كسر موضوع محرَّم

قام بعض الخارجين عن الإسلام في ألمانيا بالإعلان رسميًا عن ارتدادهم عن الدين، وأسَّسو جمعية تهدف إلى تمثيل المسلمين العلمانيين في ألمانيا. تقرير من عبد الأحمد رشيد

​​

الصحفية أرزو توكر من الأعضاء المؤسِّسين لجمعية "المجلس الأعلى للمسلمين السابقين". لقد أبرزت من خلال كلمتها التي ألقتها خلال المؤتمر الصحفي بصيغة مأساوية قرارها الذي اتَّخذته قبل عدَّة سنين للتخلِّي عن اعتناق الإسلام:

"أُعلن بناءً على مواثيق حقوق الإنسان وبناءً على القانون الأساسي وبناءً على البرلمان الأوروبي وقراراته أنَّني خرجت عن الإسلام. حتَّى وإن كان الدين يقول إنَّ هذا غير مسموح لي فإنَّني أُعلن رسميًا أنَّني خرجت عن الإسلام".

قامت أرزو توكر بالإعلان عن خروجها عن الإسلام في تصريح رسمي بسبب حاجتها الماسة لذلك. إذ أنَّ الناس في ألمانيا وكذلك أيضًا في أوروبا سكتوا لفترة طويلة على انتهاكات حقوق الإنسان العنيفة، التي تُقترف باسم الإسلام - على حدّ قول أرزو توكر:

"في الوقت الذي كنَّا نجلس فيه ها هنا، حُكم في مصر على شاب يبلغ عمره 22 عامًا بالسجن طيلة أربعة أعوام وذلك بسبب إدلائه بحديث انتقد فيه الدين"، حسب تعبير أرزو توكر.

إطلاع المجتمع الألماني على مواضيع محرَّمة

رافقت المؤتمر الصحفي إجراءات أمنية مشدَّدة، وذلك بسبب تلقِّي بعض أعضاء هذا الجمعية تهديدات بالقتل منذ تأسيسه في نهاية شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام في كولونيا وهم منذ ذلك تحت حماية الشرطة. مثل المحامية الإيرانية المقيمة في كولونيا مينا أحادي، مؤسِّسة ورئيسة هذه الجمعية.

لقد تمّ اختيار اسم الجمعية عن قصد، إشارةً إلى المجلس الأعلى للمسلمين الموجود في ألمانيا منذ عدَّة سنين، حسب قول مينا أحادي:

"لقد اخترنا اسمًا استفزازيًا، لأنَّه لم يبد أيّ أحد اهتمامه بنا إلى الآن. كنَّا نسمع مرارًا وتكرارًا أشياء إمَّا عن منظَّمات واتِّحادات إسلامية أو عن نساء يرتدين الحجاب أو عن الدين الذي يمتاز بمثل هذا التاريخ ذي الثقافات المتعدِّدة. لكن لم ينظر إلينا أيّ أحد".

وتسعى مينا أحادي التي تخلَّت هي الأخرى عن إيمانها بالإسلام قبل عدَّة سنين مع رفاقها إلى وضع الاصبع على الجرح وإلى التشهير ببعض المواضيع المحرَّمة لدى المسلمين في ألمانيا. تقول مينا أحادي إنَّ هذه المواضيع لا تزال حتَّى الآن طيّ الكتمان أو أنَّها تُطرح بصورة مُحسَّنة.

اتِّحاد لتمثيل المهاجرين المسلمين

يستهدف هذا الاتِّحاد الجديد بنقده على وجه التحديد الجمعيَّات الإسلامية الكبيرة الموجودة في ألمانيا. إذ أنَّ هذه الجمعيَّات تعتبر قبل كلِّ شيء مسؤولة عن الأوضاع المزرية، التي يعاني منها الكثير من المسلمين في ألمانيا - على حدِّ وصف مينا أحادي. وبهذا تعلن المحامية، البالغة من العمر خمسين عامًا والتي كانت تعمل في إيران ضدّ النظام الإسلامي المتشدِّد، عن نهاية زمن الجمعيَّات الإسلامية في ألمانيا:

"من اليوم فصاعدًا انتهى زمن هذه الجمعيات الإسلامية. من الممكن لهذه الجمعيات أن تتحدَّث عن نفسها ولكن ليس عن ثلاثة ملايين ونصف مليون مسلم في ألمانيا".

