"المقاومة الكردية الشرسة ستطيل أمد المعركة في عفرين"

عفرين وأنقرة  تشن تركيا عملية عسكرية تستهدف مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها أنقرة منظمة "إرهابية". تعتبر تركيا وحدات الشعب الكردي فرعا من حزب العمال الكردستاني المحظور، والمتمرد على الحكومة في أنقرة منذ 1984. في حين يقول المسلحون الأكراد إن الحملة أسقطت قتلى وجرحى بين المدنيين
عفرين وأنقرة تشن تركيا عملية عسكرية تستهدف مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها أنقرة منظمة "إرهابية". تعتبر تركيا وحدات الشعب الكردي فرعا من حزب العمال الكردستاني المحظور، والمتمرد على الحكومة في أنقرة منذ 1984. في حين يقول المسلحون الأكراد إن الحملة أسقطت قتلى وجرحى بين المدنيين

مع مرور الوقت تتعقد ملامح المعركة الدائرة في عفرين ويتعقد الصراع السوري معها أكثر. العملية التركية دخلت يومها السادس ولا توجد معطيات كافية ودقيقة حول ما يدور فعليا على الأرض. الخبير السوري رامي عبد الرحمن يؤكد في الحوار التالي مع سهام أشطو وبشير عمرون أن المقاومة الكردية شرسة حتى الآن وهو ما سيطيل أمد المعركة في عفرين.

الكاتبة ، الكاتب: سهام أشطو وبشير عمرون

سيد رامي، ما هي آخر تطورات الوضع الميداني في عفرين؟

رامي عبد الرحمن: الاشتباكات تدور على عشرة محاور في أطراف عفرين الشمالية والغربية تمتد من قسطل جندو شمال شرق عفرين وصولا إلى حمام جنوب عفرين. طبعا هناك تقدم للقوات التركية والوحدات المساندة لها من قوات درع الفرات أو ما يعرف بالجيش الحر. هذا التقدم كان في قريتين تقعان شمال غرب عفرين. وطبعا هناك أيضا محاور أخرى تشهد اشتباكات في ثماني قرى أخرى في محاولة من القوات التركية تحقيق تقدم لها هناك. هذا بالنسبة للاشتباكات الواقعة عند أطراف عفرين الشمالية والغربية.

ماذا عن حصيلة القتلى والمقاومة الكردية الآن؟

رامي عبد الرحمن: المقاومة شرسة. إذا ما قسنا على الأيام الستة الأولى للعملية والتقدم البسيط للأتراك فهذا يدل على وجود مقاومة شرسة تبديها القوات الكردية في عفرين، إذ لم تستطع القوات التركية وحلفاؤها سوى السيطرة على قريتين وأجزاء من خمس قرى أخرى ولا نعلم كيف يتغير الحال في الساعات والأيام المقبلة. حجم وكثافة الضربات التركية لا يقارن بمدى تقدم الأتراك ولا يقارن بالوعود التي أعطتها تركيا والفصائل المقاتلة معها.

أنا بنفسي تحدثت مع قائد فصيل مقاتل معارض في أعزاز قال لي عند بدء العملية بالحرف الواحد: خلال يومين أو ثلاثة سوف نكون في عفرين. وحتى هذه اللحظة لم يتخطوا حدود عفرين مع تركيا. أما فيما يتعلق بالقتلى من الجانبين فهناك ما لا يقل عن 47 قتيلا من جانب المقاتلين الأكراد و51 من فصائل الجيش الحر و4 من الجنود الأتراك. بالنسبة للمدنيين سقط 31 شخصا بقصف القوات التركية الجوي والمدفعي واثنان بقصف القوات الكردية في قرية تل جبريل القريبة من عفرين.

مقاتلون من الجيش السوري الحر ضمن القوات المساندة لتركيا في عملية عفرين.
رغم إمكانيات تركيا الكبيرة وحجم ضرباتها وتقدمها حتى الآن في المعركة، يؤكد الخبير السوري رامي عبد الرحمن أن المقاومة الكردية شرسة حتى الآن وهو ما سيطيل أمد المعركة في عفرين.

