كسر احتكار الرجال لباب الاجتهاد والتفسير

خرج مؤتمر دولي نظمته مؤسسة فردريش إيبرت الألمانية في مدينة كولونيا تحت عنوان "قوة النساء في الإسلام: توجهات واستراتيجيات نسائية للقرن ال21" وبمشاركة عدد كبير من الشخصيات النسائية الإسلامية بتوصيات تتعلق بتوجهات النساء المسلمات لهذا القرن. نيللي عزت تعرض أهم محاور هذا المؤتمر وفعالياته.

جانب من فعاليات المؤتمر، الصورة: نيللي عزت
دعوات في المؤتمر بكسر احتكار وهيمنة الرجل على باب الاجتهاد والتفسير في القرآن

​​"قوة النساء في الإسلام: توجهات واستراتيجيات نسائية للقرن ال21"- كان هذا عنوان مؤتمر دولي اختتمت أعماله يوم 12 يونيو/حزيران في مدينة كولونيا، حيث قامت مؤسسة فردريش إيبرت الألمانية بتنظيم هذا المؤتمر بمشاركة عدد كبير من الشخصيات والمنظمات النسائية الإسلامية البارزة من مختلف الدول والخلفيات الثقافية. وناقش المؤتمر في جلسات وورش عمل عدة محاور منها؛ فكرة احتكار الرجال لباب الاجتهاد والتفسير فيما يتعلق بالقرآن والسنة وقضايا الشريعة الإسلامية ومدى مطابقتها لواقع العالم المعاصر وحقوق المرأة المسلمة بإصلاح قوانين الأحوال الشخصية والجدل حول الحجاب وخاصة في تركيا.

الدكتورة أمينة ودود، أستاذة التاريخ الإسلامي بجامعة "بيركيلي" في الولايات المتحدة الأمريكية دعت في المؤتمر المنظمات النسائية الإسلامية في العالم إلى كسر احتكار وهيمنة الرجل على باب الاجتهاد والتفسير في القرآن والسنة النبوية. وأشارت إلي أن الإسلام دين أنصف المرأة وأعطاها حقوقها و لكن بعض الرجال ممن قاموا بتفسير القرآن جانبهم الصواب وأعطوا أنفسهم الهيمنة على المرأة وقراراتها، وهو الأمر المخالف لطبيعة الإسلام السمحة التي تعطي الحق للمرأة في تقرير مصيرها مثلها مثل الرجل.

الحل داخل الإسلام وليس خارجه

​​وعبرت ودود عن تمسكها في إيجاد سياقات من داخل الإسلام وليس من خارجه لتتناسب مع روح الحداثة في عالم اليوم، وقالت "إننا كنساء نسعى للحصول على المساواة مع الرجل سواء في اقتحام مجال التفسير والاجتهاد في القران أم في الحصول على حقوق أخرى، متمسكين في الوقت نفسه بإسلامنا، حيث إن الإسلام والمساواة أمران غير متضادين، فالإصلاح يأتي من داخل الإسلام وقيمه الحقيقية وليس بالبعد عنه".

ورأت أن النساء سابقا لم يكن لديهن الحق في الاشتراك في التفسيرات القرآنية، ولم يكن هناك أي مدرسة فقه نسائية، حيث كان الأمر حكرا على الرجال، ولكن لابد لهذا الوضع أن يتغير الآن. فعلي سبيل المثال عندما يتم السؤال عن سن الزواج يقول الرجل في تفسيره إن النبي محمد تزوج عائشة وهي في التاسعة من عمرها، ومن هنا يمكن الزواج بفتاة في مثل هذا العمر. ولكننا كنساء لدينا تفسير مختلف، ونقول للرجل لا يمكنك ذلك لأننا كنا في ال9 من عمرنا ونعلم أن المرأة لا تكون مهيأة للزواج في هذا السن. وقالت "إننا كنساء أجدر بأمورنا الآن من أن نتركها للرجل، ويجب علينا تفسير الآيات المتعلقة بنا وإعطائها سياقا يتماشي مع العصر الحالي".

وأكدت المحاضرة في جامعة "بيركيلي" أنه لابد من تعليم المرأة المسلمة وتثقيفها وتشجيعها على التفكير والاجتهاد. كما طالبت بضرورة سن قوانين تدعم المساواة بين الجنسين في العالم الإسلامي، مشيدة بقانون الأحوال الشخصية بالمغرب وعقد الزواج الجديد في مصر والذي يسمح للمرأة بوضع كافة شروطها على الرجل.

