الدستور الألماني لا ينص على "ثقافة رائدة ألمانية" ملزمة لمن يعيش في ألمانيا...روبريشت بولينتس

"لا يوجد في القانون الأساسي الألماني (الدستور الألماني) أية قاعدة قانونية مُلزمة توجب أن تكون هناك "ثقافة رائدة ملزمة" لمن يعيش في ألمانيا"...روبريشت بولينتس الأمين العام السابق للحزب المسيحي الديمقراطي  

أثارت تصريحات وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير التي تؤكد "ريادة الثقافة الألمانية" على مجموع المجتمع نقاشا حادا في ألمانيا. ومع تأييد بعض السياسيين لإطروحاته جاءت مواقف كل الأحزاب معارضة لموقفه، حتى من داخل حزبه.

"أريد أن أدعو إلى نقاش حول بعض الأطروحات عن الثقافة الرائدة الألمانية"، هذا ما ذكره وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير  في مقال له كتبه في صحيفة "بيلد أَم زونتاغ الألمانية"، مضيفاً أن "مَن يكُنْ واثقاً ومتأكداً من ثقافته فإنه يكون قوياً"، وقال "الحفاظ على كرامة الإنسان يبقى فوق كل شيء في هذه الثقافة الرائدة". الجدير بالذكر أن مبدأ "الحفاظ كرامة الإنسان" التي يتحدث عنها الوزير منصوص عليه دستوريا من خلال المادة الأولى في القانون الأساسي الألماني "الدستور".

وذكر دي ميزيير  في مقاله عشر نقاط  معتبرا أنها "جزء من ثقافة ألمانية رائدة"، وجميعها تتمحور حول عادات وتقاليد ألمانية اجتماعية، منها -بحسب ما كتب الوزير الألماني- "أن يصافح الناس بعضهم البعض ويُظهرون وجوههم ويذكرون أسماءهم، ولاحظ الوزير الألماني المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي أن "الألماني لا يرتدي برقعاً أو نقاباً".

ويرى الوزير أنه من مميزات وخصوصيات "الثقافة الألمانية الرائدة" أيضاً أن يكون المجتمع منفتحا والتعليم عموميا إضافة إلى فكر الاجتهاد في الأداء وفي العمل المنبثقة جميعها من الإرث التاريخي الألماني وصلته بإسرائيل ومن الثراء الثقافي أيضا. وفضلاً عن ذلك، يؤكد الوزير دي ميزيير على أهمية تأثير الدين المسيحي في ألمانيا.

"الدين إسمنت المجتمع وليس إسفين المجتمع"

ويرى دي ميزيير أن الدِّين في ألمانيا هو كَـ "الأسمنت" الرابط بين أجزاء المجتمع وَ "ليس إسفيناً" يفرق بين أجزاء المجتمع، قائلاً إن "الكنائس في ألمانيا وقفت من دون كلل أو ملل إلى جانب المجتمع في ألمانيا".

لكن أطروحات دي ميزيير اصطدمت بانتقادات وجهها إليه قياديون سياسيون، ومنهم كريستيان ليندنَر رئيس الحزب الليبرالي الذي اعتبر أن الوزير دي ميزيير "يتحدث من جديد في أمور عقائدية"، مضيفاً أنه ينبغي أن تعكس "الثقافة الألمانية الرائدة مضمون دستورها (أي ما ينص عليه قانونها الأساسي)"، الذي ينطبق على كل الناس، معتبرا أن دي ميزيير  يهدف من خلال العشر نقاط التي طرحها العمل على إبراز صورته واستخدام هذا الموضوع في حملته الانتخابية.

 ويرى كريستيان ليندنَر أنه كان من الأفضل لِدي ميزيير أن يقدم مشروع قانون للهجرة يوضح الأوضاع القانونية بين اللاجئين من جهة وبين ذوي الإقامات الدائمة في ألمانيا من جهة أخرى.

"ثقافة أوروبية رائدة"؟

من جانبه غرّد جيم أوزديمير –وهو أحد رئيسَيْ حزب الخضر– قائلاً إن "ثقافتي الرائدة هي ثقافة أوروبية"، في حين وصفت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب الخصر كاترين غورينغ إيكارد أطروحات دي ميزيير حول"ريادة الثقافة الألمانية" واعتبرتها "مجرد دردشة"، مطالبةً دي ميزيير بضرورة تقديم حلول عملية للمشاكل الكثيرة، كما اعتبرت أن الاهتمام بالتضامن وادماج المهاجرين في المجتمع الألماني هو النهج الصحيح، ملاحظة أنه "باستطاعتنا القيام بذلك من خلال سد الثغرات الكبيرة الموجودة"، وذلك من خلال توفير دورات تعليم اللغة الألمانية ودعم العمل التطوعي من أجل مساعدة اللاجئين.

من جانبه انتقد نائب رئيس الكتلة البرلمانية عن حزب اليسار يان كورته ما وصفه بالنسخة رقم ألف في الجدل حول "الثقافة الألمانية الرائدة"، معتبرا أن دي ميزيير ينهج من خلال طرح هذه النقاط توجه اليمين السياسي، مشيرا إلى أن القانون الأساسي الألماني يتضمن كل ما هو مهم بهذا الشأن ولذلك فلا حاجة لذكر هذه النقاط من طرفه، مضيفاً أن "وضع قائمة توضح صفات الإنسان الألماني هو أمر نمطي معروف لدى السياسيين المحافظين الألمان وليس له صلة بأرض الواقع".

"صناعة لأجواء خطيرة، خاصة ضد المسلمين"

أحد نواب الحزب الاشتراكي الألماني تورستين شيفَر غومبيل فهو يرى أن ما قدمه وزير الداخلية الألماني يشكل  "افتعالا مُخزٍيا". فيما غرد سياسيون آخرون من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر قائلين إن ما طرحه الوزير هو "صناعة لأجواء خطيرة"، وخصوصاً ضد المسلمين. من جانبه قال رئيس الفريق البرلماني للحزب الاشتراكي توماس أوبَرمان لصحيفة "رور ناخريشتِن" إن هذا النقاش ليس له أية علاقة بالمشكلات الحقيقية في ألمانيا، مؤكداً على أنه إذا كان للألمان ريادة ثقافية فإنها تنعكس انطلاقا من القانون الأساسي الألماني.

 من جهته وصف نائب رئيس الحزب الاشتراكي رالف شتينَغر أطروحات وزير الداخلية بأنها "محاولة رخيصة من أجل تحفيز الجو العام لدى المحافظين في الحزبين المسيحيين في ألمانيا والتمكن من اللحاق بما يفعله الشعبويون اليمينيون". كما شدد روبريشت بولينتس الأمين العام السابق للحزب المسيحي الديمقراطي –وهو حزب وزير الداخلية دي ميزيير– على أنه لا يوجد في القانون الأساسي الألماني (الدستور الألماني) أية قاعدة قانونية مُلزمة توجب أن تكون هناك "ثقافة رائدة ملزمة" لمن يعيش في ألمانيا، ملاحظا أن دي ميزيير لا يستطيع أن يفرق بين القوانين الملزمة في ألمانيا والتقاليد غير الملزمة.  (وكالات ، دي دبليو)

[embed:render:embedded:node:23718]