
هل العلمانيون ملاحدة وزنادقة؟
أعاد نشر كاتب أردني قبل عدة شهور كاريكاتوراً مُسيئاً للذات الإلهيّة السجالَ حول الدّين والعلمانية، وتفجّرت مواقع التواصل الاجتماعي بالغضب، لاعنةً العلمانيين والملاحدة والمتزندقين.
وقبل أن يُنشر الكاريكاتور المسيء والبذيء وعديم الخيال على صفحة الكاتب على «فايسبوك»، كان يندلع بين الحين والآخر جدلٌ يعطف العلمانية على الإلحاد، وغالباً ما كان يصدر هذا الموقف عن أشخاص ملتزمين فكرَ الإخوان المسلمين، أو متعاطفين مع تيار الإسلام السياسي أو «الجهادي».
هذا الفريق ينشئ، باستمرار، روابط ميكانيكية بين العلمانية والإلحاد، لظنّ استقر في النفوس مصدرُه التأييدُ المفرط لقوى اليسار العربية والقومية والبعثية لحاكم دمشق بشّار الأسد، وحجّهم الموصول إلى دارة الموت اليومي ومطبخ الفتك بالشعب السوري.
ولما كان الكاتب المذكور، وهو كما يصفه خصومه «شبّيح عريق»، من أنصار محور «الممانعة والمقاومة»، شيـوعيَّ المنشأ، فقد أضحى وصفه بالعلمانيّ أشبـه بشتيمة وإخـراج من دائـرة التديّـن، مـع أنّ العلمانية كما نحاول أن نبيّن لاحقاً، لا تتعارض مع الدين، ولا تسعى الى أن تحلّ مكانه.
العلمانية المستنيرة لا تحارب الأديان

مع أنّ «المنافحة» عن العلمانية لا تخلو، كما نخشى هنا، من نزعة «أستذة» وإعادة تعريف ما هو معرّف، إلا أنّ السياقات التي تولّد هذا الأمرَ الاضطراريّ تستوجب ذلك، مع كثير من الحذر نحاول التزامه!
العلمانية، ونقصد بها هنا (Secularism) تشير إلى «الدنيوية» في مقابل «الدينيّة»، وتـرمـي إلى عـدم هيمنة الدين، أيّ دين، على الدولة، بـاعتـبـار أنّ الدين مجموعــة من العقائد والأفكار المرتبطة بما هــو علويّ وميتافيزيقيّ، بينما الدولة فتتصل بما هو إداريّ وإجرائيّ وتدبّريّ لشؤون السياسة والاقتصاد والعمران والاجتماع البشري.
وإذا كانت هناك «العلمانية الصلبة» التي ترفض الدولة الدينية من حيث المبدأ، كما يقول عادل ضاهر، فهناك في المقابل «العلمانية الليّنة» التي يرى أتباعها أنّ الدولة الدينية «لم تعد تصلح في الزمن الحاضر لإحاطة المشكلات المعقدة للبشر على مختلف الأصعدة، أو تحمل في طيّاتها بذور الانقسام الاجتماعي في مجتمع تعدّدي، أو تتعارض مع إقامة نظام ديموقراطي».
وثمة في العالم الإسلامي، حصراً، نماذج لدول علمانية لم تتصادم مع الدين، وأنتجت تعايشاً مقبولاً، ولم يُتهم مواطنوها أو المؤيدون لها بالإلحاد والكفر البَواح!
الإسلام لم يحدد نظاما سياسياً معيناً

أضف إلى ذلك أنّ الدين الإسلامي لا يشتمل في نصوصه، كما قال علي عبدالرازق، على ما يُلزم المسلمين باتباع نموذج الخلافة بالحكومة الدينية، و «أنّ في إمكانهم اختيار النظام السياسي الذي يناسبهم».
إذاً، ليس كلّ العلمانيين ملاحدة وزنادقة ومؤيدين للطغاة، فالتيارات العريضة المناوئة لنظام بشار الأسد هي في غالبيتها من العلمانيين، باستثناء أحزاب اليسار العربي المتثائبة، وثمة أعداد كبيرة من هؤلاء العلمانيين قدّموا أرواحهم في القتال ضد طاغية دمشق، ونالوا «الشهادة» بالمعنى النضالي، ما يُسقط، عملياً، الربط الميكانيكي بين العلمانية والكفر، ويكشف تهافته.
العلمانيّة ليست شتيمة. إنها سياق تفكير يريد أن يسوس الدنيا بالقوانين المدنية، وأن ينزّه الدين عن الخوض في حقول معقدة لا يملك تصورات أو إجابات نهائية عنها.
وما دامت الأديان برمتها تحضّ على العقل والتدبّر والتأمل، فلتتركْ للناس حرية التواضع على الصيغة التي في مقتضاها يديرون دنياهم، ويُغنونها بالقيم الأخلاقية والروحية، ويؤثثونها بالخير والحبّ والعدل والجمال.
