''الاتهامات المتسرعة تؤكد الأحكام المسبقة ضد المسلمين في أوروبا''

بمجرد وقوع اعتداءات النرويج لم ينتظر "خبراء" الإرهاب والإسلام ظهور نتائج التحقيقات، بل سارعوا ومعهم بعض وسائل الإعلام الغربية إلى إصدار الأحكام المسبقة وتوجيه التهمة لمتطرفين مسلمين، فلماذا هذا التسرع بإلقاء المسؤولية جزافا على المسلمين في أوروبا؟ عادل الشروعات حاور الباحث الألماني لوتس روغلر حول أسباب هذه الظاهرة.



يٌرجع الخبير الألماني في شؤون الجماعات الإسلامية وقضايا الإرهاب، لوتس روغلر، هذه الاتهامات المسبقة للجماعات الإسلامية المتطرفة إلى الأجواء الأمنية المشحونة التي خلفتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، وأيضا إلى انتشار مناخ يتسم بنوع من الكراهية والخوف من الإسلام داخل المجتمع الألماني تستغله الجماعات اليمينية المتطرفة. كما يرى الخبير الألماني روغلر أن ألمانيا ليست بمنأى عما وقع في النرويج، بالنظر إلى نشاط اليمين المتطرف في البلاد منذ مدة طويلة. وفيما يلي نص الحوار كاملا:


ما هي الأسباب التي أدت إلى اتهام الجماعات الإسلامية المتطرفة بالوقوف وراء تفجيرات أوسلو في بادئ الأمر؟

لوتس روغلر: طبعا نحن نعيش منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في أجواء أمنية تساعد على هذا الاتهام المتسرع الموجه للمجموعات الإسلامية المتطرفة بعد القيام بأعمال إرهابية في أوروبا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت هناك أعمال إرهابية متوقعة منذ مدة في ألمانيا وأوروبا أعلن عنها تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن، وكذلك بسبب وجود قوات غربية في أفغانستان. وبالتالي كانت وسائل الإعلام وأجهزة الأمن الداخلي قلقة من احتمال وقوع أعمال إرهابية داخل الأراضي الأوروبية.

جاء في معرض جوابكم أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول تغذي مثل هذه الاتهامات المسبقة، لكن أليس هناك بيئة خاصة داخل المجتمع الألماني تساعد على الخوف من التطرف الإسلامي؟


الحزن يخيم على النرويج بعد هذه الكارثة القومية
يصاب المرء بالذهول أمام عمل إرهابي بهذه الفظاعة، بغض النظر عمن يقف وراءه: يمينيون أم يساريون، أو أصوليون تابعون لهذا الدين أو ذاك، أو إن كان عملا منظما أم فرديا. كما لا يوجد فرق لدى ضحايا الإرهاب

​​
ساهمت أجواء العمليات الإرهابية التي سادت في الأعوام الأخيرة، في نشوء نوع من الهستيريا داخل المجتمع، وزادت من حدة مناخ يتسم بنوع من الكراهية والخوف والمعاداة للإسلام بشكل عام. وتستفيد الجماعات اليمينية المتطرفة الموجودة في ألمانيا من هذه الأجواء، وهي تساهم بدورها في تصعيد هذا التوتر داخل المجتمع الألماني.

المتهم عن هجمات أوسلو أندرس ب. كان قد بث شريطا على موقع يوتوب في وقت سابق ينتقد فيه التعددية الثقافية، ويدعو لإقصاء المهاجرين وخصوصا المسلمين منهم في أوروبا. إلى أي حد نجد لهذا التوجه حضورا مؤثرا في أوروبا؟

للأسف الشديد، دار هذا النقاش حول رفض مبدأ التعدد الثقافي في السنوات الأخيرة ولازال يدور في ألمانيا، شأنها في ذلك شأن مجتمعات أوروبية أخرى، وهذا النقاش يدور خاصة حول المهاجرين المسلمين وكيفية التعامل معهم داخل المجتمعات الأوروبية. وفي خضم هذا النقاش ظهرت أصوات وقوى سياسية معادية جدا للوجود الإسلامي في أوروبا. مما ساهم للأسف الشديد في قبول بعض الأطروحات العنصرية وشبه العنصرية المعادية لوجود الأجانب داخل المجتمعات الأوروبية ومنها المجتمع الألماني.

في تصريح لوزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش لصحيفة "بيلد ام زونتاغ"، قال أن ألمانيا لا تواجه خطرا مباشرا من قبل اليمين المتطرف في ألمانيا. ما هو تعليقكم على ذلك؟

أنا لست متأكدا من هذا الطرح، لأن منظمات اليمين المتطرف موجودة في ألمانيا منذ زمن بعيد، وهي تتابع أيضا ما يجري في بلدان أوروبية أخرى بما في ذلك النرويج، أو هولندا حيث حصلت أحزاب اليمين المتطرف على عدد كبير من الأصوات في الانتخابات البرلمانية هناك. ولا يمكن أن نقول إن في ألمانيا، لا يمكن أن يحدث ما حدث في النرويج، لأن المناخ العام في البلاد، حتى ولو اتسم بشيء من التسامح والتعايش داخل المجتمع، فهذا المناخ يتسم أيضا بالكراهية والعداء اتجاه المسلمين والإسلام في بعض الأوساط داخل المجتمع الألماني.

 


أجرى الحوار: عادل الشروعات
مراجعة: عبده جميل المخلافي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011