العالم يتجاهل نحو مليون نازح سوري قرب الحدود التركية وألمانيا تقول إن طريق تركيا-أوروبا مغلق

قال محققون في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يوم الاثنين 02 / 03 / 2020 إن المجتمع الدولي خذل نحو مليون نازح سوري عالقين بالقرب من الحدود التركية، وذلك في تقرير سلط الضوء أيضا على جرائم حرب محتملة في المنطقة، وتساءلت لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا عن سبب عدم توفير العالم مساعدات إنسانية لهؤلاء النازحين، ومن بينهم مئات الآلاف من الأطفال المعرضين لدرجات حرارة شتوية مميتة. وقال رئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سوريا باولو بينيرو في مؤتمر صحفي "أعتقد أنه أمر فاضح ألا يتمكن المجتمع الدولي حتى الآن من التعامل مع هذا الموقف.. هناك حاجة ملحة للتحرك".

وقال عضو اللجنة هاني مجلي: "أوروبا ترفض للأسف استقبال لاجئين"، مضيفا أنه يتعين على دول العالم على الأقل مساعدة السوريين في سوريا"، حتى إذا لم يسمحوا لم بالدخول. ولم يعلق الخبراء الحقوقيون على القرار الذي اتخذته تركيا مؤخرا بالسماح بعبور اللاجئين السوريين حدودها إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أن تفويض الخبراء هو التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان داخل سوريا. غير أن لجنة التحقيق ربطت قوى خارجية مثل روسيا بانتهاكات في الحرب السورية.

من جهته حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الإثنين من أن "ملايين" المهاجرين واللاجئين سيتوجّهون قريبا إلى أوروبا، مثيرا ردودا حادة من قادة الاتحاد الأوروبي إزاء محاولاته ممارسة ضغوط عليهم للحصول على مزيد من المساعدات في النزاع السوري. ومنذ أن قامت تركيا "بفتح أبوابها" الجمعة أمام اللاجئين والمهاجرين للتوجه إلى الاتحاد الأوروبي، يحتشد الآلاف على الحدود التركية ما يثير المخاوف من موجة هجرة جديدة كما حدث في عام 2015.

واعتبرت المستشارة أنغيلا ميركل الخطوة التركية "غير مقبولة" فيما قال مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة مرغريتيس سخيناس أنه "لا يمكن لأحد أن يبتز أو يرهّب الاتحاد الأوروبي". لكن تركيا التي تستقبل 3,5 ملايين لاجئ تسعى لمنع موجة لجوء جديدة من سوريا حيث تقوم قوات النظام، مدعومة بالطيران الحربي الروسي، بشن عملية عسكرية لاستعادة إدلب آخر معاقل المقاتلين.

وقال إردوغان إنه يأمل في التوصل لوقف إطلاق نار في سوريا عندما يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع. وحذر من أن على أوروبا تحمل حصتها من أزمة اللاجئين. وقال: "بعدما فتحنا أبوابنا، وردتنا العديد من الاتصالات، قالوا لنا "أغلقوا الأبواب". لكنني قلت لهم "لقد تم الأمر، انتهى. الأبواب مفتوحة. وعليكم الآن أن تتحملوا نصيبكم من العب"". 

وقال إردوغان إن أعداد المهاجرين على الحدود اليونانية، وبينهم أفغان وسوريون وعراقيون، أكثر بكثير من الأرقام التي أعلنها المسؤولون والصحافيون، مضيفا أن الأرقام هناك وصلت إلى "مئات الآلاف". وأضاف: "سيتزايد العدد. قريبا هذا العدد سيصل الى الملايين".

وتقول اليونان أنها منعت نحو 10 آلاف شخص من دخول أراضيها في اليومين الماضيين. ووقعت مواجهات فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على اللاجئين الذين ردوا برشق الحجارة.

وأظهر تسجيل فيديو تشارك نشره مسؤول تركي ولم يمكن بالإمكان التأكد منه من مصدر مستقل، مركبا مليئا بالمهاجرين وهم يتعرضون لإطلاق نار ومضايقات من عناصر خفر السواحل اليونانيون. وفي محاولة يائسة سعى العديد من المهاجرين إلى السير في طرق بديلة، وقالت شرطة الموانئ اليونانية إن صبيا قضى عندما انقلب قارب قبالة ساحل جزيرة ليسبوس.

