الناشطة اليمنية توكل كرمان أول إمرأة عربية تفوز بجائزة نوبل للسلام

جاء إعلان خبر فوز الناشطة اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيسة ليبيريا الين سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غبويي هذا العام بمثابة إعلان تأييد ودفعة قوية من قبل لجنة نوبل للثورة اليمينية وللربيع العربي.

بالنسبة للناشطة اليمنية توكل كرمان فجائزة نوبل للسلام لا يمكن اعتبارها تتويجاً لمسيرتها الحقوقية والسياسية حيث لا يزال الطريق أمام توكل وزملائها في البلدان العربية طويلاً من أجل تحويل حلم التغيير إلى واقع حقيقي.

لهذا أهدت توكل فوزها بجائزة نوبل إلى كل نشطاء الربيع العربي، مؤكدة أن الجائزة يفترض أن تمنح "إلي الشعب اليمنى المرابط في الساحات". وقالت كرمان لقناة الجزيرة في اتصال هاتفي من ساحة التغيير معقل الاحتجاجات في العاصمة اليمنية صنعاء إن هذا النصر هو للشباب أولا وأخيرا وإن اليمنيين النشطاء يحتشدون هنا لينالوا الحرية واستطردت "إن مشروع الحرية والكرامة للشعوب العربية أصبح شيئا يعترف به عالميا... هذا هو فوز الشباب أولا وأخيرا نحن سنعمل من اجل انتزاع حريتنا وكرامتنا الكاملة غير منقوصة ولا حرف".

من كلية التجارة إلى العلوم السياسية

ولدت توكل كرمان في 7 فبراير 1979، حيث تنحدر أسرتها من منطقة ريفية بمخلاف شرعب في محافظة تعز، ثم انتقلت الأسرة بعد ذلك إلى العاصمة صنعاء، والدها هو القانونى والسياسي اليمنى عبد السلام خالد كرمان، وهو أحد الأسماء البارزة في الحياة السياسية اليمنية حيث تقلد قبل ذلك منصب وزير الشؤون القانونية وشؤون مجلس النواب، كما أنه عضو اللجنة الدستورية والقانونية في مجلس الشورى. وبالتالى فقد كان له تأثير كبير على ابنته "توكل" التى تخرجت من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء وحصلت على بكالوريوس تجارة عام 1999 .

وقامت توكل أيضا بدراسة العلوم السياسية التى حصلت فيها على درجة الماجستير كما نالت دبلومة عامة في التربية من جامعة صنعاء وحصلت على دورة تدريبية في مجال الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى دبلوم كامبرديج في اللغة الإنجليزية وآخر في البرمجة اللغوية العصبية.

رغم أن توكل تعتبر أول امرأة عربية تفوز بهذا الجائزة، إلا أن فوزها لا يعتبر فقط تكريم لدور المرأة العربية وجهودها في الثورات العربية، بل هو تكريم للربيع العربي في كل البلدان
رغم أن توكل تعتبر أول امرأة عربية تفوز بهذا الجائزة، إلا أن فوزها لا يعتبر فقط تكريم لدور المرأة العربية وجهودها في الثورات العربية، بل هو تكريم للربيع العربي في كل البلدان

​​

وإلي جانب دراستها المتنوعة فتوكل عضوه ناشطة في عدد من الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى المحلية والعالمية فهى عضوه نقابة الصحافيين اليمنيين وعضو اتحاد الصحافيين العرب وعضو اتحاد الصحافيين العالميين وعضو صحافيين لمناهضة الفساد (YEMENJAC) وعضو المنظمة الدولية للصحافة (IRE) وعضو مؤسس منتدى (WANA) لدول غرب آسيا وشمال إفريقيا وعضو منظمة الخط الأمامي FRONT LINE وعضو منظمة العفو الدولية.كما أنها أم لثلاث أبناء وعضو في مجلس شورى حزب الإصلاح الإسلامي المعارض حيث تعرف بتصديها للتيار السلفي داخل هذا الحزب.

كرمتها السفارة الأمريكية لشجاعتها في الثورة اليمنية ومنحتها جائزة الشجاعة، كما تم اختيارها من قبل منظمة مراسلون بلا حدود الدولية التي يوجد مقرها في باريس، كواحدة من سبع نساء كبار أحدثن تغييراً في العالم.

