''قانون حصانة علي عبد الله صالح إهانة ''

في هذا الحوار تتحدث الناشطة السياسية اليمنية ووزيرة حقوق الإنسان في اليمن حورية مشهور عن قانون منح الحصانة للرئيس السابق علي عبد الله صالح ولمساعديه، الأمر الذي أثار سخط واحتجاج العديد من الشباب اليمني الذي شكل نواة الثورة التي أطاحت بحكم صالح. شارلوته فيديمان في حوار مع الوزيرة اليمنية مشهور.

الكاتبة ، الكاتب: Charlotte Wiedemann



كما انتقد ناشطو حقوق الإنسان خارج اليمن أيضاً الحصانة التي منحت للرئيس علي عبد الله صالح. كيف يمكنك، كوزيرة لحقوق الإنسان، دعم مثل هذا القانون؟

حورية مشهور: لقد صوتّ ضد هذا القانون في جلسة الحكومة. أنا لم أذهب حتى إلى جلسة البرلمان التي بادرت به. لقد بكى رئيس الوزراء عندما قدم مشروع القانون. إن هذا الوضع برمته مؤلم جدا، فهذا القانون إهانة لكل شيء – لدستورنا ولمعاهدات حقوق الإنسان التي وقع عليها اليمن وللشريعة الإسلامية أيضاً، التي تنصّ على أن حق العفو عن المجرم هو بيد الضحية فقط. هذا القانون غير مقبول على الإطلاق، وهو أسوأ حل يمكن تصوره.

لكن أحزاب المعارضة دعمت مشروع هذا القانون في البرلمان. لماذا؟

مشهور: لم يكن لبلدنا أي خيار آخر. لقد مارست القوى الإقليمية والمجتمع الدولي ضغوطاً علينا.

ما هي الجرائم التي ارتكبها صالح على مدى 33 عاماً، التي يشملها قانون الحصانة؟

حورية  مشهور، الصورة شارلوته فيدمان
تقول حورية مشهور إنها "وزيرة قادمة من الشارع، وأريد أن أبقى على تواصل مع الثورة وأن أمثل همومها".

​​مشهور: كل الجرائم التي ارتكبها، للأسف! وأسوأ هذه الجرائم تلك التي ارتكبها أثناء الثورة عام 2011، التي حصلت على مرأى ومسمع من العالم، حتى المجتمع الدولي كان يتابع ما يحدث. لا يمكن لأي شخص أن ينسى مجزرة "جمعة الكرامة"، في الثامن عشر من مارس 2011، والتي راح ضحيتها 57 شخصاً بعد صلاة الجمعة. لا بد أن صالح تابع كل ما جرى آنذاك، فهو كان يطير فوق المنطقة بطائرة عمودية أثناء صلاة الجمعة.

يقال إن ما يقرب من 1100 مدني أعزل قتلوا أثناء الثورة. هل يمكنك تأكيد هذه الأرقام؟

مشهور: لا توجد حتى الآن أرقام مؤكدة. يمكن أن يكون عدد الضحايا حوالي 2000 مدني، فالكثير من اليمنيين فقدوا أبناءهم وإخوانهم وأخواتهم. لا يمكن لأي من هؤلاء أن يقبل قانون الحصانة.

الكثير بات يخشى من أن تبدأ حقبة الانتقام الفردي. كيف يمكن للمصالحة أن تتم في اليمن؟

مشهور: يجب أن يقدم تعويض للضحايا، ولا أقصد هنا تعويضاً مالياً فقط، وإنما تعويض نفسي أيضاً. يجب أن يكرم هؤلاء. أما الجرحى والمقعدون فيجب أن يحصلوا على عناية طبية مجانية. ما لا يطاق هو أن يتلقى صالح أفضل عناية طبية في الولايات المتحدة، بينما لا يحصل كثير من ضحاياه على الحد الأدنى الضروري من الرعاية. ويجب علينا أيضاً أن نحدد الأماكن التي يتم احتجاز المواطنين فيها بشكل غير قانوني. ويجب كذلك إعادة كل من فروا من منازلهم، وإعادة توظيف كل من فقد عمله بدون سبب.

