ألمانيا: ما هي أسباب ضعف التمثيل السياسي للمهاجرين؟

وصلت نسبة ذوي الأصول المهاجرة في ألمانيا إلى 26% نصفهم مجنّسون لكن تمثيلهم البرلماني لا يتجاوز 8%. فكم من شأن تمثيلهم أن يبلغ في انتخابات 2021؟ وهل تَباهِي أحزاب بترشيح عدد منهم يرقى لنسبة المهاجرين واللاجئين ضمن السكان؟ وهل تشركهم الأحزاب في قوائمها اقتناعاً منها بهم أم جمعاً للأصوات؟

تباهت بعض الأحزاب السياسية الألمانية بتمثيل عددي مهم ضمن مرشحيها لانتخابات البوندستاغ 2021. فهل يرقى عدد المرشحين من خلفيات مهاجرة لنسبة المهاجرين واللاجئين ضمن سكان ألمانيا؟ وهل وجودهم في قوائم الترشيحات لانتخابات البرلمان الاتحادي الألماني اقتناع بمسيرتهم السياسية وأهميتهم في المشهد السياسي؟ أم وسيلة لجلب نسبة تصويت مهمة من مجتمع المهاجرين بألمانيا؟

مرشحون ومرشحات للبرلمان الألماني قد يصبحون صوت أكثر من عشرة ملايين مهاجر ولاجئ يقطنون في ألمانيا، وقد يمثلون مجتمعاً تضخم عدده بسرعة كبيرة في العشرية الأخيرة. هم أشخاص من خلفيات مهاجرة جاء آباؤهم إلى الأراضي الألمانية قبل سنوات طوال، ترعرعوا ضمن المجتمع الألماني وحصلوا فيه على جنسية وانتماء. شخصيات سياسية من مجتمع المهاجرين، تعلن الأحزاب ترشحها لانتخابات البوندستاغ لتمثيل شريحة صارت مهمة.

أرقام المهاجرين ضمن الدعاية!

معلوم أن حزب الخضر الألماني من بين الأحزاب المدافعة عن حقوق المهاجرين واللاجئين في ألمانيا، وطالما كانت تصريحات رئيسته أنالينا بيربوك، من أبرز التصريحات السياسية المذكرة بأهمية الحفاظ على حقوق هذه الفئة.

وفي حوار لمهاجر نيوز مع إحدى أبرز شخصيات الحزب المنحدرة من خلفية مهاجرة، لمياء قدور، اعتبرت أن الحزب لديه أقل تحفظات على الأشخاص من أصول مهاجرة في ألمانيا وأن أي عضو في حزب الخضر مدرك لأهمية التنوع في مجتمعنا. وشددت المتحدثة على أن الحزب جعل التنوع نظامًا أساسيًا ورسمياً، معتبرة أنها خطوة كبيرة جدًا وأنها سعيدة جدًا بذلك.

من ناحية أخرى اعتبرت لمياء قدور أنه "لا يزال هناك الكثير للقيام به، فالبعض يطالب بكوتا للمهاجرين، كما يجب التفكير في كيفية شغل المناصب السياسية بطريقة تمثل التنوع الموجود داخل الحزب".

من بين الأحزاب الألمانية الأخرى التي أعلن أعضاؤها بفخر عن تمثيل "مهم" للمهاجرين: الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وضمن مقال لعزيز بوزكوت، أحد مرشحي الحزب والرئيس الفيدرالي لمجموعة عمل الهجرة والتنوع، ذكر أن هناك 40 مرشحًا للحزب لعضوية البوندستاغ لديهم خلفيات مهاجرة.

 

