إجراءات باكستانية رداً على إلغاء نيودلهي الحكم الذاتي للشطر الهندي من كشمير ذات الغالبية المسلمة

علقت باكستان خدمة القطارات الرئيسية مع الهند يوم الخميس 08 / 08 / 2019 وحظرت الأفلام الهندية مع ممارستها ضغوطا دبلوماسية على نيودلهي بعد إلغائها للوضع الخاص الذي كان يتمتع به إقليم كشمير الواقع في قلب الصراع الدائر بين البلدين منذ 70 عاما.

وسعيا لإحكام قبضتها على المنطقة المتنازع عليها جردت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هذا الأسبوع المنطقة ذات الأغلبية المسلمة من حق سن قوانينها وإلغاء حظر قائم منذ عقود يمنع غير المقيمين بالولاية من شراء عقارات هناك.

كما قسمت الحكومة الهندية الاتحادية الإقليم لمنطقتين اتحاديتين للسماح بسيطرة أكبر عليه في خطوة وصفها قادة في المنطقة بأنها إهانة أخرى.

وقال ضابط شرطة وقادة محليون ووسائل إعلام يوم الخميس إن السلطات الهندية قبضت على ما لا يقل عن 300 سياسي وانفصالي لكبح الاحتجاجات في كشمير بينما ظلت الاتصالات منقطعة اليوم الخميس في المنطقة مع إغلاق الحكومة شبكات الهاتف المحمول والإنترنت.

وحذر قادة في كشمير من رد فعل قوي وتعهدت باكستان، التي تطالب بالسيادة على كشمير، بالقتال من أجل حقوق الشعب الكشميري. وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في مؤتمر صحفي في إسلام أباد "باكستان تبحث الخيارات السياسية والدبلوماسية والقانونية" لكنه استبعد نشوب صراع عسكري جديد.

وأضاف: "لا نبحث الخيار العسكري. لا نقوم بذلك". وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدولتين على الإحجام عن اتخاذ أي خطوات من شأنها التأثير على الوضع الخاص لإقليم جامو وكشمير المتنازع عليه.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم غوتيريش في بيان إن الأمين العام "قلق من التقارير التي تتحدث عن قيود في الشطر الهندي من كشمير" وحذر من أن مثل تلك الأفعال قد تؤدي إلى "تفاقم وضع حقوق الإنسان في المنطقة".

وأبقت السلطات على نشر ألوف من قوات الأمن في سريناجار، أكبر مدن كشمير، وأغلقت المدارس وتم سد طرق وأحياء لمنع خروج مظاهرات ضد الخطوات الهندية.

وقالت الشرطة إن الإجراءات الأمنية ستشدد خلال إقامة صلاة الجمعة في الإقليم غدا. ومع هذا وقعت احتجاجات متفرقة حسبما صرح ضابطا شرطة تحدثا شريطة عدم الكشف عن اسميهما لحساسية الوضع. وقال أحد الضابطين إن المحتجين رشقوا ما لا يقل عن 30 موقعا بالحجارة في سريناجار من مساء الثلاثاء. وأضاف أن 13 شخصا على الأقل نقلوا إلى المستشفى الحكومي الرئيسي بالمدينة.

وقالت وزارة الخارجية الهندية "حكومة الهند تأسف على الخطوات التي أعلنتها باكستان أمس وتحث هذه الدولة على مراجعة تلك الإجراءات من أجل الحفاظ على قنوات الاتصال الدبلوماسية العادية".

جاء ذلك تعليقا على إعلان إسلام اباد أمس الأربعاء أنها ستطرد السفير الهندي لديها ولن ترسل سفيرها الذي كان من المقرر أن ينتقل لنيودلهي قريبا. رويترز

وكشمير مقسمة بين الهند وباكستان منذ استقلالهما في عام 1947. ويتنازع البلدان السيادة على المنطقة الواقعة في جبال الهيملايا. وخاضت القوتان النوويتان الجارتان حربين من أصل ثلاث حروب دارت بينهما بسبب هذه المنطقة.

وفي وقت سابق من العام الحالي 2019 أوشكت الحرب الرابعة بين البلدين على الاندلاع بعد هجوم دموي وقع في الشطر الهندي من كشمير تبنّته مجموعة متمرّدة مقرّها باكستان، ما أدى إلى غارات جوية متبادلة. والثلاثاء 06 / 08 / 2019 أكد الجيش الباكستاني أنه "يقف بحزم" إلى جانب أبناء كشمير. 

ويشهد الشطر الهندي من كشمير منذ عام 1989 تمردا ضد السلطات الهندية أسفر عن أكثر من 70 ألف قتيل، غالبيتهم من المدنيين. وبعد أن كانت كشمير تتمتع بحكم ذاتي ويقتصر حق شراء العقارات وتولي الوظائف الحكومية فيها على أبناء الإقليم، أصبحت المنطقة خاضعة مباشرة لسلطة نيودلهي.

