عادل إمام ... والمثيرون لـ"الازدراء"

تتساءل الإعلامية المصرية أميرة عبد الرحمن في تعليقها التالي حول طبيعة التغيرات التي شهدتها مصر حتى نكتشف فجأة أن القضاء المصري- فى أولى درجاته - يوجب الحبس والغرامة على بعض أفلام عادل إمام باعتبارها مسيئة للإسلام؟! وهل يرتبط هذا القرار بالقوانين المدونة أم بصعود تيارات سياسية جديدة وهبوط أخرى!

ازدرى.. يزدرى.. ازدراءً.. فهو مزدرٍ.
على طريقة عادل إمام فى شاهد ماشفش حاجة: «ألحت تلح إلحاحاً- أصرت تصر.. إلحاحاً»، طالعت أصل هذا الفعل الخماسى الذى يعنى تحقير الشيء والاستخفاف به فالمزدرى بالدين هو من يسخر منه ويحقر من شأنه. أما المثيرون للازدراء- الذين أتحدث عنهم- فهم أولئك الذين يحسبون أنفسهم دائما أكثر منك ومنى إيمانا.


أو لعلهم لا يثيرون الازدراء بقدر ما يستحقون الشفقة وربما العلاج مما هم فيه من أوهام مرضية تصور لهم أنهم- بالضرورة- أكثر من غيرهم قربا إلى الخالق، وغيرة على دينه الحنيف، متناسين أنه لا أفضلية لعربى على أعجمى إلا بـ«تقوى الله»، تلك التى لا يَـشـق عنها القلوب إلا هو عز وتعالى عما يفعلون باسمه وباسم الدين.


بأيهم نبدأ؟ «فهم كثرُ»! بمغتالى فرج فودة؟ أم مكفرى نجيب محفوظ؟ أما مفرقى نصر أبوزيد عن زوجته؟ أم مهدرى دم سيد القمنى؟! تاريخ الجماعات «المتأسلمة» حافل بالجهل والخرافات.


أحدث تهم «ازدراء الإسلام» يواجهها الآن الفنان عادل إمام الذى قضت «محكمة جنح القاهرة» فى 24 الماضى بحبسه 3 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه. وذلك قبل يومين من رفض «محكمة جنح العجوزة»، الخميس، قبول دعوى ضده مع عدد من الفنانين الآخرين بتهمة مماثلة.

الظلاميون أشهروا تهمة "ازدراء الأديان"

أعمال النجم المصري عادل إمام المسرحية والسينمائية تقابل بانتقادات شديدة من إسلاميي مصر
يقول بعض السينمائيين إن السينما المصرية تتلقى ضربات قوية من عدة أطراف في محاولة للتضييق على ما يصفونه بـ "حرية الإبداع". الفنانون وبعض المثقفين أيضا دقوا ناقوس الخطر محذرين من أن تكون السينما ضحية للصراع السياسي في مصر.

​​

لا تعليق على قرارات القضاء التى لا أعى حيثياتها، وإن بدت محيرة. لكنى أستغرب تلك التهمة الجاهزة التى أشهرها الظلاميون بالقانون، بعد سنوات طويلة على إنتاج وإذاعة تلك الأفلام، علما بأننا لم نسمع بعد أن البنود المتعلقة بحرية الإبداع وحق التعبير قد تغيرت عما كانت عليه فى النظام السابق.


فما الذى تغير؟ كيف نكتشف فجأة أن القضاء المصرى- فى أولى درجاته- يوجب الحبس والغرامة على بعض أفلام عادل إمام باعتبارها مسيئة للإسلام؟! الشارع يتساءل ما إذا كان القرار يرتبط بالقوانين المدونة؟ أم بالمتغيرات السياسية على الساحة وصعود تيارات وهبوط أخرى!


لست من المولعين بالفنان عادل إمام بالمناسبة، بل إن طريقة إقحامه للعنصر النسائى فى أفلامه لا تستهوينى، مع احترامى له. لكن تصادف أنى شاهدت- واستمتعت- بغالبية الأفلام التى أوردتها صحيفة الدعوى المرفوعة ضده، والتى تتهمه خلالها بـ«ازدراء الإسلام».


فتشت مثلا فى مشاهد «حسن ومرقص»، «طيور الظلام»، «الإرهاب والكباب» وغيرها عن «إفيه» واحد يسىء لـ«الإسلام»، فلم أجد سوى سيناريو ينتقد بسخرية لاذعة الكثير من المنافقين فى حياتنا، من الذين يتحدثون باسم الدين، متخفين وراء لحية وجلباب.
فهل لأنهم اختاروا، «ولهم حرية الاختيار»، مظهرا أطلقوا عليه «إسلاميا» لا يحق عندئذ للرأى العام انتقادهم؟ وهل فى انتقادهم ثمة مساس بالدين؟! من أين يأتون بهذا المنطق المفرط فى سذاجته؟ «من أنتم» كى تعتبروا انتقاد سلوكياتكم المشينة انتقاصا من الدين الإسلامى بعزة قدره، وسمو مكانته وجلاله؟!


يحضرنى عادل إمام وهو يشرح لسهير البابلى معنى كلمة «ولايا» فى «مدرسة المشاغبين»، قائلا: «ولايا فى الزمخشرى جمع ولية، والولية هى التى تولول على جوزها لما يموت». فى مصر، نولول على حال البلد ممن وثبوا عليها بأفكار جاهلية، فأرجوكم كفوا أيديكم عن الإسلام لأنكم أشر من يمثله.

 

أميرة عبد الرحمن
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق النشر: المصري اليوم 2012