الخبير بالشؤون الألمانية العراقي الكردي الأصل حسن حسين. Hassan Hussein Ehemaliger Redakteur der DW Arabisch. Foto DW
لماذا يرى محللون اعتبار مهاجرين كسب لقمة العيش أهم من ممارسة السياسة تفكيراً خاطئاً في ألمانيا؟ أسباب العزوف السياسي في وسط مجتمع المهاجرين يردها الخبير بالشؤون الألمانية حسن حسين إلى "قدومهم من بلدان لا فعالية للأحزاب السياسية فيها، ويأتون إلى ألمانيا بهذه الفكرة، أي أن الانتماء السياسي لا ينفع بشيء. بالنسبة لهم التركيز على كسب لقمة العيش أهم من ممارسة السياسة لكن هذا تفكير خاطئ تماما لأن المجتمع الألماني يضمن للمواطن حياة كريمة مما يمنحه الوقت للعمل السياسي والمساهمة في رسم معالم حياته وحياة غيره من مجتمع المهاجرين". لا يعير المحلل حسن حسين اهتماما للكوتا بخصوص تمثيل المهاجرين، بل "أعير الأهمية لعمل هذا السياسي ذي الخلفية المهاجرة، ومدى حضوره وصلابة مواقفه في مجال نشاطه وداخل حزبه ودائرته. أما أن يفرض المهاجرون بكوتا فهذا سيؤدي إلى منافسة غير نزيهة ونوع من الاحتقان من الجانب الألماني وهو ما لا نرغب فيه" يقول المتحدث. ويستطرد "ربما إذا كان حلاً مرحلياً فيمكن القبول بها".

 

واعتبر بوزكوت أنه يجب تمثيلهم بشكل أفضل في المكاتب السياسية للحزب، ويجب أن تمثل الأحزاب بشكل فعال مصالح مجتمع المهاجرين. مذكرا بنتائج دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، والتي تتناول السلوك الانتخابي للأشخاص الذين لديهم تاريخ في الهجرة إلى ألمانيا، والتي ذكرت أنه خلال سنة 2019، تم إحصاء 7.4 مليون ناخب مؤهل لديهم تاريخ هجرة.

من جهته، أوضح الإعلامي والمحلل السياسي حسن حسين في تصريحات لمهاجر نيوز، أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار العدد الكبير لأشخاص من خلفية مهاجرة في ألمانيا، معتبرا أن "ترشيح 40 شخصا من حزب واحد ضمن انتخابات 2021 كلهم لهم خلفية مهاجرة هو ليس بالشيء القليل لكنه في الوقت ذاته ليس بالشيء الكثير".

وشدد المتحدث على أن "مصلحة الحزب تختلط في كسب أصوات الناخبين المهاجرين وبين تمثيلهم تمثيلا حقيقياً، لكن لا أعتقد أن الأحزاب الألمانية تريد فقط أن تتباهى بالترشيحات، بل هناك جدية كبيرة بخصوص موضوع الدفاع عن حقوق المهاجرين في ألمانيا على مستوى الأحزاب السياسية". واعتبر حسن حسين أن "القضية ليست مجرد دعاية وإنما هناك جهد كبير من المهاجرين ضمن الساحة السياسية، ويعملون بجدية للرفع من نسبة تمثيلهم داخل الأحزاب والظفر بأصوات تمكنهم من التنافس سواء على المستوى المحلي وأيضا على مستوى البوندستاغ".

تمثيل سياسي ضعيف

بحسب تقرير حول التنوع في السياسة الألمانية ومدى حضور المهاجرين، نُشر على موقع "دويتشلاند فونك"، فإنه "في البرلمانات الألمانية، لا يتجاوز عدد النواب من أصول مهاجرة أكثر من واحد من كل عشرة نواب، في حين أن ما يناهز واحدا من كل أربعة مواطنين ألمان لديهم تاريخ هجرة". لكن في السياسة، يكاد لا يتم تمثيل هذا الواقع، بحسب التقرير. فـ "ثمانية بالمائة فقط من أعضاء البوندستاغ لديهم خلفيات مهاجرة".

إحصائيات تبرز بحسب حسن حسين، أن مشاركة الأشخاص من خلفيات مهاجرة في ألمانيا في العمل السياسي ما تزال ضعيفة. "دائما ما أدعو إلى ضرورة تكثيف المشاركة السياسية من قبل المهاجرين، لنساهم بأنفسنا في صياغة السياسات الجيدة لمجتمعنا لا أن ننتظر شخصاً آخر يقوم بذلك عوضنا، لكن مع الأسف النتيجة ضعيفة جدا وهناك القليل من المهاجرين من كل الجنسيات الذين يخوضون طريقهم نحو السياسة عبر الانتماء للأحزاب السياسية أو الاندماج في المجتمع من خلال العمل السياسي اليومي".