لقد فقدت أغلبية المسلمين مع الوقت العلاقة مع دينها، على حدِّ قول الصحفية أرزو توكر، نائبة لرئيسة "المجلس الأعلى للمسلمين السابقين" . لذا فقد طالبت بأن تتولى هذه الجمعية تمثيل أغلبية المسلمين في ألمانيا:

"إنَّ الإسلام غير مطبوع بطابع تنظيمي أو مؤسَّساتي مثل الكنيسة. وبما أنَّه يوجد رجال يؤسِّسون منظَّمات وجمعيَّات ويتظاهرون بأنَّهم يمثِّلون المهاجرين المسلمين البالغ عددهم ثلاثة ملايين ويتكلَّمون باسم الإسلام، فمن المنطقي أن نقوم بتأسيس هذه الجمعية. باستطاعة أعضاء منظَّمة ملِّي غوروش Milli Görüs ورفاق الشرِّ الآخرين أن يمثِّلوا أنفسهم وأن يطرحوا مواضيعهم الخاصة بهم. لكن ليس أن يقوموا بتمثيل أغلبية المسلمين. نحن أي منظَّمتنا نمثِّل 2990000 شخصًا".

بدء عمليات إصلاحات داخلية

ويسعى أعضاء هذه الجمعية الجديد البالغ عددهم حوالي 120 عضوًا قبل كلِّ شيء إلى نقاش وكسر المحرَّمات الموجودة. كما يصفون هدفهم بالتنوير داخل العالم الإسلامي.

من الممكن للحوافز الخارجية أن تقدِّم في الواقع الكثير من المساعدات لهذا المجلس الجديد، حسب قول ميشائيل شميدت-سالومون، الناطق الرسمي لمجلس إدارة "مؤسَّسة جيوردانو-برونو"، التي تنتقد الأديان وتقدِّم النصائح لهذا المجلس الجديد. كذلك يستحضر ميشائيل شميد الحاصل على درجة الدكتواره في التربية أمثلةً تاريخيةً، مثل الديانة المسيحية:

"لم يتسنَّى ترويض المسيحية في أوروبا أيضًا إلاّ من خلال استراتيجية تنوير مزدوجة. لقد كان هناك حاجة إلى رفض الدين من الخارج رفضًا واضحًا، من أجل منح قوى الإصلاح في داخل الكنيسة فرصة لتمكينها على الإطلاق من فرض إرادتها. إذن لنقل بصيغة دقيقة: لو لم يكن نيتشة والفيلسوف فويرباخ وماركس، لو لم يكن سيغموند فرويد وبرتراند روسّل أو ناقد الفاتيكان كارل هاينتس ديشنر لما ظهر ناقد الدين دريفرمان".

لكن كذلك شدَّدت مينا أحادي في نهاية المؤتمر الصحفي على أنَّ "المجلس الأعلى للمسلمين السابقين" لا يهدف إلى إلغاء الإسلام كدين؛ بل إنَّ إعضاء المجلس يبذلون ما في وسعهم من أجل تعايش سلمي ومتسامح مع المسلمين في ألمانيا.

بقلم عبد الأحمد رشيد
ترجمة رائد الباش
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2007

قنطرة

إشكالية الخارجين عن الإسلام في ألمانيا
يرى بيتر فيليب أن الخروج عن الدين ينبغي أن يظل مسألة شخصية مثله في ذلك مثل التبعية لها. ومن أراد أن يستغل ذلك سياسيا لحساب نفسه أو أن يساعد أحدا في ذلك فهو ليس بأفضل من المجموعة التي تركها