"مسلمات للبيع" في الهند.. من يقف وراء هذا التطبيق المسيء؟

قصص حب هندية تتجاوز قيود المجتمع والطائفة
قصص حب هندية تتجاوز قيود المجتمع والطائفة

أثارت فضيحة تطبيق "مسلمات للبيع" عبر الإنترنت في "مزاد مزيف"، ردود فعل غاضبة إزاء ما تتعرض له النساء المسلمات بالهند وخصوصا المدافعات عن حقوق المرأة. ورغم توقيف الشرطة لثلاثة أشخاص يبقى السؤال: من يقف وراء هذه الإساءات؟

الكاتبة ، الكاتب: تانيكا جودبول

انتابت الصحفية والناشطة الهندية زيبا وارسي حالة من الصدمة و الذهول عندما استيقظت صباح ذات يوم مطلع يناير/ كانون الثاني لتجد اسمها في تطبيق "لبيع المسلمات" عبر "مزاد مزيف" على الإنترنت.

وقد بدت صدمتها جلية في نبرة حديثها معنا إذ شددت بالقول: "شعرت بالغضب والعجز فعليا لأن هذا الأمر تعرضت له أنا والعديد من المسلمات في هذا البلد".

وأطلق على التطبيق الذي أُنشيء عبر منصة "غيت هاب" (GitHub) اسم "بولي باي" (Bulli Bai) وهو مصطلح مهين للمسلمات في الهند فيما نشر التطبيق صورا لعشرات النساء دون موافقتهن قبل حذفه.

ويتيح التطبيق لمستخدميه "شراء نساء" في "مزاد علني مزيف" ومن بينهن صحفيات وناشطات وفنانات مع عرض صورهن وأسمائهن حيث أُطلق على الحملة اسم "صفقات بولي باي" الذي يرمي إلى الحط من المسلمات في الهند.

وترى وارسي أن هذا التطبيق يدل على استهداف المسلمات في الهند، مضيفة "المرأة المسلمة الناشطة أصبحت هدفا سهلا".

وعرض التطبيق صورا لأكثر من 100 امرأة مسلمة معظمهن مدافعات وناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في مجال حقوق المسلمين في الهند.

وفي ذلك، قالت الصحفية وارسي "هؤلاء النساء صحفيات وناشطات وشخصيات سياسية ينشطن داخل الفضاء الاجتماعي في الهند إذ يتحدثن بصوت عالٍ حيال قضايا المجتمع وتحديدا تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الهند".

وشددت على أن انخراط هؤلاء النساء في الدفاع عن حقوق المسلمين في الهند كان السبب وراء عرض صورهن في التطبيق، مضيفة "الهند تعد مجتمعا ذكوريا، لذا إذا أردت استهداف مجموعة بعينها داخل هذا المجتمع فعليك استهداف النساء".

وقالت إن الجناة وراء هذا التطبيق شجعهم على الأرجح تنامي الأفكار اليمينية المتطرفة للهندوس في الهند.

ولم تكن وارسي الصحفية المسلمة التي نشر التطبيق اسمها إذ استهدف الموقع صحفيات مسلمات من بينهن الصحفية عصمت أرا التي تقدمت بشكوى لدى الشرطة الهندية وقامت بنشرها على موقع التواصل الاجتماعي حيث كتبت عبارة: "هذا التطبيق مصمم لإهانة المسلمات".

هيمانت ناجرالي قائد شرطة مومباي يعلن القبض على أشخاص على خلفية صلاتهم بتطبيق "بولي باي"
هيمانت ناجرالي قائد شرطة مومباي يعلن القبض على أشخاص على خلفية صلاتهم بتطبيق "بولي باي". وذكر ناجرالي أنه: "تم رفع صور عدة نساء مرموقات في المجتمع على تطبيق بولي باي وحساب بموقع تويتر، وتحمل الصور تعليقات مسيئة". وأضاف ناجرالي: "أطلقنا التحقيق في الثاني من كانون الثاني/يناير، بعد يوم من تقديم إحدى النساء التي استهدفها التطبيق شكوى لنا"، وأشار إلى عدم إمكانية الإدلاء بمزيد من التفاصيل نظرا لحساسية المسألة.

وفي ردها، قالت شرطة مومباي – عاصمة الاقتصاد الهندي- إنها تجري تحقيقا حيال إذا كان التطبيق جزءا من "مؤامرة أكبر".

يشار إلى أنه لم يتم إجراء المزاد فعليا بل كان مزيفا إذ لم تحدث أي عملية بيع فيما يقول النشطاء إن الهدف كان إهانة المسلمات خاصة الناشطات في الدفاع عن حقوق المسلمين في الهند.

الشرطة تلاحق الجناة

كذلك أعلن وزير التكنولوجيا والمعلومات أشويني فيشنو  أن منصة "غيت هاب" أكدت حظر التطبيق والمستخدم، مؤكدا أن سلطات الأمن السيبراني تتعاون مع الشرطة لاتخاذ المزيد من الإجراءات. وقال الوزير "تعمل الحكومة الهندية مع أجهزة الشرطة في دلهي ومومباي في هذه القضية".