قراءة اجتهادات السابقين

الدكتورة أسنا حسين، الصورة: نيللي عزت
"رؤية معاصرة للإسلام من أجل إزالة الضيم عن المرأة المسلمة"

​​أسنا حسين من إندونيسيا طالبت في ورشة عمل بالمؤتمر حول الشريعة الإسلامية بضرورة التعمق أولا في اجتهادات وتفسيرات العلماء المختلفين قبل الدخول في تفسيرات جديدة، حيث إن هناك علماء قاموا بتفسيرات متناسبة للعصر الحالي ومنهم الزمخشري، وذلك حتى تستطيع النساء الركون إلي أرضية متميزة قبل الدخول في تفسيرات جديدة لنتعلم من مواطن الضعف والقوة في التفسيرات السابقة، بحسب قولها. وأضافت حسين أن مشكلات المرأة المسلمة لا تنبع كلها من الدين، حيث إن معظمها يعود للأحوال الاقتصادية والسياسية السيئة في معظم الدول الإسلامية.

أما المحامية المغربية مليكه بن راضي فألقت الضوء بالمؤتمر على قانون الأحوال الشخصية الجديد بالمغرب، مطالبة بحاجة المجتمع العربي والإسلامي لتغيير نمط الثقافة والعادات السائد فيه تجاه وضع المرأة وخاصة أن الدين الإسلامي أعطي المرأة حريتها كاملة دون الاعتماد على الرجل ولكن العادات والثقافة السائدة هما أسباب التأخر الذي تعانيه المرأة في العالم العربي.

أزمة الحجاب

الدكتورة التركيةأسيا باسيبيويك المتخصصة في العلوم السياسية بجامعة فينا، الصورة: نيللي عزت
"الإعلام الغربي جعل من الحجاب وكأنه أزمة الأزمات"

​​كما ناقش المؤتمر أزمة الحجاب في تركيا وتحدثت الدكتورة التركية أسيا باسيبيويك، المتخصصة في العلوم السياسية بجامعة فينا، أن الحجاب لا يعدو قطعة بسيطة من القماش ولكن نسج حولها الإعلام الغربي الكثير من القصص باعتبار الحجاب رمزا للتطرف والإسلام السياسي. وأكدت في حوار مع موقعنا أن المشكلة تكمن في هذا التعريف السيئ للحجاب والتي يكون الحل طبقا لهذا التعريف التخلص من الحجاب والفتيات المحجبات. ومن هنا ترى ضرورة إعادة تعريف الحجاب بوصفه حقيقة واقعة في دولة تركيا. وقالت إن ما يحدث الآن في تركيا بمنع الحجاب في الجامعات يعد شيئا سيئا للغاية وخاصة أن الإسلام جزء من تركيا بجانب كونها علمانية، فيعود ظهور الحجاب بوضوح في تركيا إلي فترة الثمانينات من القرن الماضي أثناء الهجرة من القرى للمدن التركية.

وأضافت أن الغرب ينظر نظرة غير محايدة للحجاب؛ فهو لا يرتبط بتحرر المرأة لأن التحرر الحقيقي الذي تحتاجه المجتمعات الإسلامية هو حق المرأة في الانتخاب والتعليم والحرية في اختيار ارتدائها الحجاب من عدمه ولابد أن يقف العالم الإسلامي والغربي بقوة وراء ذلك. كما طالبت بالوقوف في وجه أي رجل يفرض على المرأة ارتداء الحجاب أو خلعه رغما عنها باسم الإسلام، لأن ذلك ليس من الإسلام في شيء.

نيللي عزت
دويتشه فيله 2008

قنطرة

حوار مع أوليفر روي:
"التطرف الإسلامي في أوروبا نتاج للتهميش"
يدعو المفكِّر والباحث الفرنسي أوليفر روي إلى التعامل مع عملية اندماج المسلمين والدين الإسلامي في القارة الأوروبية باعتباره "دينًا غربيًا" وذلك من خلال الابتعاد عن ثقافة التغريب وسياسة التهميش والإقصاء التي تشكل تربة خصبة للتطرف والانعزال. ميشائيل هسِّه في حوار مع الباحث المرموق روي.

حوار مع الأمير حسن بن طلال:
حوار الثقافات بدلا من "حوار القباحات"
شدد الأمير الحسن بن طلال على ضرورة بناء هيكلية للمواطنة العالمية بدلا من عولمة المادة الاستهلاكية السائدة. ناصر جبارة وبسام رزق حاورا الأمير حسن في برلين بعد حصوله على جائزة المفكر اليهودي أبراهام غايغر المرموقة تكريما لجهوده في دعم الحوار بين الثقافات والأديان.

مؤتمر المنظمة النسوية "ومنت":
نجاحات للحركة النسوية المغربية ضد الثقافة الذكورية
لم تتحقق بعد كل الأهداف المرجوة فيما يتعلق بالمساواة التامة بين الجنسين في دول الاتحاد الأوروبي والدول المسلمة المتوسطية. تلك كانت الجملة الختامية لمؤتمر خاص في مدينة بون الألمانية نظمته المنظمة النسوية "ومنت" حول مكانة المرأة. لكن على الرغم من ذلك يبقى قانون الأحوال الشخصية الجديد في المغرب خطوة إيجابية في هذا السياق. مونيكا هوغن تابعت أعمال المؤتمر