حزب الله -الكاسب الأكبر في انتخابات لبنان البرلمانية 2018- يدأب لترسيخ "شرعية" سلاحه المثير للجدل

يسعى حزب الله بعد النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية اللبنانية والتي عززت نفوذه وموقعه على الصعيد السياسي، الى تكريس "شرعية" سلاحه الذي لطالما كان موضع جدل بين الأفرقاء اللبنانيين. وبعد انقطاع طويل، جرت الأحد 06 / 05 / 2018 الانتخابات التشريعية الأولى في لبنان منذ عام 2009، لتظهر نتائجها فوز أربع مجموعات كبيرة أبرزها "الثنائي الشيعي" وعلى رأسه حزب الله المدعوم من إيران وحليف دمشق، مقابل تراجع ملحوظ لتيار رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تدعمه السعودية. وتقول مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى لوكالة فرانس برس إن "فوز حزب الله يقوي بالتأكيد نفوذه (...) إذ سيمسح له بفرض شروط أفضل لتكريس دوره ودور سلاحه في المرحلة المقبلة ليس فقط في لبنان بل في المنطقة كافة". وبخلاف ميليشيات الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، لم يتم نزع سلاح حزب الله بل يتمسك به بحجة مقاومة إسرائيل، بينما يأخذ عليه خصومه أنه يستخدمه للضغط على الحياة السياسية والتفرد بالقرار. وطوال السنوات الماضية، أثبت حزب الله نفسه تدريجياً كقوة سياسية وعسكرية على الصعيدين الإقليمي والمحلي. ويتخطى دوره اليوم لبنان، إذ يُعد لاعباً أساسياً في سوريا والعراق مروراً باليمن، ويراه كثيرون وسيلة لتوسع إيران، داعمه الأول، ما يثير غضب الرياض، خصمها الإقليمي الأبرز.  وسارع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الإثنين إلى إعلان "انتصار سياسي ومعنوي"، معتبراً أن "تركيب المجلس النيابي الجديد يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية هذا الخيار (المقاومة) الاستراتيجي ولحماية المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة". ويتمسك حزب الله بهذه المعادلة لإضفاء شرعية شعبية ورسمية على سلاحه، وطالما أصر خلال السنوات الماضية على إدراجها في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، ما تسبب بأزمات سياسية عميقة. ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار إن "قضية سلاح حزب الله لن تعود على الأرجح الى دائرة النقاش السياسي في لبنان"، مضيفا: "حتى خصوم حزب الله مثل سعد الحريري سلّموا إلى حدّ ما بالأمر الواقع".  وبعد إقراره بخسارة ثلث المقاعد التي كانت لتياره السياسي في البرلمان، اعتبر الحريري أن مصلحة البلاد ليست في الدخول في مواجهة مع حزب الله. وقال إن قضية السلاح "موضوع إقليمي" أساساً. ويعزو البعض تراجع شعبية الحريري الى التنازلات التي قام بها خلال السنوات الماضية لصالح حزب الله. ويوضح بيطار أن "شبكة التحالفات" التي سيقيمها حزب الله في البرلمان الجديد "تضمن له حق الفيتو الضمني على القضايا الكبرى"، معتبرا أن "ترسانته العسكرية لن تخضع مجدداً للمساءلة". ولم تفرز النتائج الرسمية غالبية واضحة في البرلمان. وبالإضافة الى مجموعة حزب الله- حركة أمل، هناك كتل تيار المستقبل، والتيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه الرئيس ميشال عون، وحزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع الذي ضاعف تقريبا عدد مقاعده. وحصد عدد لا بأس به من المستقلين والأحزاب الصغيرة مقاعد في البرلمان، ومن المتوقع أن يدخل قسم كبير من هؤلاء في تحالفات مع المجموعات الأربع الكبيرة.  لكن في حال أبقى حزب الله على تحالفه مع التيار الوطني الحر، فإن هذا الفريق سيحصد الغالبية البرلمانية للمرة الأولى منذ 2005، عام خروج الجيش السوري من لبنان. ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية عماد سلامة: "الأمر يتعلق بالتيار العوني. إذا ثبّت هذا التيار تحالفاته مع حزب الله وانساق لتوجهات حزب الله فنحن نتكلم عن غالبية ساحقة لهذا التحالف".  ومنذ انتخابه رئيسا في العام 2016، إثر تسوية أتت بالحريري رئيسا للحكومة، يقدم عون نفسه على أنه على مسافة واحدة من كل الأفرقاء. لكنه لا يزال يدافع عن سلاح حزب الله. وبرغم تفاهمه مع الحريري، لم يفك تياره التحالف مع حزب الله. ويقول سلامة أن من مصلحة الجميع الإبقاء على الحريري رئيسا للحكومة "كونه يحظى بتأييد وثقة عربية وأوروبية وأمريكية، وبهذه الطريقة يضمن لبنان استمرار الدعم الاقتصادي" له. وسيكون الحريري، وفق محللين، رئيساً لحكومة من المرجح أن يحظى حزب الله بحقائب أكبر فيها. ويوضح سلامة "القضية الأساسية لحزب الله في لبنان اليوم هو ضمان مواقع في الحكومة تحمي حركته السياسية والعسكرية من دون أي ازعاج" ليس في لبنان فقط بل على صعيد المنطقة بداية من سوريا. وسيطالب حزب الله، وفق قوله، "بحصة أكبر في الحكومة ولن يقبل بدور غير أساسي، كما بتعديلات في البيان الوزاري (...) بحيث أن هذه الحكومة الجديدة تضمن حماية سلاحه". أ ف ب