عُمان تحافظ على حيادها بعد السلطان قابوس - علاقة جيدة بإيران رغم عضويتها بمجلس التعاون الخليجي

في الصورة: سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد - مع تولي سلطان جديد مقاليد الحكم في عُمان، تتواصل على الأرجح من دون تغيير سياسة الحياد التقليدية التي اتبعتها السلطنة التي تميّزت بلعب دور الوسيط الإقليمي والدولي.

وتوفي السلطان قابوس الذي تولّى الحكم في 23 تموز/يوليو 1970، مساء الجمعة 10 / 01 / 2020 عن 79 عاما. وفي انتقال سلس وسريع للسلطة، أدى وزير التراث والثقافة العماني هيثم بن طارق آل سعيد السبت 11 / 01 / 2020 اليمين الدستورية بعد تعيينه سلطاناً لعمان خلفا لابن عمه الراحل قابوس.

ويرجح محللون أن يحافظ السلطان الجديد على إرث قابوس ويستمر في سياسته التي جلبت الاستقرار السياسي إلى مسقط في منطقة غالبا ما تعصف بها الأزمات. وتوجّهت الدول الغربيّة مرارا إلى مسقط لتطلب منها التوسط ليس في النزاعات الإقليميّة فحسب، لكن في قضايا دولية أيضًا، بما في ذلك الاتّفاق النووي مع إيران في عام 2015.

وتعهد سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق بعد تعيينه بمواصلة سياسة بلاده الخارجية القائمة على "عدم التدخل". وقال السلطان الجديد (65 عاما) في أول تصريحات له بعد تنصيبه "سوف نرتسم خط السلطان الراحل مؤكدين على الثوابت (...) وسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرنا".

وأبقت السلطنة على قنوات اتصال مفتوحة مع إيران والمتمردين الحوثيين في اليمن وحتى مع اسرائيل التي لا ترتبط معها بعلاقات رسمية.

ويرى عضو هيئة تدريس في قسم التاريخ في جامعة الكويت والزميل في مركز كارنيغي بدر السيف أنه "من دون شك، ستظل عمان تتبع نفس النهج حيث قدم لها هذا النهج الكثير". وتابع: "بما أن الأسرة (الحاكمة) ارتضت خيار قابوس في تسمية الحاكم، فمن الطبيعي أن تستمر في سياساته الخارجية حيث هذه السياسات قدمت الكثير لعمان، ولا سبب لتغيير النهج".

وقال السيف لوكالة فرانس برس إن "طريقة تعاملهم (الأسرة الحاكمة) وسرعتهم رسالة للمواطنين والجيران إن الأمور تحت السيطرة". وكان السلطان الجديد يتولى في السابق رئاسة لجنة الرؤى المستقبلية المكلفة التخطيط لمستقبل عمان حتى عام 2040.

وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن "الضمان الأفضل لحياد عمان سيكون عبارة عن إعادة هيكلة اقتصادية ناجحة تعتمد على شعبها وتتجنب الاعتماد على أي قوة أخرى".

حافظت مسقط على علاقات جيدة مع طهران بينما بقيت في مجلس التعاون الخليجي، رغم العداوة العميقة بين السعودية وإيران.

وكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تشارك في حملة التحالف العسكري بقيادة الرياض ضدّ المتمرّدين الحوثيين اليمنيين.

وبعد أكثر من خمس سنوات على اندلاع الحرب بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والمتمردين، لا تزال سلطنة عمان أرضًا محايدة حيث عقد الجانبان محادثات.

كما تستقبل عمان مجموعة من قيادات المتمردين، الذين غالبا ما يلتقون فيها سفراء دول غربية. وتقول الخبيرة في شؤون الخليج سنام فاكيل من معهد "تشاتام هاوس" البريطاني لفرانس برس إنه "من مصلحة (السلطان الجديد) تقديم نفسه كشخص سيدعم الاستمرارية ويواصل إرث قائد مثل قابوس الذي كان يعتبر ناجحا".

وبحسب فاكيل فإن الاستمرارية "مهمة للغاية" لأن "سلطنة عمان تواجه نقاط ضعف اقتصادية بالإضافة إلى تحديات (داخل الخليج) مع مخاوف تتعلق بالسنوات الأخيرة الماضية عندما رأينا سياسة خارجية سعودية وإماراتية حازمة للغاية". واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن وفاة سلطان عُمان قابوس "خسارة للمنطقة".

ويؤكد مراقبون إنه على الرغم من رحيل قابوس فإن خبرة سلطنة عمان الدبلوماسية واستعدادها لخوض مفاوضات تتسم بالسرية في العادة أمر يتجاوز السلطان نفسه.

ويتولى السلطان الجديد مقاليد الحكم في وقت خففت فيه السعودية وحليفتها الإقليمية الإمارات من حدة مواقفهما في عدة ملفات إقليمية بما في ذلك قتال المتمردين الحوثيين في اليمن مع وجود بوادر لتراجع النزاع.

وبقيت السلطنة محايدة أيضا عندما قطعت السعودية ودول أخرى علاقاتها مع قطر في حزيران/يونيو 2017. وبحسب ديوان فإن نزعة الحياد في عمان تعود إلى "موقعها الجغرافي المطل على بحر العرب وتاريخ استقلالها عن جاراتها في الخليج".

وتابعت: "ستستند القيادة الجديدة كثيرا إلى سلطة السلطان قابوس في إطار سعيها التعامل مع النزاعات الإقليمة الصعبة والتحديات الإقليمية". أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:21916]