نغمات عربية ألمانية عالمية لفرقة مولعة بالموسيقى الغرائبية

فرقة بوكاهارا الموسيقية قصة حلم موسيقي، بدايةً من موسيقى الشوارع الى إصدار اسطوانة خاصة، وقد طرحت هذه التوليفة الموسيقية العالمية إلى السوق اسطوانتها الثانية "فرحة غريبة" من إنتاجها الذاتي. جيداء نورتش التقت الموسيقيين الأربعة ومنهم أحمد الفلسطيني الأصل وآفي اليهودي الأصل وسألتهم عن وصفة نجاحهم. لكن فكرة جمع ثقافات ولغات العالم في مشروع موسيقي من أجل إنقاذ العالم بعيدة كل البعد عنهم كما يقول أحمد: "نحن لسنا مشروع سلام، نحن نعمل موسيقى فقط".

الكاتبة ، الكاتب: Ceyda Nurtsch

كانت أسابيع ناجحة لفرقة "بوكاهارا": حفلة موسيقية في كولونيا نفذت بها التذاكر، وحفلة إعلان الاسطوانة وقبلها لقاءات مع العديد من محطات الإذاعة والتلفزيون.  ما هو السر وراء صعود نجم هؤلاء الموسيقيين الأربعة الذين كانو يعزفون حتى وقت قريب في الحفلات التي تقام في  البيوت أو في الشوارع؟

في إحدى المقاهي في حي نويكولن البرليني، تحدق أربعة عيون حائرة للحظة وجيزة في  قطعة كرواسان وسندويش. لم يسمع الموسيقيان أحمد وآفي من فرقة بوكاهار لحد الآن أغرب من هذا السؤال. أي السؤال عن وصفة نجاحهم، وكأن المرء يطلب من أحد الأشخاص أن يشرح له مسألة ركوب الدراجة. الجلوس على المقعد والضغط على الدواسة. لماذا يبقى المرء قائما ولا ينقلب، مازلنا لانعرف.

تجول عيون أحمد في المقهى باحثة عن مساعدة. ويبدو أنه في حيرة بعض الشئ. "على نحو ما كل شئ يتطور من تلقاء نفسه". يبدو اللطف على هؤلاء الشبان  - كيف يتناولون الإفطار الساعة الثالثة بعد الظهر-  تواضعهم حقيقي.

بين حفلات البيوت الجماعية وموسيقى الشوارع

يشكل آفي وأحمد الجزء البرليني من فرقة بوكاهارا  التي تأسست عام  2009. أحمد - باللحية  الكثيفة ونظارات الهيبستر وطاقية  كاب – لديه شيء من نسخة برلينية قديمة  للموسيقي الأمريكي بوبي ماكفرين. في الغالب يرتدي آفي عندما يكون على خشبة المسرح قبعة، وهو في الحياة العادية أصلع، ومن بعيد يبدو بطريقة أو بأخرى أكبر من عمره. أحمد يضحك كثيرا وبصوت عال. أيضا آفي  يحب الضحك – لكنه أكثر هدوءا  وخجلا.  بقية أعضاء  الفرقة، سفيان وماكس، يعيشان في كولونيا.

تعرف الموسيقيون الأربعة على بعضهم  أثناء دراستهم  في المعهد العالي للموسيقى في مدينة  كولونيا. لم يكن ذلك أثناء الدروس، وإنما أثناء التدخين خارج الباب. يرنمون ويعزفون الكمان وينقرون طول الليالي سوية. كانو يحتفلون  ويشربون الكثير، ويعزفون في حفلات البيوت الجماعية وفي الحانات والأتيليهات، وجالوا طولا وعرضا في  أوروبا  يعزفون حافي القدمين في الشوارع. من بعد أقاموا حفلات صغيرة ثم  شاركوا في مهرجانات كبيرة. بعد ذلك أنشؤوا صفحة لهم على الإنترنت، ودعوا عبر الإنترنت إلى حملة دعم وأصدروا ألبومين. وبعد ذلك بوقت قصير انتبهت لهم وسائل الإعلام.

"نحن مولعون بالموسيقى الغرائيبة والتجريبية"

إنها قصة نجاح مذهلة. مع أن الأربعة لايلتقون فعلا للتمرين. "القطع الموسيقية لدينا تتطور بقدر مانعزفها سوية"، يشرح أحمد.  في الواقع يعزفون باستمرار سوية في الشارع، في الحافلة السياحية، في الحانات ليلا  وفي جلسات مرتجلة. أحيانا يعزفون لأنفسهم، كل واحد يرتجل لنفسه. وأكثر الأحيان مواجهة امام الجمهور. "نحن مولعون بالموسيقى الغرائبية والتجريبية" ، يوضح آفي. ثم يقول إن الارتجال، هو دائما جزء من موسيقاهم.

