أولويات خاطئة وهوَس بيئي

تلعب المياه دورا مهما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. أحد علماء الهيدرولوجيا الألمان يستعرض في لقاء مع الصحفي يوسف كرويترو وجهات النظر الضعيفة للإسرائيليين والفلسطينيين حول سياسة استخدام المياه وآلية التوظيف وطبيعة التوزيع.

أصبحت قلّة الموارد المائية الضرورية للحياة في ازدياد مطرد في كثير من مناطق العالم. من المعروف في الصراع الشرق أوسطي أن مجرد تحويل مياه أحد الأنهار أو سحب المياه بالمضخات يمكن أن يكون سببا في نشوب حرب.

لم يكن توزيع المخزون الحالي من المياه بين إسرائيل وجيرانها العرب ناتجا عن الحروب الشرق أوسطية فقط وإنما نتج أيضا جرّاء اختلاف وجهات النظر حول طرق الحصول على المياه في المنطقة. يرى عالم الهيدرولوجيا الألماني كليمنز مسرشميد الذي يعيش ويعمل منذ سنين في رام الله، أن وجهات نظر الإسرائيليين والفلسطينيين أصبحت قديمة ومغرضة.
إن نقد مسرشميد، الذي يحظى باحترام في إسرائيل هذه الأيام، يعتبر موجها في المقام الأول ضد إسرائيل. حيث يرى عالم الهيدرولوجيا – على العكس من الآراء السائدة –أن الإسرائيليين ما يزالون يتحكمون في معظم مخزون المياه ببلد لا يعاني من فقر في المياه.

قلّة المياه زعم كاذب

إن استمرار الفلسطينيين في اعتقادهم بقلّة المياه في المنطقة هو زعم كاذب، مرجعه إلى دأب الإسرائيليين - عن قصد – الترويج إلى أن قلّة المياه من الظروف الطبيعية. وبناء عليه يستمر التوزيع غير العادل لمخزون المياه لصالح إسرائيل.
يرى عالم الهيدرولوجيا أن تزايد مشاكل المياه يعود إلى أن إسرائيل تستخدم الجزء الأكبر من المياه الموجودة في اقتصادها الزراعي الخاص، على الرغم أنه لا يمثل اليوم إلا جزءا صغيرا من الاقتصاد الإسرائيلي الكلي.

أولويات خاطئة

من دون أن تعير الدولة الإسرائيلية ذلك اهتماما فهي لا تزال تتشبث بأسطورة التأسيس الصهيونية التي تجعل الزراعة بؤرة اهتمام مؤسسات الاستيطان عند توطين اليهود في فلسطين. يرى مسرشميد أنه من الخطأ بمكان أن تحظى السياسة المائية في إسرائيل بأولويات. من هذا المنطلق نجدهم يتعاملون مع مخزون المياه الثمين بطريقة تبذيرية عندما يسقون مساحات واسعة من الأراضي في وقت الصيف الحار في حين أن الجزء الأكبر من المياه يتبخر بسرعة.

على العكس من ذلك لا يملك الفلسطينيون كمية المياه المقررة لهم حسب اتفاقيات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية. ويلقي مسرشميد باللائمة على السلطات الإسرائيلية لأنهم يسدّون الطريق أمام الفلسطينيين للوصول إلى أكبر منبع للمياه الجوفية، المسمى بالطبقة الصخرية المائية الغربية. وعلى الرغم من وجود بعض عمليات التنقيب عن المياه على الجانب الفلسطيني إلا أنها لا تكفي قط للحصول على المياه الكافية.

لم يدخر مسرشميد – الذي قوبلت اعتراضاته بالدفاع من قِبل مصلحة المياه الإسرائيلية - وُسعا في نقد الفلسطينيين أيضا. فهو لا يرى صحة في كل شكاويهم ضد السياسة المائية لإسرائيل. فالمستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية لا يدّعون لأنفسهم الحق في المياه الفلسطينية، وعندما تبيع إسرائيل المياه للفلسطينيين فلا يطلبون ثمنا أكثر مما يطلبون من البلديات الإسرائيلية.

الهوَس البيئي

يرى عالم الهيدرولوجيا الألماني أن الفرصة الوحيدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حول المياه بصورة عادلة هو التغيير الأساسي للموقف الإسرائيلي والتعاون الوثيق بين الجانبين. ويرى أيضا أنه من الممكن أن يتعلم الإسرائيليون أشياء مفيدة من الطرق الفلسطينية التقليدية في تخزين المياه واستغلالها، تلك الطرق الاقتصادية المتلائمة مع المناخ الجاف.
لهذا فإن تربية الزهور في الصحراء الإسرائيلية بكثير من المياه لتصديرها إلى أوروبا فيما بعد يعد نوعا من الهوَس البيئي. ومن الأفضل في هذه الحالة بيع المياه الإسرائيلية مباشرة للأوروبيين.

يوسف كرويترو
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
قنطرة 2008

قنطرة

مقاومة سلمية ضد مصادرة الأراضي وبناء الجدار:
عصيان مدني ومبادرات قانونية
“حركة التضامن الدولي" و"فوضويون ضد الجدار" منظمتان تضمان ناشطين فلسطينيين وإسرائيليين وأجانب يقاومون بشتى الوسائل السلمية من أجل الحد من مصادرة الأراضي الفلسطينية ووقف بناء الجدار. تقرير بقلم منى سركيس

سوريا والعراق في مواجهة تركيا
صراع على مياه دجلة والفرات
يشكل المشروع التركي المعروف باسم "مشروع جنوب شرق الأناضول" والذي يُفترض إنجازه حتَّى العام 2010 بؤرة لنزاعات سياسية مقبلة في المنطقة. تقرير أعدّته كلاوديا مولاّوَر

مشكلة المياه في الشرق الأوسط:
ضرورة ضرورة توعية السكان
يوجد ماء شرب كاف للأجيال القادمة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط في حال تقوية الإحساس بالمسؤولية لدى السياسيين والمستهلكين. عالم المعادن لدى جامعة فرانكفورت فتحي زريني يوضح في مقابلة أجراها معه هانز ديمبوفسكي الآفاق المتوقعة في هذا السياق