تونس الجديدة- ثورة على طريق التغيير الديمقراطي

لا تزال البطالة والفساد تشكلان إلى اليوم عقبتين رئيسيتين في طريق الديمقراطية في تونس. وإضافة إلى ذلك تحتاج تونس الآن إلى ثقافة التوافق السياسي، كما يرى فتحي العيادي، السياسي التونسي عن حزب النهضة.

الكاتبة ، الكاتب: Fathi Ayadi



من ينظر اليوم إلى تونس ما بعد الثورة سيجد تيارات سياسية مختلفة جدا. ولكن هناك شيئا واحدا واضحا، وهو أن الثورة خلطت الأوراق وغيرت الظروف السابقة كليا وفتحت آفاقا جديدة للثقافة السياسية في تونس. وبعد هذا الزلزال القوي والمؤثر باتت الأولوية الآن للاستقرار.

ولايمكن التعرف حتى الآن سوى على ملامح لتونس الجديدة، في الوقت الذي ما زالت فيه الثورة تصارع ضد خطر قيام ثورة مضادة. فبين الحين والآخر يستغل أعداء الثورة المظاهرات والاحتجاجات المشروعة من أجل زرع البلبلة وتأجيج مشاعر الإحباط الاجتماعي وخلق الفوضى؛ وباختصار: لنشر الشعور بأن استقرار البلاد مهدد.

مما لا شك فيه أن للثورات حركتها الخاصة، والكثير مما حدث في أماكن أخرى ربما سيحدث مع الثورة التونسية. فهل ستتمكن من تحقيق هدفها في القضاء على نظام الاستبداد والفساد، وفي بناء نظام عادل يصون كرامة كل تونسي؟ هذا هو التحدي الأساسي في هذه المرحلة.

نجاح  مشروع الديمقراطية

د ب ا
التحول الديمقراطي كعملية تعلم طويلة الأمد: "يجب أن تتحول الديمقراطية إلى ثقافة سياسية، وأن ينظر إليها كآلية للتنافس السياسي وكأداة لانتقال السلطة"، كما يكتب فتحي العيادي.

​​النخبة السياسية في البلاد نجحت حتى الآن في المضي بالثورة قدما على طريق التغيير الديمقراطي: فقد أجريت انتخابات حرة ونزيهة، نشأت بنتيجتها مؤسسات شرعية. ويجري الإعداد لدستور جديد يعكس تطلعات الشعب التونسي إلى الحرية والعدالة والكرامة والحفاظ على التغييرات الديمقراطية. ولكن حتى ينجح "مشروع الديمقراطية" يجب توفير ثلاثة شروط أساسية ملحة.

أولا: يجب أن لاتبقى الديمقراطية مجرد شعار. بل يجب أن تتحول إلى ثقافة سياسية، تستوعبها الأحزاب، كآلية للتنافس السياسي وكأداة لانتقال السلطة. ولكننا نحتاج في المرحلة الحالية إلى ثقافة التوافق السياسي. يجب أن نتفق على ما يشبه العقد السياسي، حتى يصبح المشروع الوطني للتغيير الديمقراطي راسخا لارجعة فيه.

العديد من الأحزاب السياسية في تونس مازالت تتلمس طريقها إلى الديمقراطية، ولم تتخلص كليا بعد من عقلية المقاومة ضد النظام المستبد. مثل هذه الأحزاب لاترى مستقبلا لها إلا في صفوف المعارضة الديمقراطية.

التغلب على الفقر والبطالة

د ب ا
أبناء ثورة الياسمين كخاسرين من عملية التحديث؟ - "لقد ورثت تونس ما بعد الثورة مشكلة الفقر المنتشر على نطاق واسع وارتفاع معدلات البطالة. وعواقب ذلك هي: الإحباط الاجتماعي يزداد باستمرار، كما ترتفع أصوات بمطالب متسرعة على حساب التضامن الاجتماعي"، كما يرى فتحي العيادي.

​​ثانيا: يجب أن نواجه التحديات وأن نتصدى لأعداء الثورة. وهنا تبرز الحاجة خاصة إلى الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد. ولابد من الإشارة إلى أنه لا يمكن الحفاظ على الوحدة الوطنية إلا من خلال الحوار. ويجب أن يكون المعيار الرئيسي لجميع القرارات هو نجاح الثورة، وليس اتباع إيديولوجية معينة.

ثالثا: يحق للثوار تولي زمام المبادرة لتطوير البلاد، بشكل منصف، وخلق فرص عمل. وهذا ينطبق بشكل خاص على المناطق التي كانت مهملة سابقا. وقد ورثت تونس ما بعد الثورة مشكلة الفقر المنتشر على نطاق واسع وارتفاع معدلات البطالة. وعواقب ذلك هي: الإحباط الاجتماعي يزداد باستمرار، كما ترتفع أصوات بمطالب متسرعة على حساب التضامن الاجتماعي. ويعني التضامن هنا تلبية الاحتياجات الاجتماعية وفقا لتسلسل صحيح: أولا محاربة البطالة، ومن ثم زيادة الأجور. التخلص من تركة الماضي لا يمكن أن يتم بالسرعة التي يتمناها البعض. فالوقت هو جزء من الحل.

 

فتحي العيادي
ترجمة: فلاح آل ياس

 مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: صحيفة دي تسايت الألمانية/ قنطرة 2012


فتحي العيادي هو نائب عن الحزب الإسلامي المعتدل "النهضة" في المجلس الوطني التأسيسي. وقبل أن يتولى مهام منصبه الجديد عاش العيادي وقتا طويلا في ألمانيا. ويحمل العيادي دبلوم الدراسات العليا في الرياضيات، وبعد الدراسة عمل في جامعة ريغينسبورغ في عدة أعمال من بينها تطوير البرمجيات. مقاله هذا هو جزء من سلسلة حول اللاعبين السياسيين الجدد في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية في العالم العربي، والتي تقوم صحيفة "دي تسايت" بنشرها على الانترنت بالتعاون مع مؤسسة كويربر.