الصيرفة الإسلامية أمل مصارف جزائرية في اجتذاب مَن لا يملكون حسابات بنكية والدفع بعجلة النظام المالي

بدأت المصارف العامة في الجزائر حيث يمتنع كثيرون عن التعامل مع البنوك التقليدية، العمل بالتمويل الإسلامي على أمل جذب الجزائريين الذين لا يملكون حسابات مصرفية، وإعادة جزء من الاقتصاد غير الرسمي إلى النظام المالي.

فقد طرح البنك الوطني الجزائري منذ أيام في الأسواق، تسعة منتجات مالية وافقت عليها وزارة الشؤون الدينية.

وكانت السلطات الجزائرية أنشأت مطلع العام الجاري 2020 سلطة مرجعية هي "الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية"، لتشرف على القطاع وتمنح شهادة مطابقة للشريعة الإسلامية.

وقال عضو الهيئة الشرعية أستاذ الاقتصاد محمد بوجلال إن عددا كبيرا من الجزائريين يرفضون التعامل مع المصارف التقليدية.

ويعتبر بعض المسلمين أن النظام المصرفي التقليدي الذي يعتمد على الفوائد لا يتوافق مع الشريعة الاسلامية التي تحرم القرض بالفائدة والمضاربة والاستثمار في المحرمات (الكحول والتبغ والقمار) وتنص على تقاسم الخسائر والأرباح بين البنك والزبون.

وشهد التمويل الإسلامي نموا بوتيرة ثابتة على مدى العقد الماضي في العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، لا سيما في الخليج وماليزيا، ما أدى إلى تحصيل مئات مليارات الدولارات.

ويعمل في الجزائر مصرفان تابعان لمجموعات متخصصة في الصيرفة الإسلامية، هما بنك البركة ومصرف السلام، ومقرهما الأساسي في البحرين. ومنذ عدة سنوات يقومان بتقديم خدمات التمويل الإسلامي حصرا، مع احترام أحكام الشريعة الإسلامية.

"المرابحة" و "الإجارة" و "المشاركة"

لكن القطاع المصرفي العمومي المملوك للدولة بنسبة مئة في المئة سيطرح المنتجات الإسلامية قبل نهاية العام، ولا سيما "المرابحة" أو "الإجارة" أو "المشاركة". كما ترغب مصارف أجنبية خاصة في تقديم هذا النوع من المنتجات.

 

.................................

طالع أيضا

خدمات مالية إسلامية - صندوق النقد الدولي يقرُّ قواعد "التمويل الإسلامي" في تقييماته

نظام البنوك الإسلامية والأزمة المالية العالمية: هل النظام المصرفي الإسلامي هو الحل؟

"نحن في قلب صيرورة إصلاح إسلامي تاريخي" - باحث الشريعة الإسلامية عبد الله النعيم

.................................

 

و"المرابحة" هي بديل عن القروض الاستهلاكية، إذ يشتري البنك السلعة لعميله ويعيد بيعها مقابل أقساط، وهامش ربح. أما "الإجارة" فتشبه البيع بالإيجار عندما يؤجر البنك لعميله سيارة أو بيتا أو أي من الأصول يمكن أن يصبح ملكه أو لا في نهاية العقد.

وأخيراً "المشاركة" هي شراكة استثمارية بين العميل ومصرفه في شركة أو عملية تجارية أو مشروع، مع توزيع متفق عليه للأرباح والخسائر.

كما تفكر الدولة في إصدار سندات قروض إسلامية أسمتها "صكوك".

ووفقًا للشريعة، المال مجرد وسيط في التجارة إذ لا يمكنه أن يشكل بذاته قيمة إلا عندما يتم تحويله إلى سلعة أو خدمة.

ولا تعتزم بنوك الدولة إنشاء "فروع إسلامية"، لكنها ستحدث أقساما خاصة ضمن وكالاتها الأصلية.

وتم إيجاد رأس المال الأولي - الذي يُفترض أنه "لم يتلوث بمال خارج الدائرة الإسلامية"، عبر فتح حسابات توفير بدون فائدة.

وأحد أهداف السلطات هو أن تعيد للمصارف الكتلة الكبيرة من الأموال المتداولة خارج القطاع المصرفي في بلد يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة.

وأكد الخبير المالي ووزير المالية الأسبق عبد الرحمان بن خالفة أن الامر لا يتعلق بـ " مجرد حاجة لجلب الموارد، إنها حاجة إلى إعادة الاقتصاد الجزائري إلى البنوك".

حتى اليوم ما زال جزء كبير من المعاملات في الجزائر يتم نقدا.

وقال بن خالفة عضو لجنة الشخصيات الإفريقية المكلفة من قبل الاتحاد الإفريقي حشد التمويل الدولي لمساعدة إفريقيا في مواجهة وباء كوفيد-19، إن الاقتصاد الجزائري يحتاج إلى إعادة ضخ هذه الكتلة من السيولة في النظام المصرفي.

وقدر المصرف المركزي الجزائري هذه الكتلة مؤخرا بما بين ثلاثين و35 مليار دولار.

ومع ذلك، لا يتم تداول سوى جزء ضئيل من أموال السوق السوداء بسبب المعتقدات الدينية، بحسب الخبير نفسه الذي حذر من أن التمويل الإسلامي ليس "الحل السحري".

وهو يرى أن الحل يقوم على شمولية النظام المالي، أي "عصرنة" المصارف التقليدية وجعلها أكثر تفاعلا مع مستجدات الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تطوير التمويل الإسلامي.

وحذّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أيضا من أن التمويل الإسلامي "ليس دواء لكل داء" ولا يكون فعالا إلا إذا كان التضخم تحت السيطرة ولدى الأسر ثقة في إدارة الدولة.

