"إردوغان يضغط على ولي عهد السعودية ويتجنب مواجهة الملك": أين جثة خاشجقي؟ ومن أرسل القَتَلَة؟

أظهرت كلمة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أنّ تركيا تريد تجنب المواجهة مع السعودية والعمل من قرب مع الملك سلمان مع إبقاء الضغط على ولي عهده ونجله الأمير محمد بن سلمان، على ما أفاد محللون.

وبدا أن إردوغان يبعد اللوم عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تربطه به علاقة شخصية ودية، عبر التعبير عن ثقته بتعاونه لكشف ملابسات القضية، بحسب ما أضاف المحللون. ومن دون ذكر اسم الأمير محمد بن سلمان، استخدم إردوغان لهجة تبدو أنها تعزز الشكوك ضد وليّ العهد الشاب، والذي يعتبر الحاكم الفعلي للمملكة الغنية بالنفط.

وطالب إردوغان بمعاقبة كل المتورطين في مقتل خاشقجي بدءا ممن أمروا بقتله وانتهاء بالمنفذين. وحض الرياض على كشف أي شخص متورط في الجريمة، بغض النظر عن مكانته. واتهمت وسائل إعلام تركية ومصادر تركية ولي العهد السعودي بالأمر بقتل خاشقجي، كما قالت إن مسؤولين مقربين منه تورطوا في الحادث. وهي المزاعم التي نفتها الرياض بشكل قاطع. 

وقال الباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول جان ماركو لوكالة فرانس برس "بالنسبة لإردوغان، فإن (السعوديين) لا يزال يتعين عليهم الإجابة عن سؤالين: أين الجثة؟ ومن الذي أرسل الفريق (المكون من 15 سعوديا لقتل الصحفي)؟ وهذان السؤالان يستهدفان الأمير محمد بن سلمان أكثر من الملك سلمان". ودخل خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر لإتمام خطوات إدارية بهدف زواجه من خطيبته التركية خديجة جنكيز التي كانت تنتظره بالخارج، لكنه لم يخرج. 

وفي حين أعلنت الرياض اولا أنّ خاشقجي "توفى في شجار"، أشار إردوغان إلى قتل متعمد تم التخطيط له، في تناقض صارخ مع الرواية السعودية الأولى. وإذ قدّم إردوغان بضعة عناصر جديدة مؤكداً معلومات صحفية، فإنه امتنع عن الإفصاح عن معلومات أساسية تم تسريبها إلى الصحافة التركية الموالية للحكومة حول قضية القتل، كما كان خطابه أقل حدة تجاه الرياض. 

وقال مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان لفرانس برس إن إردوغان يريد تجنب أي إجراء قد يؤدي "لإحراق جسوره" مع الرياض. وتابع أنّ "العلاقة مهمة له خصوصا على المستوى الاقتصادي وبوجود استثمارات سعودية مهمة في الاقتصاد التركي، واستثمار مستقبلي تأمل فيه حكومة إردوغان".

والعلاقات بين الرياض وأنقرة متوترة بالفعل. فالعام الماضي 2017، قدّمت أنقرة دعما ثابتا لقطر، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة. واتهمت الدول الأربع الإمارة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز بـدعم "الجماعات المتشددة" والتقرب من إيران الغريم الإقليمي للسعودية. كما أن الرياض تراقب من كثب علاقة الحكومة التركية بجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها السعودية وحلفاؤها "تنظيما ارهابيا".

ومع الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التركي بفعل ضعف الليرة وزيادة التضخم، فإن أكثر ما يهم أنقرة هو تجنب قطع العلاقات مع الرياض. والعام الماضي 2017، زار نحو 500 ألف سائح سعودي تركيا، فيما تعد السعودية من ضمن وجهات التصدير العشرين الأولى لتركيا.

جمال خاشقجي
جمال خاشقجي

وقال جهشان إنه على الرغم من أن خطاب إردوغان لم "يأتي بأي شيء جديد"، فإن تصريحاته وضعت ما هو معروف بالفعل في "شكل متماسك". وأضاف: "لقد كان نوعا من الضغط على السعوديين للقيام بدورهم" إذ أنّ تركيا قامت بدورها وتحدى إردوغان الرياض أن "تتعقب أي طرف أعطى الضوء الأخضر" في العملية "الوحشية".

وتابع: "نعم (هناك) انتقادات، بعض التحدي القانوني للسعودية لتواجه القضية، لكن دون تحدٍ يمكن أن يضر بالعلاقة" بين البلدين. وطالب إردوغان بمحاكمة الــ 18 شخصا، الموقوفين في السعودية كجزء من تحقيقات الرياض في الواقعة، في اسطنبول. وقال المحلل ماركو: "الكرة إذن في ملعب السعودية"، وتابع أنّها "وسيلة لمنح الملك طريقا للخروج (من الأزمة)".  

وقالت الأستاذة في جامعة بو للعلوم في باريس جانا جبور إنّه مع إبقاء "ضجيج" الإعلام خلال نهاية الأسبوع الفائت في انتظار خطاب إردوغان، كان ذلك "وسيلة لممارسة الضغط على الرياض من أجل الحصول على تنازلات من الأمير محمد بن سلمان". واعتبرت جبور إن المهمة تمت. وأضافت أنّ "خطاب إردوغان المعتدل جدا يظهر أنه تم التوصل إلى اتفاق في الساعات التي سبقت الخطاب". وتابعت: "مهما كان ما حصل عليه، خرج إردوغان كرابح في هذه القضية: لقد نجح في تلطيخ صورة الرياض وصورة الأمير محمد بن سلمان، وسلبهم الهيبة على المسرح الإقليمي والدولي". أ ف ب