حجب تويتر ويوتيوب مؤقتاً في تركيا.."مناورة إردوغانية"

يرى الصحافي الألماني ميشائيل مارتنس في تعليقه التالي من اسطنبول أن حجب رئيس الوزراء التركي إردوغان لموقع تويتر، في يوم 21 / 03 / 2014، ولموقع يوتيوب قبل يومين على الانتخابات المحلية التركية المقررة في 30 / 03 / 2014، هو إجراء غير ديمقراطي بوضوح. لكنه يرى أنها ليست إلا مناورة دفاعية-هجومية تخللت حملة إردوغان الانتخابية، ويستدرك قائلاً: "مَنْ يعتقد أن إردوغان أحمق (بإجرائه هذا) فهو يستخف برئيس الوزراء التركي".

الكاتبة ، الكاتب: ميشائيل مارتنس

النقاش الدائر حول موقع تويتر يهيمن عليه مستخدمو هذا الموقع. وهم يعتبرون أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ليس غير ديمقراطي فحسب، بل إنه شخص غبي أيضًا. ويقولون كذلك إنَّ محاولات فرض الرقابة على الإنترنت آلَت في آخر المطاف وبقوة مزدوجة إلى الرقيب. في الواقع إنَّ إجراءات إردوغان غير الديمقراطية واضحة لا يمكن إغفالها - بيد أنَّ مَنْ يعتقد أنَّ إردوغان أحمق ولم يكن يعرف سهولة تجاوز الحجب المفروض على موقع "تويتر"، فهو يقلِّل بذلك من شأن رئيس الوزراء التركي.

 فقد أعلن إردوغان بنفسه ذات مرة عن أنَّه يعرف كيف يتعامل مع الرقابة المفروضة على الإنترنت. كذلك بات من الواضح أنَّ فرضية إقدام إردوغان على حجب موقع تويتر بسبب تحميل تسجيلات هاتفية لمكالمات تكشف عن فساده المالي، هي فرضية غير مجدية. وإذا كان إردوغان يريد في المرحلة النهائية قبيل الانتخابات البلدية في الثلاثين من شهر أيَّار/ مايو 2014 عدم السماح بظهور تسجيلات جديدة أو الحيلولة دون انتشار التسجيلات القديمة، فحينئذ لا يجب عليه إيقاف موقع تويتر وحده، بل إيقاف خدمة الإنترنت برمتها.

الرئيس التركي عبد الله غول
انتقد الرئيس التركي عبد الله غول الجمعة (21 آذار/ مارس 2014) في حسابه على تويتر حجب موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من قبل حكومة رجب طيب أردوغان، قبيل أيام من الانتخابات المحلية. وكتب الرئيس التركي غول في تغريدة "لا يمكن الموافقة على الحجب التام لشبكات التواصل الاجتماعي ... آمل ألا يستمر هذا الوضع طويلا".

قد يشعر إردوغان أن الانتقادات الموجّهة لاستيائة والمنشورة على شبكة الانترنت بمثابة خيانة جماعية لشخصه؛ ولكن هل كان أعمى عن الواقع إلى حدّ أنَّه لم يكن يعرف أنَّ فرض الرقابة على شبكة الإنترنت عمل قليل الفعالية؟ هذا احتمال مستبعد.

دفاع هجومي

 في الواقع تطابق أحدث مناوراته روح دفاع هجومي تتخلّل حملته الانتخابية برمتها؛ ولا يوجد فيها أي مكان للألوان المتوسطة. كما أنَّ طبقة مستخدمي موقع تويتر الشباب الأتراك سكّان المدن والحاصلين على مستوى تعليم أعلى من النسبة الوسطية، والمحقون الآن في غضبهم على الرقابة المفروضة من قبل إردوغان، لا يمثِّلون على أية حال ناخبي إردوغان التقليديين. بل إنَّ مَنْ يصوّت لصالح إردوغان هي تركيا المحافظة، أي تلك المناطق السهلية وهضبة الأناضول. وهناك لا توجد لدى العديد من الأهالي في تلك المناطق أية إمكانية للوصول إلى شبكة الإنترنت، أمَّا الأشخاص الذين يملكون ذلك، فهم لا يكتبون أية تغريدات على موقع تويتر.

حجب موقع تويتر
قال بعض مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي في يوم حجب تويتر إنه تم حجب الموقع في خضم حملة على الشبكة العنكبوتية في تركيا. وأضاف هؤلاء النشطاء أنهم لا يستطيعون تحميل الموقع، في حين تم تحويل آخرين إلى موقع إلكتروني رسمي، يحمل رسالة مفادها أن أمرا قضائيا صدر بتطبيق "إجراءات حماية".

 وعلاوة على ذلك فإن الجماهير الواسعة في تركيا تحصل على المعلومات من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، والتي يدور فيها الحدث حول مؤامرة (خارجية) ضدّ تركيا. ومضمون هذا الحديث ألاَّ أحد يستطيع المحافظة على وحدة البلاد والأمة إلاَّ زعيم قوي مثل إردوغان.

 وإذا قُدِّر الآن في الواقع حدوث مظاهرات جديدة ضد الحكومة التركية وأعمال عنف، فمن الممكن أن يكون حتى هذا الأمر مناسبًا لحسابات إردوغان. ومن الممكن أن تتحقَّق استراتيجية إردوغان - على الأقل في هذه المرة أيضًا.

 

ميشائيل مارتنس

ترجمة: رائد الباش

تحرير: علي المخلافي

حقوق النشر: فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ/ قنطرة 2014