يشار إلى أن الشرطة الهندية في العاصمة نيودلهي ومومباي ألقت القبض على أربعة أشخاص يشتبه في تورطهم في القضية من بينهم نيراج بيشنوي الشخص الذي أنشأ التطبيق فضلا عن ثلاثة جناة هم شويتا سينغ ومايانك راوال وفيشال كومار جها.

وأفادت الشرطة بأن أعمار الأشخاص المقبوض  عليهم تتراوح بين بين 18 و 25 عاما ويُعتقد أن تأثروا بفكر اليمين الهندوسي في الهند. وقالت مصادر إن شويتا سينغ وهي فتاة هندية من ولاية أوتاراخند شمال الهند، تعد أصغر الذين ألقي القبض عليهم حتى الآن.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول في الشرطة قوله إن سينغ البالغة من العمر 18 عاما قامت بالتواصل مع مستخدمين من اليمين الهندوسي عبر منصات التواصل الاجتماعي عقب انتهاء الامتحانات الدراسية عام 2021.

وقال المسؤول – الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته – إن الفتاة أبلغته أن تصرفاتها كانت تقوم على الفكر اليميني الهندوسي الذي يتم الترويج له على منصات التواصل الاجتماعي والذي تأثرت به. وأضاف المسؤول: "كان سبب تواجدها على منصات التواصل تشتت انتباهها لكنها تورطت".

كذلك اعتقلت شرطة نيودلهي أمكارشوار ثاكور وهو الشخص الذي يُعتقد أنه يقف وراء تطبيق "سولي ديل" (Sullideal) الذي تم إنشاؤه قبل تطبيق "بولي باي" حيث أقام مزادا لبيع مسلمات أطلق عليه اسم "صفقة اليوم". يشار إلى أن كلمة "سولي" مثلها مثل "بولي باي" تحمل ازدراء للمسلمات في الهند فيما لم يكن هناك مزادا حقيقيا إذ كان الغرض من الأمر إذلال المرأة المسلمة.

"منابع للكراهية"

الجدير بالذكر أن موقع The Wire الإخباري في الهند قد ذكر الخميس الماضي أن تطبيق Tek Fog يتم استخدامه من قبل البعض "للترويج وتضخيم الدعاية اليمينية" للجمهور، مشيرا إلى أن التطبيق يرتبط بحزب "بهاراتيا جاناتا" أو "حزب الشعب الهندي الهندوسي" الحاكم في البلاد.

وعقب نشر التقرير، كتب راهول غاندي - أحد أبرز قادة حزب المعارضة الرئيسي في البلاد - تغريدة على موقع تويتر قال إن "مصانع الكراهية" التي قام بتدشينها حزب "بهاراتيا جاناتا" ساهمت في  تطرف الأشخاص  المتورطين في إنشاء تطبيق "بولي باي".

وقد أثار تطبيق Tek Fo الكثير من الجدل في الهند خاصة في أعقاب قيام الصحفية عرفة خانم شيرواني بنشر قائمة طويلة لشخصيات نسائية بارزة من مختلف الأديان بما في ذلك الديانة الهندوسية تعرضهن للتهديد والاستهداف عبر التطبيق. يشار إلى أنه لم يصدر أي بيان من قبل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحزبه الحاكم في هذا الأمر حتى الآن.

"كراهية النساء بشكل عام"

وقد أثارت مثل هذه التطبيقات مخاوف النساء في جميع أنحاء البلاد إزاء إمكانية استغلال التطبيقات الحديثة وأيضا منصات التواصل الاجتماعي لنشر الكراهية واستهداف الأقليات الدينية.

وفي تصريحات صحافية، قالت حسيبة أمين - منسقة وسائل التواصل الاجتماعي لحزب المؤتمر المعارض – إنها اضطرت "إلى تخفيف من حدة الكثير من النقاشات على التواصل الاجتماعي. لدينا عائلات تنزعج خاصة في ظل المستوى الكبير من العجز إزاء الأمر".

وكانت حسيبة أمين من بين النساء اللاتي تم استهدافهن من قبل تطبيقي "سولي ديل" و"بولي باي"، مضيفة أن الأشخاص وراء التطبيق "يكرهون" الناشطات والأصوات النسائية.

وأضافت: "أنهم يكرهون أي صوت نسائي مسلم، لكنهم أيضا يكرهون النساء خاصة اللواتي تتحدث علنا بصوت عالِ. إنهم يكرهون المسلمين. كل امرأة تم استهدافها كانت سيدة ومسلمة وتتحدث بصوت عالِ".

يشار إلى أن المسلمين في الهند يشكلون قرابة 14 بالمائة من تعداد سكان البالغ 1.3 مليار نسمة فيما تزايدت الخلافات بين المسلمين ومودي (رئيس الوزراء الهندي) وأنصار اليمين الهندوس خاصة حيال قانون "الجنسية" المثير للجدل الذي تم الموافقة عليه عام 2019 رغم الاحتجاجات الحاشدة ضده.

 

تانيكا جودبول / م ع

حقوق النشر: دويتشه فيله 2022