إردوغان: تركيا تريد أصدقاء. وسجال في فرنسا حول تمويل جامع تركي. وأنقرة تستنكر تصريح لماكرون

أكد الرئيس التركي رجب طيب إدروغان الأربعاء 24 / 03 / 2021 أن تركيا ترغب في زيادة "عدد أصدقائها" وتحويل المنطقة إلى "واحة سلام"، في تصريحات تندرج في إطار التهدئة لإخراج بلاده من عزلتها المتزايدة على الساحتين الإقليمية والدولية.

وقال خلال مؤتمر لحزبه الإسلامي المحافظ، حزب العدالة والتنمية، في أنقرة "نحن مصمّمون في الفترة المقبلة على تحويل منطقتنا إلى واحة سلام عبر زيادة عدد أصدقائنا ومعالجة الخصومات".

وأضاف أن "تركيا لا تملك ترف أن تدير ظهرها لا للغرب ولا للشرق". وبعد أشهر وحتى سنوات من التوترات، يقود إردوغان حملة تهدئة حيال حلفائه الغربيين وأخصامه الإقليميين الذين كانت علاقات أنقرة معهم باردة، على غرار مصر.

وتابع "نحن مقتنعون بأنه ليس هناك أي مسألة لا يمكننا أن نحلّها مع الدول التي تحترم مصالحنا الوطنية".

وشهدت العلاقات بين تركيا وحلفائها الغربيين وكذلك دول المنطقة، توتراً بسبب نقاط خلافية كثيرة، خصوصاً مسألة تقاسم موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط وتدخلات تركيا في سوريا وليبيا ودعمها لحركات منبثقة عن الإسلام السياسي.

إلا أن أنقرة تكثّف منذ مطلع العام الخطوات الهادفة إلى تهدئة التوترات.

وأضاف إردوغان "سنواصل بناء علاقاتنا مع كل الدول، من الولايات المتحدة إلى روسيا، من الاتحاد الأوروبي إلى العالم العربي استناداً إلى مصالح تركيا وتطلعات شعبنا".

ورغم الارتفاع الحاد في عدد الإصابات بفيروس كورونا في تركيا، كانت القاعة حيث عُقد المؤتمر مكتظة، مع مشاركة مندوبين قدموا من كل أرجاء البلاد وبدوا أنهم يتجاهلون تدابير التباعد الاجتماعي.

وحاول إردوغان أيضاً طمأنة الأسواق بعد تدهور الليرة التركية عقب إقالة حاكم المصرف المركزي.

وقال إن "التقلّبات الأخيرة التي حدثت في الأسواق لا تعكس (المؤشرات) الأساسية للاقتصاد التركي وديناميكياته الحقيقية وإمكانياته".

ودعا أيضاً المواطنين إلى استخدام مدّخراتهم في المنازل بالعملات الأجنبية أو الذهب، للاستثمار في السوق المحلية.

وأردف "أريد أن يتمكن المواطنون من إعادة إلى الاقتصاد والإنتاج العملات الأجنبية والذهب الموجودة لديهم في المنازل من خلال الاستثمار في منتجات مالية مختلفة".

أنقرة تستنكر تصريحات ماكرون "غير المقبولة" حول عزم تركيا التدخل بانتخابات فرنسا

واعتبرت تركيا الأربعاء 24 / 03 / 2021 أنّ تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي حذر فيها من عزم أنقرة التأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا، "غير مقبولة".

وقال ماكرون في إشارة إلى تركيا، في إطار فيلم وثائقي بثته قناة التلفزيون الفرنسية "فرانس 5"، "بالتأكيد. ستكون هناك محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة. هذا مكتوب والتهديدات ليست مبطنة".

ردت وزارة الخارجية التركية في بيان "نجد أن هذه التصريحات المخالفة لروح الصداقة والتحالف غير مقبولة".

وأضافت أن "تركيا لا يهمها، فيما يتعلق بالسياسة الداخلية لفرنسا، سوى رخاء وسعادة نحو 800 ألف تركي يعيشون في هذا البلد".

تأتي اتهامات ماكرون فيما تحاول تركيا تهدئة علاقاتها المتوترة منذ سنوات مع الدول الأوروبية، وبينها فرنسا.

وتدهورت العلاقات بين البلدين، العضوين في حلف شمال الأطلسي بسبب النزاع السوري وليبيا وشرق المتوسط.

تعمقت الخلافات في الخريف الماضي، حيث تحولت إلى مواجهات بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الفرنسي.

