مصر تنشئ لجنة لحقوق الإنسان وسط تشكك حقوقيين ومؤيدو السيسي يرون أن القمع هو من أجل الاستقرار

قررت مصر إنشاء لجنة دائمة من مهامها الرد على الانتقادات الموجهة لسجل البلاد في حقوق الإنسان، لكن حقوقيين يقولون إنهم لا يتوقعون أي تحسن على أرض الواقع.

وكثيرا ما أدانت منظمات دولية سجل مصر في حقوق الإنسان في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلة إن القمع السياسي في أسوأ حالاته منذ عقود.

وأصدر قرار إنشاء (اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان) مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وسيرأسها وزير الخارجية أو من يفوضه وتضم ممثلا عن كل من وزارة الدفاع والإنتاج الحربي ووزارة التضامن الاجتماعي ووزارة العدل ووزارة شؤون مجلس النواب ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة وست هيئات حكومية أخرى.

وخلا تشكيل اللجنة من أي ممثل لمنظمة حقوقية أو ممثل مستقل مما ألقى بظلال من الشك على أي فعالية محتملة للجنة وأثار انتقادات لها.

وقال المحامي الحقوقي جمال عيد مؤسس ورئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لرويترز: "الطريقة الوحيدة لتحسين صورة مصر الحقوقية هي تحسين حالة حقوق الإنسان وليس تشكيل المزيد من اللجان".

وأضاف: "محاولة بناء سور حول كوم من القمامة لا ينفى وجود القمامة والرائحة المنبعثة منها".

وقال جمال فهمي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تموله الدولة لرويترز إن من تضمهم اللجنة الجديدة "غير مؤهلين حتى للاستماع لأي ملاحظات حول حقوق الإنسان".

وعبر طارق زغلول مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن عدم رضاه عن تشكيل اللجنة قائلا: "كنت أتمنى أن يكون في التشكيل بعض النشطاء الحقوقيين لإثراء عمل اللجنة بآرائهم وخبراتهم".

وأضاف أنه كان يتعين أيضا أن يكون للحقوقيين صوت مسموع في اللجنة بمنحهم حق التصويت على القرارات. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد لرويترز إن "اللجنة ستكون صوت الحكومة في المحافل الدولية".

وتابع أنه كانت هناك حاجة لهذه اللجنة منذ وقت طويل لكي "تمثل الحكومة" وتتصدى للمشاكل التي تتعرض مصر بسببها للانتقادات.

وبعد انتخاب السيسي لفترة الحكم الأولى في عام 2014 شنت الحكومة حملة على خصومها الإسلاميين ونشطاء ليبراليين وصفت بأنها الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.

لكن مؤيدين للسيسي يقولون إنه يحاول القضاء على إسلاميين متطرفين يسعون لهدم الدولة وإنه يعمل كذلك لاستعادة الاستقرار بعد سنوات من الفوضى تلت انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.

وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش ومقرها نيويورك إن قوات الأمن ألقت القبض على ما يصل إلى 40 ناشطا سياسيا ومحاميا وحقوقيا منذ أواخر أكتوبر / تشرين الأول 2018. (القاهرة: 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2018  - رويترز) 

وكشفت مصر الخميس 22 / 11 / 2018 أنها تحتجز ابنة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر وخمسة آخرين، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من حديث أسرهم عن اختفائهم في إطار حملة قمع جديدة تشنها الحكومة.

وقالت ثلاثة مصادر قضائية ووكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن نيابة أمن الدولة العليا قررت حبس عائشة الشاطر والخمسة الآخرين لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهم من بينها الانتماء إلى جماعة إرهابية.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الأحد 18 / 11 / 2018 إن الشرطة وقطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية شنا حملة اعتقالات واسعة شملت 40 ناشطا حقوقيا ومحامين وناشطين سياسيين منذ أواخر أكتوبر / تشرين الأول.

وأضافت المنظمة الحقوقية، ومقرها نيويورك، أن قوات الأمن لم تقدم أي مذكرة احتجاز كما لم تستجب لمحاولة العائلات أو المحامين معرفة مكان احتجاز المعتقلين.

ومن بين الستة الذين تم الكشف عن احتجازهم علنا يوم الخميس، إلى جانب ابنة الشاطر، هدى عبد المنعم وهي محامية تبلغ من العمر 60 عاما وعضو في جماعة الإخوان المحظورة. وقالت أسرتها في بيان إنها تمكنت من رؤيتها يوم الخميس في مقر لنيابة أمن الدولة "بعد 21 يوما من الإخفاء القسري".

وقال بيان الأسرة: "كان واضحا تدهور الحالة الصحية لهدى، التي تبلغ من العمر 60 عاما، حيث فقدت الكثير من وزنها وظهرت بذات ملابسها التي تم اعتقالها بها قبل ثلاثة أسابيع".

وأضاف: "كما بدت بحالة نفسية سيئة مصاحبة لعدم اتزان وقلق فيما لم تستطع الإفصاح عن سبب ذلك".

ولم يتسنَّ على الفور الحصول على تعليق من وزارة الداخلية.

وقالت جهاد بدوي ابنة هدى عبد المنعم لرويترز في وقت سابق هذا الشهر إن قوات الأمن اقتادت أمها دون تقديم أي إذن بالقبض عليها مضيفة أن الأسرة لا تعرف أين تُحتجز. وكانت المحامية أصيبت من قبل بجلطة في الساق لكن لم يسمح لها باصطحاب أدويتها عندما ألقي القبض عليها.

ووفقا للمصادر القضائية والوكالة الرسمية سيحتجز الستة لمدة 15 يوما وبعدها ستقرر النيابة إما تجديد حبسهم أو إخلاء سبيلهم. 

وكانت جماعة الإخوان المسلمين التي يعود تاريخها إلى عشرات السنين وتحظى بتأييد كبير فازت بأول انتخابات حرة أجريت بعد انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما، لكن الجيش أطاح بها بعد عام في السلطة.

ومنذ ذلك الحين، تم حظر الجماعة وألقي القبض على المئات من مؤيديها. وتقول جماعة الإخوان إنها حركة سلمية وتنفي أي صلة بأعمال العنف التي شنها متشددون موالون لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

ويقول مؤيدو الرئيس عبد الفتاح السيسي إن حملة القمع التي تشنها الحكومة على خصومه تهدف إلى الحفاظ على مصر مستقرة بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية في أعقاب انتفاضة 2011. رويترز