وقال إن دمج الكتلة النقدية الخارجة عن الإطار الرسمي في الدائرة الرسمية يقوم على ركيزتين أساسيتين هما الثقة التي تستوجب الحوكمة الرشيدة ومعدل تضخم حقيقي أي غير مزيّف بالدعم الحكومي للأسعار.

لذلك يبدو نجاح التمويل الإسلامي في جذب الجزائريين الذين ليس لديهم حسابات مصرفية، غير مؤكد، بل سيغير بعضهم حسابه من النظام التقليدي إلى النظام الإسلامي.

وفي انتظار التمكن من قياس مدى جاذبيته، يصعب حاليا تحديد حجم الأموال التي يمكن أن يجنيها التمويل الإسلامي.

إضافة إلى ذلك تفيد دراسات عديدة أن منتجات الصيرفة الإسلامية تكون غالبا أكثر كلفة من المنتجات المصرفية التقليدية.

 

 

تونس

باشرت بنوك جزائرية حكومية لأول مرة العمل بنظام الصيرفة الاسلامية من أجل ضم جزء من المعاملات الموازية لاقتصاد البلاد، في حين تعرف تونس والمغرب تجارب مماثلة وقد شهدت هذه الخدمات تطورا خلال العقد الأخير خصوصا في دول الخليج وماليزيا.

لا تقدم المصارف الحكومية خدمات الصيرفة الإسلامية التي اعتمدتها البنوك الخاصة منذ سنوات لكنها ظلت محدودة ولا تعرف رواجا كبيرا.

انطلقت هذه التجربة في الثمانينيات بالرغم من غياب إطار تشريعي خاص ينظم القطاع.

وفي العام 1983 تم إنشاء "بيست بنك" الذي أصبح لاحقا "بنك البركة" وهو ثمرة شراكة تونسية سعودية.

دخل "بنك الزيتونة" السوق في العام 2009 والذي كان يملكه صخر الماطري، صهر الرئيس التونسي الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.

تحصل هذا المصرف على الترخيص للنشاط في قطاع الصيرفة الاسلامية وفقا للقانون المنظم لنشاط البنوك التعاقدية في ظل تواصل غياب التشريع الخاص.

وإثر ثورة 2011 التي أطاحت بنظام بن علي، نص عدد من قوانين موازنات أعوام 2012 و2014 و2016 على نظام جبائي لمختلف آليات التمويلات الإسلامية بهدف تحديث القطاع البنكي والمالي.

ونشرت وزارة المالية في آذار/مارس 2016 مذكرة لتقنين هذه الخدمات في ثلاثة بنوك هي "بنك البركة" و"بنك الزيتونة" و"بيست ليز".

غير أن هذا القطاع لا يساهم سوى بـ 2 في المئة من مجموع الأنشطة البنكية في البلاد، بحسب دراسة نشرت في العام 2013.

المغرب

ظهرت الصيرفة الإسلامية في المغرب حديثا. وفي تموز/ يوليو 2017 وإثر سنوات من الانتظار أعطت السلطات المغربية الضوء الأخضر للبنوك الإسلامية والتي تعرف "بالتشاركية" للانطلاق فعليا في نشاطاتها.

وكانت البنوك "الحلال" قد حصلت على موافقة المجلس العلمي الأعلى للعلماء، وهي هيئة الإفتاء الرسمية في المملكة، ليمنحها البنك المركزي، "بنك المغرب"، بناء على ذلك تراخيص البدء بأنشطتها.

كما حصلت خمسة بنوك "حلال" على الترخيص بالإضافة الى ثلاثة بنوك "تعاقدية" أطلقت "نوافذ تشاركية" لخدمات "حلال" كتكملة للخدمات الاعتيادية التي تقدمها البنوك.

ويقدر تقرير حديث "لبنك المغرب" ان البنوك الإسلامية أصبحت تنتشر عبر 133 وكالة في العام 2019 مقارنة بحوالي مئة في العام 2018.

وخدمات تمويل العقارات التي يطلق عليها "مرابحة" هي الأكثر رواجا مع نحو 88 في المئة من مجموع خدمات التمويل.

وسجلت مختلف البنوك والنوافذ التشاركية في نهاية العام 2019 معاملات بـ 12,2 مليارات درهم (حوالي 1,1 مليار يورو) مقارنة ب7,1 مليارات قبل ذلك بسنة.

وفي المقابل سجلت هذه البنوك خسائر صافية بحدود 419 ملايين درهم (38 مليون يورو) وذلك تبعا "لتكاليف الاستثمار وانطلاق النشاط" بحسب "بنك المغرب".

الجزائر

قالت الجزائر يوم الأحد 02 / 08 / 2020 إنها أعطت الضوء الأخضر لخطة تهدف إلى تقديم خدمات التمويل الإسلامي، مع سعي البلاد وراء مصادر تمويل جديدة لمواجهة المشاكل المالية المترتبة على انخفاض عائدات الطاقة.

وتأثرت الجزائر العضو في منظمة أوبك بانخفاض أسعار النفط الخام العالمية خاصة بعد جائحة فيروس كورونا. وأجبر ذلك الحكومة على خفض الإنفاق وتأجيل بعض مشروعات الاستثمار المقررة هذا العام 2020.

وقال المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر إن البنك الوطني الجزائري أصبح أول بنك عام يحصل على شهادة المطابقة الشرعية من الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية.

وأضاف في بيان أن الهيئة تدرس "منح شهادات المطابقة الشرعية لتسويق منتجات الصيرفة الإسلامية لمؤسسات بنكية ومالية أخرى". أ ف ب / رويترز - أغسطس / آب 2020

 

[embed:render:embedded:node:34129]