معارك ساحات الحرية

بدأت توكل نضالها من أجل حرية الرأى والتعبير في اليمن منذ 2006 حيث كانت من أكثر المدافعين عن حرية الصحافة في اليمن وذلك من خلال مقالتها في عدد متنوع من الجرائد والمجلات اليمنية. لكن منذ 2007 تزايدت انتهاكات النظام اليمنى لحقوق الإنسان وحرية الإعلام من خلال المحاكم الاستثنائية للصحفيين ومصادرة أعداد بعض الجرائد إلى جانب سحب تراخيص بعض الصحف الأخري، وبدأت توكل تصعد في لهجتها الناقدة لنظام الرئيس على عبد الله صالح كما أخذت في تنظيم الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات في ساحة أمام مقر رئاسة الوزراء أطلقت عليها مع زملائها من النشطاء في مجال حقوق الإنسان "ساحة الحرية".

في بدايات عام 2011 وبعدما انفجرت الثورات والمظاهرات العربية بعدما قام الشاب التونسي "بو عزيزى" بحرق نفسه احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية وعنف السلطة البوليسية، انفجرت الثورات والمظاهرات العربية. وكانت توكل على رأس الداعين لمظاهرات اليمن التى أشعلت الثورة اليمنية لكن قامت قوات الرئيس عبد الله صالح باعتقالها مساء السبت الـ23 من يناير 2011 بتهمة إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخصة لها قانونا والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام. أثار اعتقال توكل موجة احتجاجات واسعة داخل وخارج اليمن، وأمام تلك الضغوط أفرجت السلطات اليمنية عن توكل بعد أقل من 24 ساعة من اعتقالها.

خطيبة الثورة اليمنية

اعتقال توكل زاد من شعبيتها وضاعف من حجم التعاطف معها، ومع استمرار المسيرات والاحتجاجات في كافة المدن اليمنية، كانت توكل أحد أبرز الوجوه الحاضرة دوماً، حيث كانت تظهر على المنصات الخشبية في ساحات التغيير أمام جامعة صنعاء لتلقي خطابات وبيانات ينصت لها مئات الآلاف من المتظاهرين.

كما لعبت توكل دوراً سياسياً وحاولت جاهدة توحيد صفوف المعارضة، كما سافرت إلى "حضر موت" في سبتمبر الماضى للقاء رموز المعارضة الجنوبية وإقناعهم بتبني نهج الثورة والاندماج مع التيارات المعارضة الآخري في الشمال. رغم ذلك تعرضت توكل للكثير من حملات التشويه والتحرشات الأمنية، فخصومها من الحزب الحاكم يتهمونها بتلقي أموال من السفارة الأمريكية في صنعاء ومن منظمات دولية، وأنها واحدة من أدوات تنفذ أجندة خارجية تستهدف زعزعة استقرار وأمن اليمن. وفي يونيو الماضى تم اختطاف أخوها الشاعر طارق كرمان، كما تم السطو على مكتب منظمتها "صحفيات بلا قيود" وتخريبه.

تكريم للثورات العربية كلها

رغم أن توكل تعتبر أول امرأة عربية تفوز بهذا الجائزة، إلا أن فوزها لا يعتبر فقط تكريم لدور المرأة العربية وجهودها في الثورات العربية، بل هو تكريم للربيع العربي في كل البلدان لهذا حظى فوز توكل بترحيب كبير من جانب كل النشطاء خصوصاً الشباب في مختلف الدول العربية. فعلى موقع تويتر قال الناشط المصري وائل غنيم الذي كانت التكهنات تشير إلى احتمال فوزه بجائزة نوبل للسلام هذا العام أنه فخور بفوز اليمنية توكل كرمان بالجائزة، وهنأها قائلاً "مبروك لتوكل كرمان فوزها المستحق بنوبل، كعربي فخور بفوزها". وأضاف "جائزتنا الكبرى جميعا أن تكون دولنا أكثر ديموقراطية واحتراما لحقوق الانسان". وقالت إسراء عبد الفتاح التي كانت تذكر أيضا من بين الشخصيات المرشحة للفوز بالجائزة "مبروك لتوكل والمرأة العربية فوزها بنوبل للسلام". وأضافت في تعليق على تويتر "اشعر بكل الفخر لفوز الشباب العربي والمصري لمجرد ترشحهم وربنا يقدرنا لنحقق لمصر ما هو أكثر من اي جائزة".

وفي أوسلو حيث أعلنت الجائزة قال رئيس لجنة نوبل ثوربورن ياغلاند ان توكل كرمان ورئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف و"المناضلة من اجل السلام" الليبيرية ليما غبويي كوفئن على "نضالهن السلمي من اجل ضمان الأمن للنساء وحصولهن على حقوقهن للمشاركة الكاملة في عملية بناء السلام".وأضاف ثوربورن ياغلاند "لا يمكننا تحقيق الديمقراطية والسلام الدائم في العالم إلا إذا حصلت النساء على الفرص نفسها التي يحصل عليها الرجال للتأثير على التطورات على جميع مستويات المجتمع".

دويتشه فيله 2011