وشكك إردوغان خاصة بالصحة العقلية لماكرون، متهما إياه بـ"معاداة الإسلام" بسبب تمسكه بمبدأ الحرية في نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، بعد مقتل مدرس بقطع رأسه في فرنسا.

أشارت الوزارة التركية الأربعاء إلى أنه "فيما نسعى لإنهاء التوترات لاستعادة العلاقات السلمية والودية نعتبر أن تصريحات السيد ماكرون مؤسفة وغير متناسقة".

لكن ماكرون قال أيضا في البرنامج "نحن بحاجة إلى حوار مع تركيا" مشيرا إلى دورها في الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

سجال في فرنسا حول تمويل جامع تبنيه جمعية موالية لتركيا

واتّهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الأربعاء بلدية مدينة ستراسبورغ (شرق فرنسا) "بتمويل تدخّل أجنبي على الأراضي الفرنسية" لموافقتها على تقديم مساهمة مالية لبناء جامع تقف خلفه جمعية إسلامية موالية لتركيا.

لكنّ رئيسة بلدية ستراسبورغ جان بارسيغيان، وهي من دعاة حماية البيئة، نفت في رسالة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون أن تكون قد تلقّت أيّ تحذير من أجهزة الدولة بخصوص هذا المسجد.

ويأتي هذا الخلاف في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين فرنسا وتركيا منذ الهجوم الذي شنّته أنقرة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 على القوات الكردية في سوريا المتحالفة مع الغرب.

كما ساهمت السياسة التوسّعية التي تنتهجها تركيا في كلّ من في ليبيا، وشرق البحر الأبيض المتوسط (حيث وقع حادث بين قطع حربية تركية وفرنسية في حزيران/يونيو 2020) والسياسة التي تنتهجها فرنسا لمكافحة التطرّف الإسلامي، في تأجيج الخلاف بين باريس وأنقرة في الأشهر الأخيرة.

والإثنين وافق مجلس بلدية مدينة ستراسبورغ "من حيث المبدأ على تقديم منحة مالية" بقيمة أكثر من 2.5 مليون يورو للمساهمة في تشييد مسجد تبنيه جمعية "مللي غوروش" الإسلامية الموالية لتركيا في حيّ للطبقة العاملة في المدينة.

ووفقاً لرئيسة البلدية فإنّ هذا المبلغ يمثّل "10 بالمئة من الكلفة الإجمالية لأعمال البناء".

والأربعاء قال وزير الداخلية "لقد أتيحت لي الفرصة لأقول لرئيسة بلدية ستراسبورغ (...) إنّنا، بالحدّ الأدنى، لا نجد هذا الأمر متماشياً مع المصالح الفرنسية"، موضحاً أنّ "هذه الجمعية الموالية لتركيا لم ترغب بالتوقيع على ميثاق قيم الجمهورية".

وأضاف دارمانان "نحن نعتبر أنّ هذه الجمعية لم يعد بوسعها أن تكون جزءاً من الهيئات التي تمثّل الإسلام في فرنسا".

وأتى تصريح دارمانان غداة تحذير الرئيس الفرنسي في تصريح متلفز من محاولات تقوم بها تركيا للتدخّل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرّرة في 2022.

وبحسب وزير الداخلية فإنّ "هناك خصوصاً في ستراسبورغ (...) محاولات قوية للغاية للتدخّل في بلدنا، ولا سيّما من قبل تركيا".

وأضاف "لدينا عدد من المؤشّرات على أنّ الحكومة التركية تريد التدخّل في المسائل الفرنسية، وخصوصاً الدينية".

ولفت دارمانان إلى أنّه وفقاً لمعلوماته" فإنّ "مللي غوروش" سعت إلى "الحصول على المال من مكان آخر، بالخصوص في قطر".

وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس، ذكّرت رئيسة البلدية بأنّ مشروع بناء المسجد يعود إلى "حوالي عشر سنوات" وأنّ وضع الحجر الأساس تمّ في 2017 "بحضور سلفها (رولان ريس) والمحافظ (ممثّل الدولة) جان-لوك ماركس، وعدد من البرلمانيين".

كما أكّدت أنّ البلدية وافقت على تقديم هذه المساهمة المالية "بشروط، هي تقديم خطة تمويل قوية وشفافة، وتأكيد صاحب المشروع على تمسّكه بقيم الجمهورية".

وأضافت "إذا كان الأمر يتعلّق بتدخل أجنبي على الأراضي الفرنسية، فهذا أمر يخصّ الدولة والحكومة، لذلك من واجب الدولة أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتشارك المعلومات التي بحوزتها مع المسؤولين المنتخبين المحليّين". أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:31743]