"أن نعزف الموسيقى معا لم يكن  قرارا واعيا، ولا حتى  موسيقيا"، يقول أحمد. "نحن ببساطة فقط أصدقاء". فلسطيني ويهودي يعزفان الموسيقى سوية – هنا تكون الأسئلة النمطية واضحة. لاشئ من ذلك يشرح أحمد ضاحكا، بأن فكرة جمع ثقافات ولغات العالم في مشروع موسيقي من أجل إنقاذ العالم بعيدة كل البعد عنهم. "نحن لسنا مشروع سلام، نحن نعمل موسيقى فقط".

إن تعاملهم الهادئ واللعوب مع الموسيقى هو الذي يتخطى الجمهور.  الشعور بالاستماع إلى أربعة شبان كيف يرمون الكرة موسيقيا. موسيقى  بوكاهارا سهلة وممتعة.  تتنقل بمهارة من ألحان موسيقة  الكيزمر إلى إيقاعات سكا، وتخلق بذلك صوتا خاصا بها. فهي تتوجه إلى محبي "الألحان العالمية كما أيضا إلى  محبي الجاز والذين يتمتعون بموسيقى آلات النفخ  المنظمة، فضلا عن مشجعي الموسيقى السويدائية والأجشة.

ويستعمل هؤلاء الموسيقيون الأربعة لكنتهم الموسيقية الخاصة بهم وكذلك تلاوينهم. آفي له  جذور يهودية، فهو ينحدر من عائلة موسيقية، وترعرع في قطار سويسري. تعلم العزف على الكمان في عمر الست سنوات. يعزف بسرعة عن طريق السماع فقط. وعندما تصدح موسيقى قريبة من الكليزمر والريغي- أو كما يسميها – " بعوضة غجرية"،  فهذا يعود إليه بالدرجة الأولى. أما سفيان صاحب الصوت  المنخفض والخشن فيميل إلى التلحين بحسب تقاليد المغني وكاتب الأغاني، وماكس يحبذ  موسيقى الجاز. ينحدر أحمد من مدينة رام الله.  في سن التاسعة عشرة أتى إلى ألمانيا لدراسة الكونترباص. وسرعان مالاحظ أن: "الموسيقى الكلاسيكية وتدرج الرتب في الأوكسترا ليس من شأني".  الذي يعجبه هو الألحان الإيقاعية والارتجالية في الموسيقى الشرقية، التي ترعرع في أجوائها، ويحاول دمجها مع الجاز.

بين نغمات  البلقان وموسيقى الريغي

مرارا وتكرارا يزحزح الموسيقييون حدودهم. " أحاول كل بضعة أشهر أن أجرب آلة جديدة"، يقول أحمد.  فهو يعزف على البيانو، على الدف وعلى مختلف الآلات الوترية العربية. آفي يعزف على الكمان والبيانو والساكسفون. وحاليا كما أخبرنا،  يحمل معه دائما ماندولين. نقاد الموسيقى يدرجون موسيقى بوكاهارا  بين نغمات البلقان والريغي. بالنسبة للآفي: "الأجناس الموسيقية هي إجماليا عبارة عن عكازات". جوارير  لا يمكن استخدامها. أحب شئ لديه عندما تستمع الناس إلى موسيقاهم فقط.

تخطى الموسيقيون الأربعة العقبات والعقود المقيدة لسوق الموسيقى الذي أصبح  نيوليبرالي بأن أصدروا ألبومهم على نفقتهم.  فقد دعوا  إلى حملة على الإنترنت لتمويلها. فحصلوا على 10000 يورو ، وتحصنوا لسنة كاملة في الاستوديو. النتيجة كانت اسطوانتهم " فرحة غريبة" التي تحتوي على إحدى عشرة أغنية بالألماني والعربي، حول الحنين والمشاعر، باختصار حول الحياة. ويمكن الحصول عليها  عن طريق  محل التسوق الإلكتروني فينيل Vinyl والإنترنت.

يبقى اسم بوكاهارا لغزا ، كما السؤال لماذا تنجح بعض الفرق في تحقيق أعلى مستوى من الانتشار والعيش من موسيقاهم وبعضها لا. بوكاهارا – هي  أكلة؟ خنفساء من الصحراء؟ ولعل السؤال هو خارج عن الموضوع. بوكاهارا حنين إلى البعيد والسفر والغرائبية والكثير من المرح في أمسيات موسيقية.

 

 

 

جيداء نورتش

ترجمة: سليمان توفيق

حقوق النشر: قنطرة 2015   ar.qantara.de