وخضع الشطر الهندي من كشمير الأربعاء 07 / 08 / 2019 لإغلاق شامل تفرضه السلطات الهندية لليوم الثالث على التوالي، سعيا لتجنب اشتعال الوضع. وأُوقف مسؤولون سياسيون محليون في الأيام الاخيرة وفق ما نقلت وكالة برس تراست أوف إنديا عن مسؤولين. وأضاف هؤلاء أن الاضطرابات الوحيدة تمثلت "في حوادث نادرة تخللها رشق حجارة".

وبدت سريناغار التي تعتبر أحد أبرز مراكز الاصطياف في الإقليم، مدينة أشباح بعد فرض إجراءات أمنية مشددة فيها وانتشار الجنود المسلّحين على كل التقاطعات وعند الحواجز المدعّمة بالأسلاك الشائكة واقتصار الحركة في طرقاتها على قلة قليلة من المارة.

وذكر مسؤولون يوم الجمعة 09 / 08 / 2019 أنه تم عودة الخدمات الهاتفية والإنترنت بشكل جزئي، كما جرى تخفيف القيود على حظر التجوال في الشطر الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، قبل صلاة الجمعة في المنطقة التي تهيمن عليها أغلبية إسلامية.

وتم نشر الآلاف من أفراد الأمن في وادي كشمير للحفاظ على الأمن بعدما  ألغت نيودلهي الوضع الخاص لكشمير يوم الإثنين الماضي وحولته إلى منطقتين  تخضعان لإدارتين اتحاديتين.

وقال قائد شرطة الولاية، ديلباج سينج، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)  عبر الهاتف: "جرى السماح للسكان في سريناجار والمناطق المحيطة بالذهاب  إلى المساجد المحلية للصلاة". غير أنه تم إغلاق بوابات مسجد "جاميا" في سريناجار، مما يشير إلى أنه من المستبعد إقامة الصلاة بالمسجد الرئيسي بالمدينة.

وذكرت محطة تليفزيون "إن.دي.تي.في" أنه تم إعادة الخدمات الهاتفية  والإنترنت بشكل جزئي في المنطقة، ولم يتسن التأكد من هذا بشكل مستقل. وسكان الولاية شبه منعزلين عن العالم الخارجي بسبب تعطيل الاتصالات المفروضة من قبل نيودلهي خلال الأيام الخمسة الماضية.

وعبر مرسوم رئاسي صدر الإثنين الماضي، ألغت حكومة مودي المادة رقم 370 من الدستور الهندي، التي منحت المنطقة الحكم الذاتي، باستثناء الشؤون الخارجية والدفاع والاتصالات. وتم إلغاء بند ذي صلة، أيضا كان يمنع غير الكشميريين والهنود من امتلاك  الأراضي و العقارات أو الإقامة في الإقليم بشكل دائم.

وفي خطابه بشأن كشمير يوم الخميس، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن حكومته الوطنية الهندوسية ستحاول ضمان ألا يواجه شعب كشمير، ذي الإغلبية المسلمة، صعوبات خلال احتفالات عيد الأضحى الذي يبدأ يوم الإثنين المقبل.

وقالت الشرطة إنها تراقب الاستجابة لتخفيف القيود وإنها ستبحث اتخاذ المزيد من التدابير بمجرد انتهاء صلاة الجمعة بسلام. وأضاف قائد شرطة الولاية، ديلباج سينج: "بالتأكيد إذا ما ظل الوضع عاديا، نريد أن يحتفل الشعب بالعيد بحماس كبير. ولكن هذا يتوقف بشكل كامل على كيف سيتطور الوضع".

وأجبرت الحملة الأمنية الصارمة بدءا من الأحد الماضي الناس على البقاء في منازلهم، كما جرى اعتقال مئات النشطاء والقادة المحليين. وقال أحد سكان كشمير ويدعى، طفيل، لقناة (إن.دي.تي.في): "الكشميريون غاضبون من سلب الولاية وضعها الخاص بين عشية وضحاها تقريبا، من دون إجراء أي مشاورات معنا، وسجننا في منازلنا". 

وأظهرت القنوات الإخبارية المحلية في لقطات القوات شبه العسكرية وهي  تقوم بدوريات في الشوارع الخالية من المارة، فيما تم نصب الأسلاك الشائكة والحواجز عند المناطق المعرضة للعنف وعند التقاطعات الرئيسية في سريناجار.

ويشهد الشطر الهندي من كشمير حركة انفصالية عنيفة يقودها قادة انفصاليون وجماعات مسلحة ضد حكم نيودلهي منذ ثمانينيات القرن الماضي. كما تدعي باكستان بسيادتها على كشمير الذي يقع في منطقة جبال الهيمالايا، وقد خاضت الجارتان النوويتان، الهند وباكستان، أربعة حروب بشأن كشمير منذ استقلالهما عن الحكم البريطاني.

وأدانت باكستان خطوة الهند ووصفتها بأنها "غير قانونية" وخفضت إسلام أباد العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع نيودلهي ولكنها استبعدت ردا عسكريا. رويترز ، أ ف ب ، د ب أ 

 

[embed:render:embedded:node:28675]