فوز السيسي المحسوم يكرس سيطرة الجيش على اقتصاد مصر

تعاني مصر من ارتفاع في معدلات الفقر والبطالة، في حين يعقد الجيش صفقات اقتصادية ضخمة. وقد عزز الجيش المصري من قوته الاقتصادية عقب الثورة وساعده في ذلك الدعم الأجنبي الذي زاد عقب سقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، كما يرينا ماركوس زومانك من القاهرة.

الكاتبة ، الكاتب: Markus Symank

ما هي إلا أسابيع قليلة، ويصعد الجيش على أغلب الظن لقمة الدولة المصرية مجددا من خلال مرشح رئاسي خرج من صفوفه. ويكاد يكون نجاح المرشح الرئاسي ووزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس والعشرين من الشهر الجاري، مسألة محسومة. وخلف الكواليس استعاد الجيش المصري الذي يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، سيطرته القديمة مجددا وهو ما يظهر بوضوح على المستوى الاقتصادي، إذ اجتذب الجيش مشروعات اقتصادية بالمليارات منذ سقوط نظام الرئيس السابق محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013. ويقول شريف زعزع، الصحفي والخبير الاقتصادي بموقع "مدى مصر"، إن المشروعات الاقتصادية مع الجيش تجتذب الكثير من المستثمرين الذين يعرفون أن الجيش هو صاحب القوة الحقيقية في البلاد في الوقت الراهن.

مليارات من الخليج

في الوقت الذي تعاني فيه الشركات الخاصة من الفوضى العامة وتبعات انعدام الاستقرار السياسي في البلاد منذ الثورة، يبدو أن الجيش لم يتضرر من الأزمة بل إن بعض المراقبين يرون أن استفادته زادت بشكل كبير. وكلفت الحكومة خلال الشهور الماضية شركات تابعة للجيش بعدد من المشروعات الكبرى في مجال البنية التحتية كما أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي قرارا يسمح للحكومة بالتخلي عن المناقصات وإسناد المشروعات لأي شركة في الحالات العاجلة وهي خطوة عادت بالفائدة حتى الآن على شركات تابعة للجيش. وتعود الفائدة أيضا على شركات أجنبية تعقد صفقات مع الجيش كما هو حال الاتفاقية التي أبرمت بين الجيش وشركة أرابتيك الإماراتية لبناء مليون وحدة سكنية بتكلفة نحو 40 مليار دولار.

Ägyptens Übergangspräsident Adli Mansur; Foto: Reuters
Der Armee zu Diensten: Im November erließ Übergangspräsident Adli Mansur zudem ein Dekret, dass es der Regierung ermöglicht, Bauaufträge ohne Ausschreibungsverfahren zu vergeben – ein Schritt, von dem seither vor allem die Firmen der Armee profitieren.

ثمة تعاون وثيق بين الجيش المصري وشركاء اقتصاديين من منطقة الخليج فيما يتعلق بمشروعات عديدة في قطاعات مختلفة من بينها قطاع الطاقة. وترى شانا مارشال مديرة معهد أبحاث الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن أن "العديد من هذه الاتفاقيات تأتي في إطار رغبة قيادات دول الخليج في دعم الجيش المصري "مشيرة إلى رغبة هذه القيادات في أن يحافظ الجيش على نفوذه وسطوته في البلاد.

الاستفادة من أخطاء مرسي

يهدف الدعم السعودي والإماراتي للجيش المصري في المقام الأول إلى التقليل من أهمية جماعة الإخوان، لاسيما وأن العام الذي وصلوا فيه للحكم في مصر أثار الكثير من القلق داخل الأوساط الحاكمة في الخليج. وقد تعامل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي خلال فترة حكمه بحذر مع الجيش، إذ لم يقترب من مصالحه الاقتصادية، إلا أن افتقار مرسي وحزب الحرية والعدالة للشعبية، أعطى الجيش الغطاء المثالي للفوز بالسيطرة الكاملة، كما ترى شانا مارشال موضحة:"قال الجيش لما يجب علينا الاكتفاء بجزء فقط من السيطرة الاقتصادية تحت حكم الحرية والعدالة في حين أنه بوسعنا الاستفادة من حالة الاستياء الشعبي الواسع للفوز بالسيطرة الكاملة".

من المعكرونة حتى النفط

ثمة بيانات مختلفة حول النسبة المئوية التي يسيطر الجيش عليها من الاقتصاد المصري إذ تشير بعض التوقعات إلى تراوحها بين 5 و 60 بالمائة. بحث ميزانية الدفاع والأرقام الخاصة بالجيش تتم عادة بشكل سري لكن الواضح هو أن الجيش يشارك في كافة القطاعات المهمة بداية من تصنيع المعكرونة وإنتاج الأثاث والتليفزيونات وحتى مجال النفط ومشروعات البنية التحتية. وللجيش العديد من المستشفيات والمنشآت السياحية على البحر الأحمر كما يلعب دورا مهما في الزراعة. ويترأس هذه المشروعات غالبا قيادات متقاعدة من الجيش تحقق دخلا كبيرا من هذا العمل الذي يحد من الطموحات السياسية لهذه الشخصيات العسكرية.

Armeeeinheiten vor Stacheldraht und einem Plakat mit der Aufschrift "Hau ab!" vor dem Präsidentenpalast in Kairo im Dezember 2012; Foto: Reuters
كما ترى شانا مارشال أن "الرئيس المصري المعزول محمد مرسي تعامل خلال فترة حكمه بحذر مع الجيش، إذ لم يقترب من مصالحه الاقتصادية، إلا أن افتقار مرسي وحزب الحرية والعدالة للشعبية، أعطى الجيش الغطاء المثالي للفوز بالسيطرة الكاملة".

مزايا عديدة

لا تأتي القيادات العسكرية المتقاعدة عادة بخبرات اقتصادية واسعة، لكن ضمان بقاء هذه الشركات وتعزيز قدرتها على المنافسة يأتي عن طريق آخر، إذ أن هذه الشركات غير مضطرة لدفع ضرائب في الغالب كما أنها تستفيد من الدعم الكبير وإمكانية تشغيل المجندين كعمالة رخيصة.

وفي أعقاب ثورة يناير/ كانون الثاني تعالت الأصوات المطالبة بالحد من هذه الأنشطة الاقتصادية للجيش إلا أن هذه الأصوات بدأت تنخفض، لاسيما مع وجود الإعلام الذي تسيطر عليه الدولة والذي يبرز الجيش على صورة المنقذ من الإسلاميين. لكن شريف زازا يعتقد أن هذه الوضع قد يتغير حال لم يتحسن الوضع الاقتصادي في ظل حكم السيسي أو شهد تحسنا بسيطا. من جهتها ترى شانا مارشال أن حالة الإحباط لدى الكثير من المصريين قد تأتي بتأثير عكسي على هذا الأمر وتوضح رأيها قائلة:" ما يقلق معظم المصريين في حياتهم اليومية بعيد تماما عن قضايا مثل تحقيق المزيد من الشفافية".

 

ماركوس زومانك
ترجمة: ح ز
تحرير: عادل الشروعات
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014