الأكراد يقولون إنهم يعززون صفوفهم بمقاتلين من مناطق أخرى تخضع لسيطرتهم، كيف يمكن أن يتم ذلك مادامت عفرين حاليا منطقة معزولة؟

رامي عبد الرحمن: إذا كان هناك فعلا وجود لمقاتلين من خارج عفرين فسيكون هؤلاء قد وصلوا عبر مناطق سيطرة النظام السوري وتحديدا عبر بلدتي نبل والزهراء جنوب شرق عفرين (شمال شرق حلب). تحدثت مع ناشطين من هناك ولا يوجد تدفق غير عادي للأشخاص عبر تلك المنطقة، كما أن الذين مروا من هناك نحو عفرين غير مسلحين.

أما فيما يخص الجبهات الأخرى من الصعب جدا انتقال المقاتلين من مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" ومجلس منبج العسكري إلى عفرين إلا إذا كان هناك اتفاق مع قوات النظام.

وما صحة انضمام مقاتلين أجانب للقوات الكردية كما صرح بذلك مسؤول كردي؟

رامي عبد الرحمن: أعتقد أن المقاتلين المتواجدين كانوا موجودين في الرقة وقد جاؤوا لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). الإعلان عن وجودهم الآن في عفرين هو أمر لن يقدم شيئا وقد لا يكونون موجودين أساسا في عفرين وتم إعلان الأمر الآن بغية تحريك الرأي العام الدولي.

فيما يخص الجيش السوري الحر الذي يقاتل مع تركيا الآن في عفرين، ما هي مكوناته، ومن أين جاء مقاتلوه؟

رامي عبد الرحمن: بالنسبة للفصائل التي تقاتل في عفرين، هي فصائل من الجيش الحر بعضها كان في ريف حلب بالأساس كالجبهة الشامية، لواء السلطان مراد، فيلق الشام، لواء سمرقند، السلطان سليمان شاه، أحرار الشرقية وهم من دير الزور وأحرار الشام والفرقة 23 واللواء 51.

فيلق الشام هو الفيلق الأساسي الذي يقاتل في تلك المنطقة وهو معروف بأنه موال للإخوان المسلمين المقرب من تركيا. هناك حديث عن انضمام جبهة النصرة للقوات المقاتلة مع تركيا في عفرين وهذا كلام غير صحيح. والفصائل المشاركة في عفرين تتشكل من العرب والتركمان السوريين وهذا ينفي ما يدور عن انضمام مقاتلين أجانب خصوصا من الشيشان إلى صفوف القوات المقاتلة لصالح تركيا.

مقاتلون من وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة الحسكة.
مقاتلون من وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة الحسكة.

هناك حديث بأن لاجئين سوريين قدموا طلبات تجنيد للقتال إلى جانب الأتراك في عفرين وإشاعات أخرى تقول بأن تركيا تضغط على لاجئين لديها للانضمام إلى الجبهة في عفرين. ما صحة هذا الكلام؟

رامي عبد الرحمن: قد يكون البعض من اللاجئين الموالين لتركيا داخل المخيمات والذين سئموا العيش فيها (المخيمات) التحقوا فعلا، ولكن لا يوجد طلب من السلطات التركية لهؤلاء اللاجئين بالانضمام. فأعداد المقاتلين في مناطق درع الفرات وريف حلب الغربي تصل لنحو 20 ألف مقاتل وهي كافية حتى الآن لجبهة عفرين. والحديث عن أن تركيا ضغطت على لاجئين توصلنا به أيضا من ناشطين أكراد ولكننا تحققنا من الأمر ووجدنا أنه غير صحيح ومجرد حرب كلامية.الجيش السوري الحر لطالما أكد أن عدوه الرئيسي هو النظام السوري، فلماذا سمح بسحب قواته من الجبهة مع النظام ليقاتل إلى جانب تركيا في عفرين؟

رامي عبد الرحمن: لأنه لا يوجد الآن في سوريا أي مجموعة توالي سوريا. كل من هو في سوريا لديه أجندة خارجية حتى الفصائل التي تقاتل الآن في تلك المنطقة. لو كانت في حقيقة الأمر جادة وتريد قتال الأكراد لاستعادة تل رفعت ومناطق أخرى لماذا لم تفتح جبهة تل رفعت وفتحت عوضا عن ذلك جبهة أرادها أردوغان؟ أبناء دير الزور لم يقاتلوا داعش في دير الزور ولجأوا إلى ريف حلب الشمالي. لم يقاتلوا النظام في دير الزور واتجهوا لقتال الأكراد.

هناك مقاتلون من حمص النظام هو من أخرجهم من مدينتهم ولم يقاتلوا النظام في ريف إدلب عندما سيطر على أكثر من 120 قرية فيه وجاؤوا الآن ليقاتلوا الأكراد. أعتقد أن الجميع يعمل ضمن أجندة خارجية لا أحد في سوريا على الإطلاق الآن لديه أجندة وطنية.

