جنة ذهبية لشركات الأمن الغربية

اقترف التنظيم الإرهابي"القاعدة في بلاد المغرب" في الأسابيع الأخيرة عددًا من الاعتداءات الإرهابية في الجزائر، التي استهدفت أشخاصًا أجانب، مما قد يشكل تهديدا للتواجد الاقتصادي الغربي في البلاد، باستثناء شركات الأمن. بقلم برنارد شميد

الرئيس الجزائري بوتفليقة
الرئيس الجزائري بوتفليقة

​​اقترف التنظيم الإرهابي"القاعدة في بلاد المغرب" في الأسابيع الأخيرة عددًا من الاعتداءات في الجزائر، التي استهدفت أشخاصًا أجانب، مما قد يشكل تهديدا للتواجد الاقتصادي الغربي في البلاد، باستثناء شركات الأمن. بقلم برنارد شميد

في شهر أيلول/سبتمبر في هذا العام قتل مائة شخص فقط في اعتداءات إرهابية، منهم ثلاثة وثلاثون شخصًا لاقوا حتفهم منذ بداية شهر رمضان. عندما حاول انتحاري في السادس من شهر أيلول/سبتمبر قتل الرئيس عبد العزيز بو تفليقة في ولاية باتنة الواقعة شرقي العاصمة. حيث تم اكتشافه في الوقت المناسب قبل وصول الرئيس. وفي تلك الأثناء قام الانتحاري بتفجير العبوة الناسفة التي بحوزته. والحصيلة كانت 22 قتيلاً وأكثر من مئتي جريح.

وفي الثامن من شهر أيلول/سبتمبر فجر انتحاري آخر نفسه في ثكنة لخفر السواحل في مدينة دلس الواقعة في شمال شرق الجزائر؛ حيث أسفر هذا الاعتداء عن قتل أربعة وثلاثين شخصًا.

تبنى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" هذه الاعتداءات الأخيرة. لفتت هذه الجماعة، التي من الجائز أنها تضم حوالي أربعمائة إلى خمسمائة مقاتل هاربين من العدالة وتعتبر آخر جماعة إسلاموية مسلحة في البلاد، الأنظار في الأسابيع الأخيرة من خلال إعلانها عن توسيع نشاطاتها.

رسالة الظواهري الإرهابية على الإنترنت

الشخص الثاني في تنظيم القاعدة الذي يمارس نشاطه الإرهابي على مستوى دولي، أيمن الظواهري، دعا في العشرين من شهر أيلول/سبتمبر أنصاره وأتباعه إلى دعم فرع تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا. كذلك دعا الظواهري في فيلم نشر على الإنترنت هذا الفرع إلى "تحرير المغرب من الفرنسيين والإسبان، الذين استعمروا في السابق منطقة شمال إفريقية".

وفي نفس الوقت قال الظواهري متفاخرًا إنَّ الوقت قد حان من أجل إسترجاع ومواصلة العصر الذهبي للوجود العربي في الأندلس، بعد الفتوحات التي حققها العرب في فجر الإسلام.

إلاَّ أنَّ المعنيين من الجانب الفرنسي يرفضون رفضًا قاطعًا أن تؤدي هذه التهديدات إلى تقييد النشاطات الاقتصادية الفرنسية في الجزائر ويُعلّل هذا الرفض أحيانًا بأنَّ الأوضاع الأمنية في الجزائر أقل مأساوية بكثير عما كانت عليه أثناء الحرب الأهلية في التسعينيات.

صفقات مربحة في الجزائر المزدهرة

لا شك في أنَّ هذا الرفض صحيح من الناحية الموضوعية. إذ أنَّ الكثير من القوى الفرنسية الرائدة تبرر وجودها في الجزائر قائلة: إذا ترك المعنيون الجزائر فعدئذ سوف يسوقون الجزائر إلى يدّ الإرهابيين فقط. وفضلاً عن ذلك تعتبر السوق الجزائرية مربحة جدًا، أكثر من أن تترك بسهولة إلى منافسين آخرين.

يوجد حاليًا في هذا البلد الشمال إفريقي خمسمائة وثمانون شركة فرنسية - تعمل في جميع مجالات الاقتصاد الجزائري: من قطاع البناء (شركة سويس Suez وألستوم Alstom وفينجي Vinci) إلى صناعة المواد الغذائية (شركة دانونه Danone وبيلّ Bell وكاستل Castel) وصناعة المركبات (بيجو Peugeot ورينو Renault وميشلينغ Michelin) وكذلك شركات الأعمال الخدمية (مثل مصرف BNP ومصرف سوسيتييه جينرال Société Général)، وشركة أكورد السياحية أو مجموعة أسواق كارفور Carrefour.

لأول مرة تعرض مؤسسات مالية فرنسية مثل شركة سيتيليم Cetelem التي تعمل في الجزائر منذ شهر آذار/مارس 2006، على المستهلكين الجزائريين قروضًا استهلاكية مباشرة. وافّرت شركة سيتيليم خلال عام ثلاثين ألف قرض استهلاك مدفوعة على أقساط، بقيمة حوالي مائة مليون يورو.

أقامت في العام 2003 شركة مواد التجميل الفرنسية يفيس روشر Yves Rocher أول متجر لها في وسط العاصمة الجزائر، وحاليًا صار يوجد لها 15 مركزًا للمبيعات في المدن الجزائرية الكبرى.

أول فرع لمجموعة أسواق كارفور افتُتح في شهر كانون الثاني/يناير 2006 في العاصمة الجزائر في شهر آذار/مارس 2007 قامت مجموعة الوجبات السريعة كويك Quick، والتي تعتبر المنافس الفرنسي البلجيكي لمجموعة مطاعم ماكدونالدز الأمريكية، بافتتاح أول مطعم من هذا النوع في العاصمة الجزائر، بالقرب من تمثال الأمير عبد القادر الجزائري. ومن المفترض أن يصل عدد فروع هذا المطعم إلى عشرين فرعًا حتى العام 2012.

تنافس اقتصادي على السوق الجزائرية

لا شكّ في أنَّ الفرنسيين لن يتركوا مثل هذه "الجنة الذهبية الاقتصادية الحرة" - التي أُتيحت من خلال نهاية رقابة الدولة على الاقتصاد الجزائري وكذلك من خلال ارتفاع أسعار النفط الخام وكذلك من خلال كميات الأموال المتداولة في الجزائر، ومن خلال تحسين الأوضاع الأمنية ايضا. لا سيما وأنَّ التنافس موجود هناك.

الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبلغ حجم مبيعاتها للجزائر أكثر من 12 مليار يورو، صارت الآن أهم شريك تجاري للجزائر. بيد أنَّ معظم الحضور الأمريكي التجاري لا يزال موجودًا حتى الآن في قطاع النفط - والذي يتمثل بكل من شركة أناداركو Anadarko وهاليبيرتون Halliburton وبيشتيل Bechtel، حتى وإن كانت الصناعة الدوائية وقطاع البنوك وقطاع المعلومات قطاعات مهمة بالنسبة للشركات الأمريكية. أيضًا حيث تعمل في الجزائر حتى الآن حوالي سبعون شركة أمريكية.

تشكّل في هذه الأثناء شركات الأمن وحماية الأشخاص فرعًا تجاريًا جديدًا ومزدهرًا. عدد الشركات الأمنية في الجزائر يبلغ حاليًا حوالي ستين شركة أمنية. ومن المحتمل أنَّ يسهم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب" في المستقبل في زيادة أرباح هذا القطاع التجاري هناك.

بقلم برنارد شميد
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2007