كما أبرزت السياسية الألمانية لمياء قدور، المرشحة باسم الخضر للانتخابات المقبلة، أنها غير مسرورة بنسبة تمثيل المهاجرين في البرلمان الاتحادي، معتبرة أن البوندستاغ الألماني غير متنوع بما فيه الكفاية. وذكرت أن الأمر لا ينطبق فقط على الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة، بل على نسبة النساء أيضا، والتي لا تتجاوز 31 في المائة فقط، على الرغم من أنهن يشكلن أكثر من نصف السكان. وبالنظر لنسبة ذوي الأصول للمهاجرة والتي تصل نسبتهم إلى 26 في المائة أكثر من نصفهم يحملون جوازات ألنانية، "فتمثيلهم في البوندستاغ الذي لا يتجاوز ثمانية في المائة فقط، لا يجعلني راضية أبدا".

 

السياسية الألمانية لمياء قدور المرشحة البرلمانية باسم حزب الخضر لانتخابات 2021. Lamya Kaddor FOTO FACHHOCHSCHULE MUENSTER
تمثيل المهاجرين والنساء ليس بقدر حجمهم في ألمانيا: أبرزت السياسية الألمانية لمياء قدور، المرشحة باسم الخضر للانتخابات المقبلة، أنها غير مسرورة بنسبة تمثيل المهاجرين في البرلمان الاتحادي، معتبرة أن البوندستاغ الألماني غير متنوع بما فيه الكفاية. وذكرت أن الأمر لا ينطبق فقط على الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة، بل على نسبة النساء أيضا، والتي لا تتجاوز 31 في المائة فقط، على الرغم من أنهن يشكلن أكثر من نصف السكان. وبالنظر لنسبة الألمان من أصول مهاجرة والتي تصل إلى ما يناهز 20 إلى 25 في المائة، "فتمثيلهم في البوندستاغ الذي لا يتجاوز ثمانية في المائة فقط، لا يجعلني راضية أبدا".

 

أسباب العزوف السياسي في وسط مجتمع المهاجرين يردها الخبير بالشؤون الألمانية حسن حسين إلى "قدومهم من بلدان لا فعالية للأحزاب السياسية فيها، ويأتون إلى ألمانيا بهذه الفكرة، أي أن الانتماء السياسي لا ينفع بشيء. بالنسبة لهم التركيز على كسب لقمة العيش أهم من ممارسة السياسة لكن هذا تفكير خاطئ تماما لأن المجتمع الألماني يضمن للمواطن حياة كريمة مما يمنحه الوقت للعمل السياسي والمساهمة في رسم معالم حياته وحياة غيره من مجتمع المهاجرين".

وشدد المحلل السياسي حسن حسين على أن "توافد أسماء لأبناء المهاجرين العمال الأوائل تتصاعد في عالم السياسة داخل ألمانيا خاصة منهم ويونانيون وبرتغاليون وتونسيون ومغاربة أيضا، يعملون بشكل دؤوب وتبرز أسماؤهم على المستوى المحلي أو كمستشارين ضمن الحكومات المحلية وغالبا ما نجدهم ضمن الأحزاب اليسارية التي تتضامن كليا مع حقوق المهاجرين إضافة لحزب الخضر وأحزاب أخرى، من بينهم من يُعتقد أنه قد يصل خلال الانتخابات القادمة لوزارات مهمة".

هل تسهم "الكوتا" في تمثيل أفضل؟

"من الناحية النظرية، من المحتمل أن ينجح ذلك"، تقول لمياء قدور، التي ترى "أن نظام الحصص يمكن حلاً لتمثيل أفضل للمهاجرين". وتضرب مثالا بالكوتا النسائية التي تضمن تمثيل أفصل لهن داخل الأحزاب وعلى مستويات أخرى، وترى أن "كوتا" للمهاجرين يمكن أن تكون مفيدة إذا لزم الأمر.

من جهته، لا يعير المحلل حسن حسين اهتماما للكوتا بخصوص تمثيل المهاجرين، بل "أعير الأهمية لعمل هذا السياسي ذي الخلفية المهاجرة، ومدى حضوره وصلابة مواقفه في مجال نشاطه وداخل حزبه ودائرته. أما أن يفرض المهاجرون بكوتا فهذا سيؤدي إلى منافسة غير نزيهة ونوع من الاحتقان من الجانب الألماني وهو ما لا نرغب فيه" يقول المتحدث. ويستطرد "ربما إذا كان حلاً مرحلياً فيمكن القبول بها".

 

م.ب

حقوق النشر: مهاجر نيوز 2021

 

 

ar.Qantara.de

 

[embed:render:embedded:node:45566]