الشخصية الإسلامية لعام 2009

حصل السفير الألماني السابق فيلفريد مراد هوفمان على جائزة تعد من أهم الجوائز في العالم الإسلامي. حيث تم اختياره من قبل لجنة جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم ليكون "الشخصية الإسلامية لهذا العام". أولريكه هومِّل تعرِّفنا بمراد هوفمان - الدبلوماسي السابق والكاثوليكي المولد الذي اعتنق الإسلام.

فيلفريد مراد هوفمان، الصورة أ ب
"اشتهر هوفمان قبل كلِّ شيء بفضل الكثير من الكتب والمقالات التي نشرها حول هذا الدين، وبفضل المحاضرات الكثرة التي ألقاها حول موضوعات إسلامية في أوروبا الغربية والولايات المتَّحدة الأمريكية وفي العالم الإسلامي. "

​​يعتبر الأشخاص الذين حازوا في السابق على هذه الجائزة أكثر من مجرَّد أشخاص بارزين، إذ كان من بينهم أوَّل رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك، علي عزت بيغوفيتش. والآن تم تكريم الألماني الذي اعتنق الإسلام، مراد فيلفريد هوفمان، جائزة تعد من أهم الجوائز في العالم الإسلامي في دبي. حيث بارك رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتَّحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي اختيار السفير الألماني السابق في المغرب والجزائر، مراد هوفمان لجائزة "الشخصية الإسلامية لهذا العام"، وتم تكريمه تقديرًا لخدماته التي قدَّمها للإسلام وخاصة عن كتاباته التي نشرها حول الإسلام.

ومراد هوفمان الذي يبلغ عمره ثمانية وسبعين عامًا أجاب بتواضع على السؤال عن سبب حصوله على هذه الجائزة قائلاً: "أنا لا أعلم بطبيعة الحال كيف تم اختياري". وأضاف أنَّه يعرف فقط أنَّ المرء يريد من خلال إبراز شخص مسلم من بلد غير مسلم، أن يفعل شيئًا نموذجيًا. وهكذا إذن كان من الممكن أن يتم اختيار شخص مسلم من أمريكا أو أوروبا الغربية". ويضيف قائلاً: "وبناءً على ذلك أنا أنظر في الوقت نفسه إلى اختياري لهذه الجائزة باعتباره إشارة واعتراف بما تمكَّن المسلمون عامة في أوروبا الغربية من القيام به من أجل الإسلام".

أحد المسلمين الأكثر شهرة

وفيلفريد مراد هوفمان الذي اعتنق الإسلام في العام 1980 يعتبر واحدًا من المسلمين الأكثر شهرة في ألمانيا وهو أوَّل شخص ألماني اعتنق الإسلام يتم منحه جائزة ضمن إطار "جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم". وكان ذلك مفاجئًا للغاية، إذ لم يعلم هوفمان الذي يعيش في مدينة بون الألمانية باختياره لهذه الجائزة إلاَّ قبل خمسة أيَّام فقط من حضوره حفل توزيع الجوائز المرتبط بدعوة شخصية من قبل حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ويقول هوفمان بفخر إنَّ الفرصة واتته هناك للحديث بشكل واسع مع نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، الشيخ محمد. ومثلما تظهر بعض القصاصات المأخوذة من الصحف فقد قيَّمت بعض وسائل الإعلام المطبوعة في الخليج منح هذه الجائزة لشخص ألماني أكثر من تقييمها للزيارة التي تبعتها من قبل باراك أوباما.

الاقتراب من الإسلام

​​وهوفمان الذي ولد في مدينة أشافنبورغ، درس في البدء القانون في مدينة ميونخ، والقانون الأميركي في كلية القانون في جامعة هارفارد في كامبريدج. وعمل فيما بعد من عام 1961 وحتى العام 1994 في السلك الدبلوماسي - وشغل عدة مناصب من بينها منصب مدير قسم المعلومات في حلف الناتو في بروكسل، وأخيرًا منصب السفير الألماني في الجزائر وثم في المغرب. ويرى محمد أمان هوبوم M. Aman Hobohm، رفيق درب هوفمان منذ أمد طويل والذي اعتنق الإسلام هو الآخر، يرى أنَّ خدمات هوفمان تكمن في الاقتراب من الإسلام بطريقة ذات خصوصية تامة.

وهوفمان الحائز على هذه الجائزة اهتم بشكل مكثَّف جدًا في حياته الخاصة بالفلسفة. كما أنَّه "درس الفلسفة ولهذا السبب من الطبيعي أن يكون مهتمًا بالفلسفة اهتمامًا خاصًا. وهذا واضح وملموس أيضًا في كتاباته الأخرى"، مثلما يقول هوبوم عن صديقه. ويضيف هوبوم أنَّ أوَّل كتاب نشره السفير الألماني السابق، فيلفريد هوفمان حول الإسلام هو كتابه "طريق فلسفي إلى الإسلام" الذي تم نشره في عام 1981، والذي يشكِّل أيضًا أوَّل محاولاته الفلسفية للاقتراب من الإسلام؛ وهذا الكتاب حدَّد كذلك موقف هوفمان كاملاً من تعاليم الإسلام.

