أن نظام دمشق قام بشن" الهجمات الكيميائية التي حدثت في 21 أغسطس/ آب 2013، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية. وأكد مكتب أولاند أن "فرنسا مصممة على ألا تمر هذه الفعلة دون عقاب".

وبعد ساعات من موافقة دمشق على السماح للمفتشين الدوليين بالتوجه إلى موقع الهجوم الكيميائي أعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عن خشيته من أن تكون الأدلة على شن النظام السوري هجوما مفترضا بأسلحة كيميائية "قد أتلفت بالفعل ... جراء القصف المدفعي" الذي شنه النظام السوري على موقع الهجوم المفترض، لافتا إلى أن "أدلة أخرى (أيضا) ربما تم تهريبها". وكرر اقتناعه بمسؤولية النظام السوري عن الهجوم الكيميائي قائلا: "نحن في الحكومة البريطانية نعتبر بوضوح أن نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد هو الذي شن هذا الهجوم الكيميائي الواسع النطاق". واعتبر وزير الخارجية البريطاني في أنه من الممكن الرد على استخدام أسلحة كيميائية بدون وحدة صف كاملة في مجلس الأمن الدولي معبراً عن أنه من الممكن التحرك لدواعٍ "إنسانية".

وفي سياق متصل، أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على أن لديهما "تشكك ضئيل" في ضلوع نظام الرئيس السوري بشار الأسد في استخدام غازات سامة بالقرب من دمشق واتفقا خلال مكالمة هاتفية على ضرورة أن يحاول مفتشو الأمم المتحدة في سوريا الحصول على مزيد من المعلومات حول هذا الأمر.  لكن ميركل وكاميرون اتفقا أيضا على أن مثل هذا الهجوم بأسلحة كيميائية يتطلب "ردا صارما" من المجتمع الدولي، بحسب متحدث باسم الحكومة البريطانية. وطالبت المستشارة الألمانية ووزير خارجيتها بأن تكون هناك "عواقب وخيمة" للنظام السوري في حال ثبت أنه استخدم الأسلحة الكيميائية. وكانت قيادات ألمانية قد استبعدت تدخلا عسكريا غربيا في سوريا، مؤكدة على أهمية الحل السياسي.

بدأت يوم الاثنين (26 أغسطس/ آب 2013) مهمة الخبراء الأممين بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيمائية في غوطة دمشق، فيما طالب بان كي مون دمشق بالسماح لهم بإجراء تحقيق شامل وبدون عراقيل، وسط تلويح غربي متزايد باستخدام القوة في حال تم إثبات تورط نظام الأسد بالهجوم.

الصحفية كيرستن داوسنت أجرت مع رالف تراب الخبير في الأسلحة الكيماوية، مدير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذي يُعَدّ أحد المستشارين المستقلين في قضايا التسلح، الحوار التالي حول مهمة المفتشين الدوليين في سوريا.

ما النتائج التي يمكن أن تتوصل لها في ضوء مشاهدتك للمقاطع المصورة القادمة من سوريا، هل أُستخدم السلاح الكيماوي فعلاً؟

رالف تراب: أعتقد أنه من المؤكد أن الحديث يدور وللأسف عن هجوم بالسلاح الكيماوي. فالصور التي رأيناها لا يمكن تفسيرها بشكل آخر. والسلاح الذي استخدم لم يترك تبعات تشير إلى حدوث انفجارات، بل كل ما رأيناه يشير إلى استخدام أسلحة سامة تسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا. هذا ما يمكن توقعه عندما يُشن هجوم بالسلاح الكيماوي.

هذا ما يمكن استنباطه من الصور. لكن ربما يحتاج المرء إلى أدلة تُجمع ميدانياً. ما هي صعوبة مثل هذه الخطوة؟

نعم. إذا تمكن فريق المفتشين الدوليين المتواجد حالياً في دمشق من الدخول إلى مناطق التي سقطت فيها الصواريخ وكذلك إلى المستشفيات، فإنه مهمته في التحري لن تكون صعبة. فجميع الدلائل ما زالت حديثة وهذا الفريق سيستطيع أخذ عينات بيولوجية وعينات من محيط الهجمات، وربما يتمكن من العثور على بقايا أسلحة. هذا كله جيد من أجل إجرلء التحريات التي لا بد من أن تتمخض وبسرعة عن نتائج.

وهل يمكن التوصل أيضاً إلى هوية من استخدم هذه الأسلحة؟

ليس بشكل مباشر، أقصد أن مهمة فريق المفتشين هي جمع الدلائل من مكان حدوث الهجمات. وهذا يعني تعليق الآمال على معرفة نوعية السلاح الذي تم استخدامه ومكونات هذا السلاح. وهذا يعني أننا سنعرف ما إذا كان الحديث يدور عن استخدام سلاح تقليدي أو سلاح تم تركيبه لهذا الغرض. نستطيع التعرف على تركيبة هذا السلاح، إذا تمكن المفتشون من العثور على بقايا منه.  فهناك سلسلة من الأمور التي قد تدلنا على مصدر هذا السلاح، وربما عن الجهة التي استخدمته. ولكن هذا كله ليس من مهمة فريق المفتشين الدوليين، فمهمته الرئيسية هي جمع الدلائل في عين المكان وعما حدث.

وفي ضوء هذا هل يمكنكم التوصل إلى تخمين ما حول نوعية المادة القتالية المستخدمة في هذا السلاح ومن يكون قد يمتلكها؟

الأمر ليس بهذه البساطة، بسبب تناقض المعلومات التي تصلنا، فنحن لا نعرف من أين تأتي بعض الفيديوهات ولا نعرف ما إذا كانت هذه الفيديوهات قد صُورت في أماكن شهدت هجمات. التقارير عن استخدام السلاح الكيماوي كثيرة وسبق تقديمها. بعض هذه الصور تشير إلى استخدام مادة الفوسفات العضوية التي تعتبر نوعاً من أنواع غازات الأعصاب. كما تم الحديث عن غاز السارين.

لا نستطيع نفي ذلك. صور أخرى تشير إلى استخدام مواد قتالية أخرى تؤثر على الجهاز العصبي. هذا كله يتطلب إجراء التحريات في المكان الذي استخدم فيه هذا السلاح. علاوة على ذلك، يجب إجراء فحوصات على المصابين وأخذ عينات دم وبول منهم. هذا كله يساعد على تحليل ما حدث وهكذا.

 

حاورته: كيرستن داوسنت

تحرير: عماد غانم

حقوق النشر: دويتشه فيله 2013