موقف أوروبا من فضيحة سجن أبي غريب

يتوجّب على ألمانيا أن تتخذ موقفا حازما، ليس من الولايات المتّحدة فحسب، بل أيضا من بريطانيا العضو في العائلة الأوروبية. تعليق بيتر فيليب من الدويتشه فيلله

سجن أبي غريب، الصورة: أ ب
سجن أبي غريب

​​

بلا شك أن موقف وزير الخارجيّة الألماني يوشكا فيشر حرج للغاية، إذ هو يعي جيّدا أن من واجبه التّطرق الى أعمال التّعذيب التّي تعرّض لها السّجناء العراقيون وذلك خلال زيارته الرّسمية للولايات المتّحدة. علما بأنّ العلاقات بين ألمانيا والولايات المتّحدة تميّزت منذ فترة ليست بالبعيدة بالبرود والجمود بسبب موقف ألمانيا الرّافض لحرب العراق. وبلا شكّ لن يلعب يوشكا فيشر خلال زيارته هذه دور الواعظ، ولكن من المفروض أن يحتوي جدول أعماله مسألة تعذيب السجناء والتّأكيد على خطأ ما اُقترف في حقّهم.

من واجب وزير الخارجية الألمانية أن ينبّه واشنطن بأسلوب ودّي لكن حازم الى أنّ اللّجوء الى وسائل التّعذيب أمر مخالف للمبادئ المشتركة المصرّح بها. وأنّ الاعتذار العلني ليس بكاف: اذ يجب منع مثل تلك الممارسات منعا باتّا ومحاسبة المذنبين. وفي الحقيقة لم يستأ أعضاء الجيش الأمريكي وحدهم لدى مشاهدتهم للصور الشّنيعة التّي التقطت في سجن أبوغريب بل والسّياسيون أيضا. هؤلاء السّياسيون المتورّطون الى حدّ ما في هذه المسألة أو على الأقلّ اللّذين سمحوا بمثل هذه الأعمال.

انّه من السذاجة بمكان الاعتقاد بأنّ واشنطن ستعير تحذيرات الوزير الألماني فيشر اهتماما ما، فواشنطن لا زالت تؤمن بواجبها في الكفاح في سبيل الخير. على الرّغم من ذلك فلتحذيرات يوشكا فيشر غاية أخرى لا تقلّ أهمية عن الأولى وهي أن يوضّح للسّياسيين الأمريكيين بأنّ الألمان لا يزالون ملتزمين بقدسيّة المبادئ الأخلاقيّة للدّيمقراطية. ومن خلال تحديد الموقف الرّافض لمثل هذه الانتهاكات في العراق يؤكّدون على تمسّكهم بمبادئ حفظ كرامة الانسان وحقوقه والتّي ينصّ عليها الدّستور الأساسي الألماني.

يتوجّب على ألمانيا الظّهور بمظهر الحزم، لا فقط أمام الولايات المتّحدة وحدها ولكن أيضا أمام بريطانيا والتّي تعتبر عضوا في "العائلة الأوروبية" وتحظى بالتّقدير. كما على أوروبا أن تبدأ باصلاح ذاتها أوّلا وبنشر النّظام في ربوعها لكي تكون بذلك جديرة بالثّقة.

ينبغي على الاتّحاد الأوروبي ايجاد طرق عمل أو آليّات ما يستخدمها في ردع عصيان بعض أعضائه والاّ ستتكبّد الجماعة الأوروبيّة كلّها الأضرار. ويصدق على الأوروبيّين القول بازدواجيّة مواقفهم. فالبرلمان الأوروبي مثلا يطالب عالميّا بالالتزام بمبدأ حقوق الإنسان في حين ينتهك أحد أعضائه هذه الحقوق؟ أو كيف بإمكان الأوروبيّين التّوفيق في مهمّتهم بتنشيط الحوار واحياء التّعاون مع العالم الاسلامي والتّأكيد على صدق عزمهم هذا، في حين يقابلون تورّط أحد دولهم في أعمال مهينة لحرمة الانسان بالاستغراب وعدم الاكتراث؟

بقلم بيتر فيليب، دويتشه فيلله 2004
ترجمة زينب كادي