لبنان و فرقة "مشروع ليلى": حماية المقدسات أم اعتداء على الحريات؟

بعد إلغاء حفل فرقة "مشروع ليلى" لا يزال الجدل في لبنان يتصاعد حول خلفياته ودلالاته، خاصة بعد أن دعت منظمات حقوقية لبنانية ودولية لتحرك القضاء. منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقدت هذا التضييق معتبرة أن "مشروع ليلى" آخر ضحايا قمع حرية التعبير في لبنان.

دعت منظمات حقوقية لبنانية ودولية القضاء اللبناني إلى التحرك السريع ضد من ساهم في إلغاء حفلة فرقة "مشروع ليلى"، التي كانت مقررة في التاسع من أغسطس /آب الجاري ضمن مهرجانات بيبلوس الدولية.

وكانت مهرجانات بيبلوس الدولية اللبنانية قد ألغت حفلا للفرقة وذلك "منعا لإراقة الدماء"، حسبما جاء في بيانها بعد احتجاجات من زعماء كنيسة اتهموا الفرقة بالتجديف.

وقدمت فرقة "مشروع ليلى" عروضا في مختلف أنحاء لبنان في السنوات الأخيرة بما في ذلك حفلتان في مدينة جبيل الأثرية، إلا أن خططا لإقامة حفل للفرقة يوم التاسع من أغسطس في مهرجانات بيبلوس الدولية بمدينة جبيل قوبلت بحملة عدائية على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف وقف العرض بالقوة.

وذكرت الفرقة اللبنانية التي يجاهر أحد أعضائها بمثليته الجنسية والتي تقدم عروضا في مدن كبرى بجميع أنحاء العالم أنها هدف لحملة تشهير في لبنان بهدف النيل من حرية التعبير.

حملة ضد فرقة "مشروع ليلى" باسم الدفاع هن الدين وحماية المقدسات

وشاركت المنظمات الحقوقية في اجتماع استثنائي أمس الجمعة لمتابعة قضية إلغاء الحفل تحت عنوان "أول حقوق الإنسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية".

وشرح عضو الهيئة الوطنية اللبنانية لحقوق الإنسان بسام القنطار في مؤتمر صحفي أن المجتمعين طرحوا سؤالا هو "ماذا بعد إلغاء حفل مشروع ليلى؟".

وقال القنطار إن ما تضمنته الأعمال الفنية للفرقة والتي أدتها على امتداد السنوات الماضية على مسارح لبنانية وعربية ودولية لا يضعها على الإطلاق في خانة الإساءة إلى أي دين أو معتقد أو في إثارة لنعرات طائفية؟

 

 

ودعا المجتمعون إلى تحرك القضاء فورا لأن "أي تقاعس في سوق المحرضين إلى العدالة ومحاكمتهم وفق القانون، هو تغافل غير مسبوق عن الآثار السلبية والخطيرة لخطاب الكراهية والعنف واللاتسامح، ويقوض التماسك الاجتماعي والقيم المشتركة والسلم الأهلي، ويمكن أن يرسي أساسا للعنف المتطرف".

هيومن رايتس ووتش: فرقة "مشروع ليلى اللبنانية أصبحت أحدث ضحايا قمع حرية التعبير في لبنان وقوانين القدح والذم والتحقير في لبنان"

وعلى مدار العقد الماضي أثارت أغاني فرقة "مشروع ليلى" جدلا في المنطقة من خلال كلمات تتناول الاضطهاد والطبقية والطائفية ورهاب المثلية والمساواة بين الجنسين.

وقالت هلا بجاني من جمعية "كلنا إرادة": "هناك 11 منظمة حقوقية وسياسية وثقافية قدمت أخبارا لدى النائب العام التمييزي بالإنابة عماد قبلان، في خصوص الاعتداءات الجسيمة المرتكبة ضد فرقة (مشروع ليلى) وما تمثله".  

وأضافت: "إنما حصل كان على درجة عالية من الخطورة، بحيث شهدنا، للمرة الأولى، ظاهرة إهدار الدم لأسباب عقائدية". ودعت بجاني إلى تحرك النيابة العامة سريعا لردع ظاهرة إهدار الدم صونا للمصلحة العامة.

