آمال ووعود ذهبت أدراج الرياح

لقد قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وعودًا كثيرة ولم يفعل سوى القليل. وكذلك لم يتمكَّن من إحداث انطلاقة ملموسة في عملية السلام، ليصل الأمر إلى خيبة أمل حتى من خلفائه الذين لا يتوقع منهم المرء الكثير . تعليق من بيتينا ماركس.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود اولمرت، الصورة: أ.ب
وماذا بعد استقالة أولمرت؟

​​استسلم إيهود أولمرت، إذ يريد بعد ستة أسابيع عندما سيقوم حزبه كديما بانتخاب رئيس جديد له ترك منصبه وإفساح المجال للرئيس الجديد أو الرئيسة الجديدة. "سوف يستقيل أخيرًا" - من الجائز أنَّ معظم المواطنين الإسرائيليين قد فكَّروا على هذا النحو، هؤلاء المواطنون الذين قُدِّر لهم أن يشاهدوا كيف كان رئيس وزرائهم يترنَّح منذ عدَّة أعوام من قضية فساد إداري إلى قضية أخرى.

وعود فارغة

لم يستمر إيهود أولمرت في منصب رئاسة الحكومة إلاَّ ثلاثين شهرًا. لقد تولى أولمرت هذا المنصب في وقت صعب، ليخلف سلفه أرييل شارون الذي أصيب في شهر كانون الثاني/يناير 2006 بنزيف في الدماغ ودخل في غيبوبة. وفي الانتخابات التي أجريت بعيد ذلك كانت النتيجة التي حصل عليها أولمرت مخيِّبة للآمال. فقد كان يأمل في أن يحقِّق فوزًا مميَّزًا في الانتخابات لصالحه ولصالح حزب كديما الذي كان ما زال حديث النشأة وقد أسَّسه قبل ذلك بفترة قصيرة أرييل شارون.

بيد أنَّ ذلك لم يزعج أولمرت. فقد قطع الوعود بأنَّه سيمنح إسرائيل أخيرًا حدودًا ثابتة وسيعقد صلحًا مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة. ولكنَّه لم يتمكَّن من تحقيق أيّ شيء من هذه الوعود. بل لقد فعل النقيض. إذ ما يكاد يتولى مهامه حتى خاض حربًا ضدّ حزب الله ولبنان - حرب عادت عليه في البداية باستحسان كبير من قبل المواطنين الإسرائيليين، بيد أنَّ نهايتها المخيِّبة للآمال والتي سقط فيها الكثير من الضحايا كادت تكِّلفه فيما بعد الاستقالة من منصبه.

السلام لم يتحقَّق مع الفلسطينيين

وكذلك لم يتم تحقيق أيّ تقدّم في المحادثات مع الفلسطينيين. وصحيح أنَّ أولمرت كان يلتقي بشكل دوري رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس لإجراء ما يعرف باسم محادثات السلام؛ لكن في الوقت الذي كان يتفاوض فيه معه كانت حكومته توافق في الوقت نفسه على بناء مستوطنات جديدة وتوسيع مستوطنات أخرى، كما أنَّ إيهود باراك الذي يشغل منصب وزير الدفاع في وزارته كان يطالب باتِّخاذ إجراءات مشدَّدة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وبالنظر إلى ذلك سوف يكون من دواعي السخرية إذا أشار أولمرت الآن إلى أنَّه قبيل استقالته من منصب رئاسة الوزراء سيوقع اتِّفاقية سلام مع محمود عباس. إذ إنَّ أولمرت لم يعد قادرًا وكذلك محمود عباس على الاعتماد على أغلبية ناخبيهما. وكلاهما لم يعد يتمتَّع بتفويض الناخبين من أجل التوصّل إلى قرارات لها تبعات كثيرة.