موسى برهومة
حقوق النشر: موقع قنطرة 2017
تعليقات القراء على مقال : هل العلمانيون ملاحدة وزنادقة؟
كالعادة، مقال هاديء مترو، بعنوان مستفز...
أحمد عبد السلام...17.08.2017 | 16:38 Uhrلماذا يا سيد برهومة تختار عناوين من هذا القبيل؟
انه ليس محايدا بل يقول للإسلاميين " نعم العلمانية الحاد وزندقة"...ّّ
كاتب المقال يتحدث ويدافع عن العلمانية باعتبارها أنها ليست إلحادا وليست كفرا وأن ليس كل العلمانيين ملاحدة وزنادقة
في الواقع أن كل ما ذكره الكاتب عن العلمانية والعلمانيون يثبت بالدليل القاطع بأنهم فعلا داعمون للطغاة وملاحدة وزنادقة
الدين الإسلامي فى مبادئه أتى ليشمل كل أمور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل شئ بدون استثناء .. مفاهيم العلمانية الصلبة واللينة كلاهما يتعارض مع الدين الإسلامي ولا يقبل به المسلمون وهذا هو الدليل القاطع الذي أشرت إليه
محمد حسني18.08.2017 | 09:00 Uhrتريد ان تقول إن مؤيدي بشار الأسد علمانيون وملاحدة وزنادقة؟؟
ابراهيم اسد الله19.08.2017 | 16:41 Uhrشتمت نفسك ومعسكرك اذا.
أعداء العلمانيين هم الإسلاميين، الداعشيون القتلة ومن ورائهم القاعدة التي بناها بن لادن سيء الصيت.
ما يحاول الكاتب أن ينفيه عن العلمانية يلصقه بالإلحاد و الزندقة , و هكذا يعتقد أنه تخلص من المشكلة .. ألا تكون العلمانية إلحادا فهذا منطقي , لكن أن يحاول الكاتب أن يعيد توجيه كل التهم الجاهزة و الأحكام المسبقة ضدها إلى الإلحاد و الزندقة فهذا شيء آخر .. و يزداد الطين بلة مع حديثه عن الأخلاق و الرذيلة و الانحلال , و كأن الموضوع هو منافسة الأصوليين في محاربة الرذيلة و الدفاع عن حرمة الأديان ضد أي نقد أيا يكن .. طبيعي جدا أن العلمانية لا تريد أن تحل مكان الدين لأنها لا تستطيع أن تزعم امتلاك و احتكار الحقيقة المطلقة كما تفعل الأديان .. لأن العلمانية يفترض أن تعني نسبية الحقيقة و حرية النقد , أو حرية العقل إن شئتم .. و الحقيقة أن إلغاء الدين , تماما مثل فرضه بالقوة و الإكراه , يتناقض مع مبادئ حرية العقل و النقد و التعبير .. أما الحديث عن الإسفاف و الرذيلة فهو أيضا نسبي و يفترض أن يخضع للنقد و الجدال الحرين , دون محرمات و تابوهات .. بكلمة , ليس كل ما يقال صحيح , و ليس ما اعتقد به آباؤنا صحيح , و ليس ما تعتقد به الأكثرية صحيح .. قد يعتقد البعض مثلا أن ممارسة الجنس بين شخصين بإرادتهما هو أمر خاص بهما دون بقية البشر , حتى لو اعتقد الكثيرون أن من "حقهم" معاقبة هذين الشخصين , أو رجمهما , أو الحكم عليهما , بتهمة الزنا أو الرذيلة , بينما قد يعتقد قسم آخر أن اغتصاب سبايا الحروب عمل لا يتنافى مع الأخلاق أو ليس برذيلة أو إسفاف أو انحلال .. أعتقد أن أفضل رد على الاتهامات الضمنية و الصريحة ضد الإلحاد الواردة في المقال هو مقتطفات من مقال سام هاريس بعنوان "10 أساطير و حقائق عن الإلحاد" .. كتب هاريس في مقاله معلقا على الأساطير الشائعة عن الإلحاد و التي تردد بعضها في المقال ( مرة أخرى ضمنا أو صراحة ) : "أولا – أن الملحدين يعتقدون أن الحياة بلا معنى . على العكس غالبا ما يشعر المتدينون بالقلق من أن الحياة بلا معنى و يتخيلون أنه لا يمكن إعطاءها معنى كهذا إلا بوعد بالحياة الأبدية بعد الموت . يميل الملحدون إلى الثقة بأن الحياة ثمينة ( في حدا ذاتها ) .... ثانيا – أن الإلحاد مسؤول عن أكبر الجرائم في تاريخ البشرية : يزعم المؤمنون غالبا أن جرائم هتلر , ستالين , ماو و بول بوت كانت نتيجة حتمية لغياب الإيمان . مشكلة الفاشية و الشيوعية ليست في