وهل هذا مفروض على هؤلاء المقاتلين أم بمحض إرادتهم؟

رامي عبد الرحمن: البعض لديه حقد على الأكراد. يقولون "مشكلتنا مع وحدات حماية الشعب الكردي". أنا سألت هؤلاء: حتى لو انسحب الأكراد من تل رفعت هل تتوقف الحرب؟ قالوا لا، يجب أن ننتقم منهم وعندما أسأل لماذا تريدون أن تنتقموا منهم إذا انسحبوا أصلا من المناطق التي تقولون إنها عربية؟ التحريض الذي كان خلال الفترة الماضية ضد وحدات حماية الشعب الكردي كان كبيرا جدا. كان هناك انتهاكات من قبل وحدات حماية الشعب الكردي سبق ونشرناها في المرصد لكنها ليست بحجم البروبغندا الإعلامية، التي تشنها الآلة التركية والفصائل الموالية لتركيا وقطر.

هناك من يقول إن الأكراد مستعدون لتسليم عفرين للنظام قبل تمكن تركيا من الاستيلاء عليها بالكامل، هل هذا وارد في اعتقادك؟

رامي عبد الرحمن: هذا طلب روسي. روسيا ضغطت على الأكراد ليسلموا عفرين للنظام فهي تريد أن تكون كل المناطق الممتدة من جرابلس إلى البوكمال تحت سيطرة النظام، أي تحت سيطرتها، لكن الأكراد رفضوا تسليمها للنظام. من هنا كان الرد الروسي واضحا وهو إعطاء الضوء الأخضر لتركيا بالدخول إلى عفرين من أجل الضغط على المقاتلين الأكراد في محاولة منها لكسر معنوياتهم من أجل تسليم تلك المناطق. وطبعا الولايات المتحدة لم تتدخل لأنها كانت تدعم الأكراد في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.

رامي عبد الرحم، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان
رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان: "لم تعد هناك أي أجندات وطنية في سوريا وصارت كل الفصائل تقاتل لأجندات خارجية". كما نفى ما يدور من حديث في وسائل الإعلام على لسان مسؤول كردي بأن مقاتلين أوروبيين وأمريكان انضموا للقتال مع "وحدات حماية الشعب" الكردية.

ولماذا تقبل تركيا الدخول في لعبة الروس هذه مع الأكراد؟

رامي عبد الرحمن: تركيا عدوها الوحيد داخل سوريا هم الأكراد. تركيا، وقد قلنا هذا سابقا وقالتها عدة جهات أخرى، فتحت البوابة للعناصر الجهادية منذ نهايات العام 2011 بالدخول إلى الأراضي السورية. كل شيء يستطيع كسر الأكراد في سوريا تؤيده تركيا. وتركيا في النهاية عندما سلمت حلب للنظام عبر انسحاب المقاتلين من أحياء حلب الشرقية، فإن ذلك لم يكن من أجل قتال الدولة الإسلامية بل من أجل منع الأكراد من وصل مناطق سيطرتهم في عفرين بعين العرب/ كوباني.

ما هي السيناريوهات المطروحة أمام الأكراد الآن؟

رامي عبد الرحمن: القتال حتى النهاية. أمامهم القتال والمقاومة حتى النهاية. لا يوجد أي إمكانية أخرى أمامهم عدا ذلك سوى الرضوخ لمطالب روسيا وأعتقد أنهم لو أرادوا ذلك لفعلوا ذلك منذ البداية. يوجد في عفرين أكثر من مليون ومائة ألف مدني نحو500 ألف منهم من النازحين العرب وهناك أكثر من 600 ألف كردي وهناك نحو 7 إلى 10 آلاف مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة وقوات الدفاع الذاتي.

هل ستكتفي تركيا بتحقيق انتصار في عفرين أم أنها ستنقل الجبهة إلى منبج؟

رامي عبد الرحمن: لندع تركيا تنتصر أولا في عفرين وعندها نتحدث عن ما ستفعله بعد عفرين. أعتقد أن تركيا ستنكسر في عفرين مثلما انكسر تنظيم الدولة الإسلامية في بداية العام 2015 في عين العرب/ كوباني.

 

أجرى الحوار: سهام أشطو وبشير عمرون

حقوق النشر: دويتشه فيله 2018