تكريم هوفمان الأوروبي معتنق الإسلام

واشتهر هوفمان قبل كلِّ شيء بفضل الكثير من الكتب والمقالات التي نشرها حول هذا الدين، وبفضل المحاضرات الكثرة التي ألقاها حول موضوعات إسلامية في أوروبا الغربية والولايات المتَّحدة الأمريكية وفي العالم الإسلامي. وكذلك كان تعاونه مهمًا في إعداد ترجمة معروفة للقرآن الكريم تم نشرها في العام 1998. وأيضًا في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا يرى المرء أنَّ منح جائزة في دبي لشخص أوروبي للمرة الثانية والآن وللمرة الأولى لشخص ألماني اعتنق الإسلام يعتبر إشارة تشير إلى تكريم أشخاص مسلمين وكذلك تكريم من اعتنقوا الإسلام من بلاد غير مسلمة على خدماتهم.

الإسلام كبدل لأسلوب الحياة الغربية

وعلى الرغم من خدماته ومكانته الرفيعة في العالم الإسلامي، إلاَّ أنَّ فيلفريد مراد هوفمان يعتبر كذلك شخصًا مثيرًا للجدل. فمجرَّد إعلانه أنَّه اعتنق الإسلام في العام 1980 - عندما كان دبلوماسيًا رفيع المستوى يعمل في وزارة الخارجية الألمانية، يعدّ تحديًا. وفي كتابه الذي نشره في عام 1992 تحت عنوان "الإسلام كبديل" يصف هوفمان موضوعات مختلفة من بينها أسلوب الحياة في الغرب والتي ينظر إليها على أنَّها متدهورة - كما أنَّه لم يجني من هذا الكتاب ثمار النجاح فقط.

ويقول أيمن مزيك الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا: "يشرح هذا الكتاب بشكل منطقي جدًا وأحيانًا بشكل فاضح وقاسٍ للغاية يكاد يجعل أنفاس القارئ تضطرب، العيوب ونقاط الضعف والتطورات السلبية في نظامنا". غير أنَّه فعل ذلك بنية مراقب أو خبير، ولكن ليس بنية من يدَّعي أنَّه أعرف الناس بكلِّ شيء ومن ينتقد كلَّ شيء، حسب قول مزيك. وتمت معارضته كثيرًا واتِّهامه خاصة من قبل الأوساط النسوية بأنَّه لا يتم احترام حقوق المرأة بما يكفي في الإسلام الذي يدعو إليه.

وتبلغ قيمة جائزة "شخصية العام الإسلامية" التي تمنحها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم مليون درهم إماراتي (ما يعادل مائة وثمانين ألف يورو). وقد أعلن مراد هوفمان عن نيته التبرّع بجزء من هذا المبلغ للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وذلك من أجل تأسيس مؤسسة تعمل لصالح الإسلام.

أولريكه هومِّل
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله/ قنطرة 2009

ملاحظة: تُرجمت معظم أعمال مراد هوفمان إلى العربية. ترجم عادل المعلم كتابه "الإسلام كبديل" وصدر عن دار الشروق عام 1997. وفي العام نفسه أعاد غريب محمد غريب ترجمة الكتاب تحت العنوان نفسه وصدر عن مكتبة العبيكان بمقدمة لعميد الاستشراق الألماني آنا ماري شيمل ( المحرر).

قنطرة
حوار مع أستاذ التربية الإسلامية بولنت أوجار:
"تخوف مسلمي ألمانيا من فرض إسلام رسمي"

يرى بولنت أوجار، أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أوسنابروك، أنه ينبغي لدولة القانون الألمانية تجنب التدخل في عملية تطور "إسلام ألماني" وفرض رؤيتها عليه، بيد أنه يطالب في الوقت نفسه الجمعيات والمنظمات الإسلامية بأن تعيد النظر في بنيتها وهيكلتها الأساسية. إلباي جوفرجن حاور البروفيسور أوجار.

الإسلام في ألمانيا
لماذا لا تتكلم المنظمات الإسلامية بصوت واحد؟

توجد في ألمانيا أكثر من خمس جمعيات إسلامية كبيرة وعدد أكبر من المنظمات الصغيرة. سبعة من هذه المنظمات فقط قررت مؤخرا تأسيس اتحاد لها، بيد أن بقية المنظمات فضلت أن تكون مستقلة بذاتها. تقرير فيليتز كوكريكول.

نحو اندماج أئمة المساجد في ألمانيا:
برامج تدريبية لتعريف الأئمة بالحياة السياسية الألمانية

في ضوء حقيقة أن معظم أئمة المساجد في ألمانيا هم من الوافدين من تركيا أطلقت ولاية ألمانية برامج تدريبية وتأهيلية لهؤلاء الأئمة لتعريفهم بالنظام الاجتماعي والسياسي في ألمانيا وكذلك العمل على تحسين لغتهم الألمانية من أجل أن تكون المساجد منابر للاندماج الإيجابي. ميشائيل هولينباخ يعرفنا بهذه التجربة.