الجدل حول إباحة استخدام التعذيب

يشير التقرير الجديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن نسبة انتهاكات حقوق الإنسان في تزايد مستمر، كما أشار التقرير إلى موضوع تعذيب السجناء. تعليق هاينريش برغشتريسر من الدويتشه فيلله

غلاف التقرير الجديد

​​يشير التقرير الجديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن نسبة انتهاكات حقوق الإنسان في تزايد مستمر، كما أشار التقرير إلى موضوع تعذيب السجناء. تعليق هاينريش برغشتريسر من الدويتشه فيلله

عندما تنشر منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي، تنتظر الحكومات والأحزاب المعارضة ومنظمات حقوق الانسان في مختلف دول العالم، تقريرا موضوعيا وصريحا لوضع حقوق الانسان في العالم. ولم تغير المنظمة من سياستها، إلا أن الشيء الجديد هو تردي أوضاع حقوق الانسان، حيث أن هذا الاتجاه الذي بدأ خلال السنوات الماضية القليلة، أخذ بالتفاقم.

وتشير الأرقام التي نشرتها منظمة العفو الدولية في تقريرها أن عدد الانتهاكات في تزايد مستمر. والأرقام المنشورة توجه أصابع الاتهام الى الحكومات التي تتغافل حقوق المعارضين المسلحين والأفراد العزل والحقوق الانسانية للشعوب مع تغلغل معايير جديدة.

وفي الحقيقة لم يأت التقرير بمستجدات، إنما تطرق الى الدول المذنبة والمعروفة منذ سنوات عديدة، مثل كولومبيا وجمهورية كونغو الديمقراطية والنيبال والشيشان والصين التي كانت دائما في صدارة الدول التي تنتهك حقوق الانسان.

وما هو جديد في التقرير هو أن هذه الدول لم تعد تحتل رأس القائمة منذ اندلاع الحرب في العراق ومنذ تفاقم أزمة الشرق الأوسط ومنذ أن تصدرت الحرب ضد الارهاب أجندة بعض الحكومات.

وأحرج موضوع تعذيب السجناء جميع المدافعين عن حقوق الانسان، حيث أنه اخترق المحرمات وبات محور جدل في عدد من الدول الديمقراطية، مع احتدام النقاش حول إباحة التعذيب، وهذا ما يمكن اعتباره بمثابة هجوم على النظام والقانون والأسس التي ترتكز عليها الديمقراطية.

وزاد الطين بلة عندما بدأت بعض الدول الغربية بالاعتماد على شركات خاصة في عملية توفير الأمن، المجال الذي كان محتكرا من قبل الحكومات في الماضي وأصبح انتشاره يزداد تدريجيا بسبب النجاح الذي احرزه في مكافحة الارهاب والجرائم. ومنذ أن تحول الأمن الى بضاعة ثمينة وقيمة، بدأت الأسس الديمقراطية بالانصياع الى متطلبات الأمن، علما بأنها الأسس التي تحمي الحريات الشخصية والحقوق المدنية وتبقى الوسيلة الفعالة الوحيدة لمكافحة الارهاب.

وقدمت منظمة العفو الدولية تقريرها تحت شعار: "مقاومة الانتقاص من القيم الأساسية" منطلقة من الخطر الذي ينتج عن ازدياد نفوذ السياسة والاقتصاد. ولا يجوز الاكتفاء بالموافقة على هذا التقرير بل إن التضامن معه مهم، إذا ما أراد المرء ألا تستسلم الديمقراطية الى الأنظمة الرجعية وأن تعود الى العقود الاستبدادية.

بقلم هاينريش برغشتريسر، دويتشه فيلله 2004
ترجمة: لينا هوفمان

تقرير منظمة العفو الدولية هنا