خليفة أولمرت: محرِّض مشكوك في أمره

ليفني وأولمرت، الصورة: أ.ب
"على الرغم من أن ليفني تعتبر داخل حزبها بمثابة حمامة وديعة، إلاَّ أنَّها هي الأخرى تمثِّل موقفًا متصلِّبًا ومتحديًا تجاه الفلسطينيين"

​​ولكن كذلك يبدو أنَّ الأوضاع في الشرق الأوسط لن تتحسَّن بعد إيهود أولمرت. هناك سياسيان من بين السياسيين الأربعة المحتملين لخلافة أولمرت في رئاسة حزب كديما، أثبتا في الماضي تفوّقهما كمحرِّضين بارزين.

شاؤول موفاز وزير المواصلات الذي كان يشغل إبّان اندلاع لانتفاضة منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي والذي كان يعارض بانتظام قرارات القيادة السياسة وتم وصفه من قبل صحفي إسرائيلي بأنَّه "رجل من دون صفات ومميِّزات"، كان يبذل ما في وسعه من أجل قمع الانتفاضة الفلسطينية بعنف شديد.

أما أفي ديختر وزير الأمن الداخلي الذي كان في السابق رئيسًا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، فيعتبر الرأس المدبِّر للاغتيالات الموجَّهة التي تستخدمها إسرائيل للقضاء على أعدائها السياسيين في المناطق الفلسطينية.

مرشحون غير مستعدِّين للتسوية

وأما وزير الداخلية مائير شتريت الذي ما يزال يلفت الأنظار حتى الآن من خلال ولائه غير المشروط لإيهود أولمرت، فليس لديه عمليًا أمل في أن يصبح خليفة لأولمرت، وذلك لأنَّه يفتقد القاعدة القوية الضرورية لمساندته في حزبه.

وأخيرًا وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي تعدَّ حاليًا المرشحة الأكثر أملاً - على الرغم من أنَّها أصبحت تعتبر داخل حزبها بمثابة حمامة وديعة، إلاَّ أنَّها هي الأخرى تمثِّل موقفًا متصلِّبًا ومتحديًا تجاه الفلسطينيين.

ولم يمتاز أيّ مرشح من هؤلاء المرَّشحين الأربعة لخلافة أولمرت حتى لو بفكرة واحدة خلاّقة، ولم يقدِّم أي منهم اقتراحًا خلاّقًا لإيجاد حلّ سلمي للصراع الدائر مع الفلسطينيين. ولم يكشف أي منهم عن سماحته واستعداده للتسوية. وصحيح أنَّ إعلان أولمرت عن عزمه على الاستقالة قد قوبل بارتياح، لكن ليس هناك ما يدعو إلى الأمل في تحقيق تقدّم في عملية السلام.

بيتينا ماركس
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

بيتينا ماركس خبيرة في الشؤون الإسرائيلية وعملت عدة سنوات مراسلة للتلفزيون الألماني WDR في تل أبيب.

قنطرة

آفي بريمور في نظرة للسلام مع سوريا:
مفتاح السلام بيد دمشق
في ضوء التأكيدات الرسمية لمسئولين سوريين وإسرائيليين وأتراك أن دمشق وتل أبيب تجريان مفاوضات في أنقرة برعاية تركية يرى السفير الإسرائيلي السابق لدى ألمانيا آفي بريمور أن التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة بين البلدين يعد الطريق الأمثل للحد من النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة وإبعاد دمشق عن أحضان طهران.

سياسة الاستيطان الإسرائيلية:
"المشاريع الاستيطانية خدمة مجانية لمصالح المتطرفين"
أثار إعلان إسرائيل الأخير عزمها المضي قدمًا في بناء المستوطنات في الضفة الغربية انتقادات دولية. وتشكّل هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل سببًا مهمًا لتجميد مفاوضات السلام المتعثِّرة في الوقت الراهن - حسب رأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط والصحفي فولك هارد فيندفور في حوار مع خولة صالح.

الإسرائيليون والفلسطينيون وثقافة التسامح:
حقد وكراهية متبادلة، وأحلام طفولية تفتقد للبراءة
تشكل الكتب المدرسية وسيلة هامة لقياس مدى التفاهم ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فقد تعاهدا في اتفاقية أوسلو على تجنب التحريض المتبادل بينهما، لكن الرقابة على التقيد بهذا الاتفاق كاد يقتصر على الجانب الفلسطيني فقط. تقرير يوسف كرواتورو