وفي غضون ذلك أصدرت فرقة "مشروع ليلى" بيانا خرجت فيه عن صمتها وجاء في البيان:

"من نحن؟ نحن فرقة لبنانية تأسست منذ 10 سنوات. كان أحد أهم أسباب فخرنا هو تعددنا.. فنحن من طوائف ومناطق وهويات مختلفة في بلد تكثر فيه مشاريع اللون الواحد. حملنا اختلافاتنا على طول لبنان وشاركنا في أكثر مهرجاناته، حتى وصلنا إلى العالمية.

في الأسبوع الماضي، قيل عنا الكثير وعن مشاريع خفية نخدمها في السر. كل ما نريد أن نقوله أننا كلنا نكنّ لوطننا لبنان وشعبه حبا كبيرا، أننا كغيرنا لنا أفكارنا عن هذا الوطن… كيف يكون أجمل وأفضل… انبنى مشروعنا على حق الاختلاف والاحترام والتسامح المتبادلين وسنبقى دوما حريصين على هذه القيم.

هذه هي فرقة مشروع ليلى، نهدف لما هو جميل ومبدع. ليست هي لا فرقة شيطانية ولا فرقة ماسونية وليس لها أي هدف أو مشروع سري."

 

 

لم يعد لبنان وطن الحرية والتنوع الثقافي والفني

ومن جانبها أعلنت الباحثة سحر مندور من منظمة العفو الدولية أن "قضية مشروع ليلى أظهرت مؤشرات خطيرة إن كان في سياق المنع أو في سياق الحريات العامة في لبنان".

واعتبرت أن "مشروع ليلى" يعد "واحدا من أهم الإشارات الخطرة على أن النظام السياسي في لبنان لم يُفعل إدارات الدولة في شؤون المجتمع."

 

إن إلغاء حفل ⁧#مشروع_ليلى⁩ في ⁧#لبنان⁩ ليس مجرد صفعة قاسية للحق في حرية التعبير فحسب، بل هو دليل على تقاعس الحكومة اللبنانية عن اتخاذ موقف حازم بوجه حملة الكراهية والتمييز وعن أخذ الاجراءات اللازمة لحماية الفرقة؛ فقرار الإلغاء مؤشر خطير على تردي حرية التعبير في لبنان pic.twitter.com/b0gLqKNP00

— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) 30. Juli 2019

 

وقدم الفنان اللبناني مرسيل خليفة ابن مدينة جبيل مداخلة في المؤتمر تضمنت نقدا لاذعا لأسلوب القمع والمنع.

ورفض مرسيل خليفه الاعتداء على الحرية باسم بضعة لبنانيين معتبرا أن الصمت لم يعد ممكنا في هذه "الأرض الطافحة بالبؤس، الدافقة بالأوساخ".

وتساءل خليفة: "من سمح في جبيل بهذه الجريمة؟ ولأي سبب؟ تحت أي ضغط؟

لم يعد لبنان وطن الحرية. نحن الآن نعيش في بلد الخوف.

كيف ، وطننا وطن الحريّات ، ملجأ المضطهدين ، ملتقى الشرق والغرب ، تعايش المتناقضات .

يفقد هذا الشرف ويتنازل عن كبريائه ويسقط سقوطاً معيباً .

وللكهّان نقول: أول كلمة تعلمناها من كلمات السيد المسيح هي : الحُّبْ

كنّا نذهب الى الكنيسة حفاة وكانت أرجلنا ناعمة كالحرير وكثيراً ما كنّا نحلم بالمسيح الذي لنا .

المسيح الذي لا تأسره المؤسسات المتحجرّة ولا تتاجر به حضارات قاتلة .

اين وجه المسيح لم نجده لأنه هجر دنيانا ومات ضد الموت كلّه .

المسيح ملّ خضوعكم ويحب التمرّد . وهو مثل الهدّامين الخلاّقين يبحث عن لغة جديدة تليق ببساطته وإبداعه .

سيدي: احمل صليبك واتبعنا على الارض".

(المصادر: رويترز، قنطرة، موقع مشروع ليلى، موقع مرسيل خليفة)