تحالفات غير شائعة: المسلم واليهودي، اليسار واليمين

يبحث الدكتور عظيم إبراهيم، الزميل والعضو في مجلس إدارة معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، في قانون يجري بحثه حالياً في مجلس الشيوخ الهولندي والذي يوحّد اليهود والمسلمين من ناحية وأحزاب اليمين واليسار من ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه يتحدّى مفهوم الدولة للحرية الدينية.



يقوم مجلس الشيوخ الهولندي في تشرين الأول/أكتوبر بمراجعة قانون منع الذبح الشعائري، الذي طبّقه مجلس النواب في حزيران/يونيو 2011. ليس في مجلس الشيوخ، الذي يصف نفسه بأنه "مؤسسة لا تهتم كثيراً بأفكار قد تكون سائدة في فترة محددة"، أي حزب يشكّل الأغلبية. لذلك، سيكون من المثير للاهتمام رؤية ما إذا كان بإمكانه حماية الحريات الدينية أو الاستسلام للضغوط لتحديدها عبر هذا القانون.

تسبّب منع الذبح الشعائري الديني بإهانة عميقة لليهود والمسلمين الذين يمارسون دينهم في هولندا، حيث تمت الموافقة على التشريع بهامش 116 إلى 30 صوتاً. تم اقتراح التشريع، الذي يمنع فعلياً اللحم الحلال والكوشر حسب تقاليد الديانتين والقوانين الغذائية، من قبل عضو البرلمان ماريان ثييم، زعيمة حزب حماية حقوق الحيوانات، نتيجة لقلقها من القسوة ضد الحيوانات. تنكر ثييم أن مشروع القانون الذي قدمته له أية أهداف معادية للأديان، ولكنه استقبل بحماسة من قبل غيرت والدرز، زعيم حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف والمعادي للإسلام. نجحت مسودة المشروع في نهاية المطاف مع تعديل يسمح بالذبح الشعائري بشرط توفير براهين علمية مؤكدة خلال خمس سنوات لسلطة سلامة المواد الغذائية الأوروبية تثبت أن الذبح بدون الصدمة المسبقة لا يتسبب للحيوانات بأية معاناة غير ضرورية.

لا تشعر الجاليات اليهودية والمسلمة بالرضا حول هذا الحل الوسط، وتقول أنه يضع مستقبل الممارسات الدينية في أيدي العلماء ويتجنب قضية الحريات الدينية. وهذا أمر يشكل مدعاة للسخرية في المجتمع الأوروبي التعددي. يشير تقرير أصدرته المفوضية الأوروبية مؤخراً ضد العنصرية وعدم التسامح أن نبرة الجدل الهولندي السياسي العام حول التكامل قد أظهر "تردياً مثيراً" خلال السنوات العشرة الأخيرة. ويمكن تفسير النجاح الانتخابي الأخير المثير للدهشة لحزب الحرية الهولندي من خلال حقيقة أنه يوفر دعماً برلمانياً لحكومة الأقلية، والتي تميل بدورها لحماية والدرز، ربما بسبب خوف حكومة الأقلية من خسارة قدرتها على الحكم.

 

مادة دسمة للشعبويين

الصورة د ب ا
"تسبّب منع الذبح الشعائري الديني بإهانة عميقة لليهود والمسلمين الذين يمارسون دينهم في هولندا"

​​

إلا أن بعض السياسيين الهولنديين رفعوا أصواتهم منادين بحوار برلماني حول رهاب الأجانب في هولندا، وبالذات توفيق ديبي، أحد سبعة أعضاء في البرلمان يعرّف نفسه بأنه مسلم يمارس دينه. كذلك نادى زعيم حزب العمال الهولندي يوب كوهين بإجراء حوار حول الحاجة "لتعديل نبرتنا ... ليس لتجنب الحوار بل للانخراط فيه بشكل مفتوح وباحترام متبادل". يأمل المرء أن يجري الانتباه لأصوات المنطق هذه. تعتمد القضية المشتركة لاتحاد اليهود والمسلمين ضد المنع من أجل حماية تقاليد اللحم الحلال والكوشر على الأهمية التي تضعها كلا الديانتين على منع معاناة الحيوانات. ينظر العديد من اليهود والمسلمين إلى الأساليب الميكانيكية الحديثة كصعق الحيوانات وقتلها في المسالخ الغربية بأنها أكثر بربرية بكثير، ويبدو أن أحداً لم يأتِ بعد بقياسات علمية إيجابية للألم الذي تشعر به الحيوانات عند موتها بأي من الأسلوبين.

تُعتبر الحجج والنقاشات التي يتم إدراجها مع وضد الذبح الشعائري انفعالية وغير موضوعية وعرضة للتفسير الخاطئ، كما أنها توفر خليطاً قوياً للسياسيين الشعبيين ليستغلونها عندما يكون الاقتصاد الوطني معرضاً للمشاكل، أو عندما تستفحل البطالة. من المأمول به أن يعيد مجلس الشيوخ الهولندي النظر في القضية في ضوء حرية الأديان التي تنص عليها المادة 9 من المعاهدة الأوروبية حول حقوق الإنسان، التي توفر الحق في حرية الفكر والضمير والدين. سوف تشكل معاملة مجلس الشيوخ للمنع اختباراً لقدرة هذه الديمقراطية الأوروبية الليبرالية الناضجة على توفير إجماع أو حل وسط أو التزام حول قضية خلافية ضمن تقاليد عمرها قرون من الزمان، من الليبرالية وحقوق الإنسان والتسامح تجاه الأقليات الدينية.

 

عظيم إبراهيم
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2011

الدكتور عظيم إبراهيم زميل وعضو بمجلس إدارة معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم وعالم بحوث سابق في كلية كينيدي للحكم بجامعة هارفرد وزميل عالمي بجامعة ييل. لقراءة المزيد من كتاباته يرجى زيارة الموقع www.azeemibrahim.com ومتابعته على التويتر (@AzeemIbrahim).