انتقادها للأديان أكثر من اللازم , بل في أنها كانت تشبه الأديان أكثر من اللازم . كانت هذه الأنظمة دوغمائية حتى النخاع و أدت إلى عبادة الفرد التي لا يمكن تفريقها عن عبادة البطل الديني ... لا يوجد مجتمع عانى في التاريخ البشري لأن البشر تصرفوا بعقلانية حقيقية ... تاسعا : أن الملحدين يتجاهلون حقيقة أن الأديان مفيدة جدا للمجتمعات . أولئك الذين يشددون على النتائج المفيدة للدين لا يبدو أنهم يدركون أن مثل هذه الآثار لا تعكس حقيقة أية عقيدة دينية . لهذا نستخدم كلمات مثل "تفكير إرادوي" و "خداع الذات" . هناك فرق كبير بين عزاء وهمي و بين الحقيقة . في كل الأحوال يمكن مناقشة تلك النتائج المفيدة للأديان بكل تأكيد . في أغلب الأحوال يبدو أن الدين يمنح البشر أسبابا سيئة ليتصرفوا بشكل جيد , بينما توجد هناك أسباب جيدة ( للقيام بتلك الأفعال ) . اسأل نفسك : أيهما أكثر أخلاقية , أن تساعد الفقراء بسبب تعاطفك مع معاناتهم , أو لأنك تعتقد أن خالق هذا الكون يريدك أن تفعل ذلك , و أنه سيثيبك إذا فعلته أو يعاقبك إن لم تفعل ؟ . عاشرا , أن الإلحاد لا يقدم أساسا للأخلاق . إذا لم يكن الإنسان يدرك أن الهمجية سيئة , فإنه لن يدرك ذلك بقراءته للإنجيل أو للقرآن – لأن هذه الكتب زاخرة بالاحتفاء بمثل تلك الهمجية , سواء كانت بشرية أو إلهية . إننا لا نستمد أخلاقنا من الأديان . إننا نقرر ما هو جيد في كتبنا الجيدة بالعودة إلى غرائزنا الأخلاقية ...
مازن كم الماز11.09.2017 | 10:24 Uhrيختلفد الإسلام والعلمانية في تحديد ما هو مفهزم الدين، فالعلمانيون يقصدون بالدين علاقة الإنسان بربه فقط وهي العقائد والعبادات ويرون أن مكاك ذلك في المساجد والكنائس، أما برامج الدولة وسياستها ودستورها وما إلى ذلك فلا علاقة للدين بكل ذلك ، ينادون بكل صراحة بفصل الدين عن الحياة.
عبدو خليبة20.10.2017 | 21:25 Uhrأما الإسلام وهو الدين الدي أنزل من عند رب الأرباب لينظم للإسان ثلاث علاقات، علاقة الإنسان بخالقه وتشمل العقائد والعبادات، وعلاقته بنفسه وتشمل المأكولات والمشربات، وعلاقته بغيره من بني جنسه وتشمل الأخلاق والعقوات.
هذا ولم يداع الإسلام أي اختيار للمسلمين بين الأخذ بما جاء أو تركه ، بل من شروطه أن يلتزموا به كله، يقول الله في قرآنه الكريم: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36) من سورة النساء. والنصوص الشرعية في هذا الصدد كثيرة، فإنكار العلمانية للتشريع الإسلامي هو عينه إلحاد.
عجيب أمر العلنايين الزنا عندهم من الحرية الفردية !!
ومعاقرة الخمور من الحرية الفردية !!
ثم هم ينشدون مجتمعاً طاهراً نظيفاً, فما أعجب حالهم!
وليس أعجب من أن يتحدث أمثال هؤلاء عن الإصلاح!!!
تبرجت نساؤهم وتكشفت عوراتهم وشاعت الفاحشة بينهم وأينعت الفتنة فيهم وضاعت قيمهم, وبات السفور فيهم عرفا اجتماعيا. بل تجاوز ببعضهم السفه والانحراف عن الفطرة حد اعتبار اللواط وإتيان الذكران ضمن الحريات الفردية. وذلك بتصريحاتهم التي تنم عن انتكاسة أخلاقية وانطماس بصيرة وقذارة فكرية يترفع عنها ذكور البهائم بفطرتهم البهيمية, أنظر على سبيل المثال قول خديجة الراضي وهي تتحدث عن القانون المغربي: (طالبنا بإلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يعاقب بالسجن على الممارسة الجنسية المثلية باعتبار أنه إذا كانت بين راشدين تدخل في إطار الاختيارات الشخصية والحريات الفردية).
عبدو خليفة14.11.2017 | 08:58 Uhrثم يأتي الكاتب فيحاول تبريئة العلمانية من الفضائح الأخلاقية التي أفسدت الإنسان في العالم العلماني.