هذه وعود كبيرة...

مشهور: بالطبع سيكون من الصعب القيام بشيء ما لكل الضحايا، فهذا سيتطلب وقتاً طويلاً. لكن يجب علينا أن نبدا الآن. أول خطوة ستكون مناقشة قانون العدالة الانتقالية مع الجمهور. ونحن بحاجة إلى لجنة تحقيق تصغي إلى الضحايا وأقارب المتوفين وتسجل الجرائم. هذا الانفتاح قد يقود إلى المصالحة، التي ستنهي سفك الدماء، أو على الأقل هذا ما آمل بتحقيقه.

من سيكون عضواً في لجنة التحقيق هذه؟

علي صالح د ب ا
بعد أن وافق صالح على التنحي في نوفمبر الماضي، أعلن التلفزيون الحكومي اليمني أنه سيمنح حصانة عامة. لقد تمكن الدكتاتور، الذي بقي في سدة الحكم لأكثر من ثلاثة عقود، من المحافظة على سلطته لمدة 11 شهراً، رغم الاحتجاجات الحاشدة التي نظمت ضده منذ يناير سنة 2011.

​​مشهور: يجب أن تكون هذه اللجنة مستقلة. لكن على الحكومة الأخذ بزمام المبادرة، وقد تم عقد بعض الاجتماعات التحضيرية في هذا الصدد، إلا أن علينا الانتظار حتى نحدد الإطار القانوني لهذه اللجنة.

في جرائم أي حقبة من تاريخ اليمن ستقوم اللجنة بالتحقيق؟

مشهور: أعتقد أن البداية ستكون من الحرب الأهلية مع اليمن الجنوبي عام 1994. أما البعض فيشعر أن عام الثورة فقط هو من يجب التحقيق فيه، أما الآخرون فيرون أن التحقيق يجب أن يشمل كل فترة حكم صالح. لكن في ذلك الوقت كان هناك يمنان، لذا فمن المنطقي أن تبدأ فترة التحقيق من بعد توحيد شطري اليمن.

يناقش الناشطون في المجتمع المدني كيفية تقديم صالح للمحكمة الجنائية الدولية رغم قانون الحصانة. ما هو رأيك في ذلك؟

د ب ا

​​مشهور: هناك ضغط كبير من المجتمع المدني كي يوقع اليمن على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية بأسرع ما يمكن. لكن البرلمان، المنتهية دورته منذ فترة طويلة، لا يزال يحتفظ بغالبية موالية لصالح، والبرلمان الجديد لن ينتخب إلا بعد عامين من الآن. وعلى الرغم من ذلك، فإن الضحايا وأقاربهم يجب أن يبدؤوا في محاولة التقدم بطلب للمحكمة الدولية.

هل ستدعمين ذلك بالرغم من قانون الحصانة؟

مشهور: أدعم ذلك قلباً وقالباً. هذه منطقة رمادية من الناحية القانونية.

البعض يعتبر الحصانة المقدمة لصالح نموذجاً يمكن أن يسهل على بشار الأسد في سوريا عملية التنحي. هل تعتبرين الحل اليمني نموذجاً؟

مشهور: لا. إنه ليس نموذجاً على الإطلاق. في سوريا ترتكب مجازر بشكل يومي، وبالنظر إلى ذلك كيف يمكن أن يؤيد السوريون الحصانة؟

لقد دعمت الثورة واعتُبرت ذات مصداقية. هل يمكن للوزير أن يكون ثورياً؟

مشهور: أنا وزيرة قادمة من الشارع، وأريد أن أبقى على تواصل مع الثورة وأن أمثل همومها. بالطبع سأستمر في الذهاب إلى ساحة التغيير في الصنعاء. بعض الوزراء يخشون الذهاب هناك، ومن أن يرميهم أحد بحذائه. أنا لست خائفة، فقد كنت هناك أمس.

 

أجرت الحوار: شارلوته فيديمان
ترجمة: ياسر أبو معيلق
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012