حرب نفسية

أعلنت حركة طالبان عن استعدادها للقيام بهجوم واسع مع بداية الربيع، سوف يشمل مناطق الشمال أيضا. القسم الأعظم من الشعب الأفغاني ينظر الى هذه التهديدات بمنتهى الجدية. راتبيل شامل راقب الوضع وكتب هذا التقرير.

مقاتلو حركة طالبان على ظهر دبابة، الصورة: أ ب
مقاتلو حركة طالبان على ظهر دبابة

​​

يُعتبر شمال أفغانستان هادئاً نسبياً، حيث تدور المعارك مع حركة طالبان وغيرها من المجموعات الإرهابية في جنوب البلاد وشرقها. أما هنا في الشمال فيحاول المواطنون بدء حياة جديدة رغم كل الصعوبات، حيث لا تشكل تهديدات طالبان الأخيرة لأهالي الشمال مصدر قلق شديد، إذ أن ثقتهم كما يبدو لا حدود لها بالقوات الدولية وبالحكومة.

نور الله، وهو خباز في مدينة مزار شريف، لا يعير مثلا تلك التهديدات أي اهتمام ويقول إن "حركة طالبان تهذي، فهي لن تنجح في جر البلاد إلى مستنقع الإرهاب، إذ تنقصها المقومات الاقتصادية والعسكرية الضرورية لذلك."

ويوافقه رضا، وهو بائع زجاج نوافذ في وسط المدينة ذات المسجد الأزرق، على ذلك معتبرا تلك التهديدات مجرد نوع من الدعاية والترويج الإعلامي ويضيف: " في نظري إن ما تفعله حركة طالبان هو نوع من الحرب النفسية، فهي تريد نشر الذعر بين الناس، ولا شيء غير ذلك".

لا يتخيل سكان شمال البلاد عودة حركة طالبان ويرون أن زمن الملا عمر وجنوده قد ولّى بدون رجعة. أما في كابول، على بعد مائة كيلوميتر من الشمال، فالأمر يبدو مختلفاً بعض الشيء. فسكان العاصمة كابول عاشوا تحت وطأة حكم طالبان فترة أطول من تلك التي عاشها سكان الشمال.

خوف وقلق في كابول

كانت حركة طالبان تكره طريقة حياة سكان كابول المدنية، فأغلب النساء في كابول كن غير محجبات وكانت حركة طالبان تعتبرهن مثالاً للرذيلة. أما الرجال فكانوا بنظرهم كفرة جبناء تجرأوا على السماح لنسائهم بالعمل مع الرجال.

تذكر العمليات الانتحارية في كابول باستمرار بوجود حركة طالبان وانها لم تختف تماما، فقد أدى آخر هجوم وقع منذ أسبوع الى مقتل أكثر من أربعة عشر شخصاً في مدينة بانغرام شمال العاصمة كابول. لذا فإن تهديدات طالبان تؤخذ هنا على محمل الجد أكثر من أي مكان آخر. محمد رافح، وهو تلميذ في الصف الثاني عشر، كان عاش فترة الحرب ولكنه يتمنى ألا يعيشها مرة أخرى ويقول: "في الحقيقة أشعر بالخوف وأتمنى ألا تنفذ طالبان تهديداتها بالفعل."

رافح ليس الوحيد بخوفه وآماله بل يشاركه الكثير من سكان كابول هذا الشعور. إلا أن الكابوليين الذين تعودوا على تحمل الآلام لا يريدون الإستسلام. ولكن عبد القاسم، وهو صاحب محل تجاري في حي شاريناو الراقي في كابول فيعلن عن استعداده للقتال. كما يتمنى صاحب محل تجاري بالقرب منه أن يعيش حياة آمنة لا يشوبها الخوف من طالبان، ويقول بكل تحد: "لست خائفاً من طالبان فهؤلاء الناس لم يعودوا يحكموننا الآن، إنهم لا شيء."

طالبان تسيطر على أربع مدن

يشعر سكان العاصمة الأفغانية بالأمان بسبب وجود القوات الوطنية والدولية، إلا أنه كلما ابتعد المرء عن كابول باتجاه الجنوب أو الشرق، ازداد خوف المواطنين وكبرت همومهم بسبب وجود طالبان في حياتهم اليومية. إذ لا يكاد يمر يوم بدون هجمات عسكرية وعمليات انتحارية.

فالناس في مدينة قندهار وولاية أوروزغان لم يتخلصوا نهائياً من طالبان. أما في ولاية هلمند فما زالت أربع مدن تحت سيطرة طالبان. ففي هذه المناطق لا يكاد أحد يجرؤ على الإستهانة بتهديدات حركة طالبان او الشك بأن المواجهة ستكون قاسية.

أما في الجنوب والشرق فإن القوات الأميركية والبريطانية نفسها تعتبر مصدر تهديد للناس، وهو أمر يوضحه عبد الرؤوف، أحد سكان مدينة قندهار بالقول: "نتوقع نحن سكان مدينة قندهار هجمات من قبل طالبان، فيما يتوقع سكان القرى هجمات مضادة للقوات الأميركية والبريطانية على قراهم."

بقلم راتبيل شامل
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2007

راتبيل شامل صحفي أفغاني الأصل يعمل في إذاعة دويتشه فيلله

قنطرة

الناس في أفغانستان يريدون تغييرات ملموسة
مليحة ذو الفقار، السفيرة الأفغانية في ألمانيا تتحدث في هذه المقابلة التي أجراها معها مارتن غيرنر عن مراحل حياتها في الوطن والمهجر، حيث عاشت في أميركا ودرست في ألمانيا وعن مهمتها كدبلوماسية تمثل بلادها

نافذة على الحياة
يعاني الكثير من الأفغان من الصدمات النفسية التي خلفتها أهوال الحرب التي دامت أكثر من عشرين عاما، بدون إمكانية للعلاج النفسي. ولكن ظهرت أخيرا برامج نموذجية للعلاج عن طريق الإستشارات. تقرير كتبه مارتين غيرنر