وأعلنت أثينا عن تعزيز دورياتها وتعليق طلبات اللجوء التي تقدم بها الأشخاص الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وهي خطوة نددت بها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة معتبرة أنها "تفتقر إلى أساس قانوني". ووافقت تركيا في عام 2016 على منع اللاجئين من التوجه إلى أوروبا مقابل الحصول على مليارات اليوروهات من المساعدات، ويصر الاتحاد الأوروبي على أن تلتزم تركيا بالاتفاق. وتأتي مسألة اللاجئين في وقت تشن تركيا عملية عسكرية في إدلب شمال غرب سوريا، في مسعى للتصدي لهجوم قوات النظام السوري. وأرغم ما يقرب من مليون شخص على الفرار من العملية العسكرية التي يشنها النظام، في أكبر موجة نزوح من نوعها في النزاع المستمر منذ تسع سنوات، لكن لا يُسمح لهم بدخول الأراضي التركية.

ورغم أن تركيا تدعم بعض المجموعات المعارضة، مقابل دعم روسي للنظام، لكن الطرفين يسعيان لتجنب أي اشتباك مباشر يهدد علاقات التجارة والدفاع الأوسع بينهما. وأكد إردوغان خلال خطاب في أنقرة الإثنين: "آمل أن يتخذ (بوتين) التدابير الضرورية مثل وقف لإطلاق النار وأن نجد حلاً لهذه المسألة". بدوره قال الكرملين ان التعاون مع تركيا أولوية قصوى. وقال متحدث: "جيوشنا على تواصل مستمر. عسكريونا على تواصل دائم. الأهم هو أننا نتجه الآن إلى مفاوضات بين بوتين وإردوغان".

وتدعم تركيا بعض الفصائل المعارضة في إدلب وأقامت نقاط مراقبة بموجب اتفاق مع روسيا عام 2018 كان من المفترض أن يمنع هجوما شاملا للنظام. لكن النظام السوري يحقق تقدما منذ كانون الأول/ديسمبر، والاثنين استعاد السيطرة على بلدة سراقب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتفاقم التوتر بين تركيا وسوريا الأسبوع الماضي عندما قتل 34 جنديا تركيا في ضربة جوية نسبت إلى دمشق، في أكبر حصيلة تكبدتها تركيا منذ تدخلها في النزاع. وقال المحلل لدى فيريسك ميبلكروفت أنطوني سكينر إن "الضربات الجوية ... نفذها على الأرجح سلاح الجو الروسي إذ أن الطائرات الحربية السورية لا تقوم بطلعات جوية ليلا".

وأضاف: "ومع هذا، فإن كُلاً من موسكو أنقرة قررتا توجيه أصابع الاتهام إلى (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، ما يشير إلى عدم وجود رغبة لديهما في مزيد من المواجهات المباشرة". وردت تركيا بعملية تم خلالها إسقاط طائرتين سوريتين حربيتين الأحد، وأعلنت تركيا  انطلاق عملية "درع الربيع" العسكرية ضد النظام السوري في إدلب وأنها لا تنوي مواجهة روسيا في سوريا. وبلغت حصيلة قتلى قوات النظام السورية جراء القصف التركي  74 عنصراً على الأقل باستخدام طائرات من دون طيار أو القصف المدفعي منذ 28 / 02 / 2020 إلى 01 / 03 / 2020 ، وفق المرصد.

وقال إردوغان الإثنين إن الخسائر السورية ليست "سوى البداية" ما لم تنسحب خلف الحدود المتفق عليها بموجب اتفاق 2018. وردت دمشق بتأكيد عزمها "التصدي للعدوان التركي السافر بكل الحزم ووضع حد لكافة التدخلات التركية حفاظاً على سلامة ووحدة الأراضي السورية".

ودعت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين لاستقبال مزيد من اللاجئين في ألمانيا، في ظل التدفق الكبير لمهاجرين ولاجئين على الحدود التركية مع اليونان. وذكرت المنظمة يوم الإثنين: "يمكننا ويتعين علينا استقبال عدد كبير من اللاجئين اليائسين حاليا في مخيمات بائسة على الحدود اليونانية، وفي أماكن أخرى على الحدود الخارجية الأوروبية".

وأضافت المنظمة أنه تأكد مؤخرا أن "استقبال اللاجئين منذ عام 2015 يعد قصة نجاح". وبالنظر إلى قمة الاندماج المنعقدة يوم الاثنين في ديوان المستشارية، دعت المنظمة إلى "أن تستعد ألمانيا لاستقبال طالبي لجوء آخرين، وأن تخطط لإجراءات دمج، وأن تستقبل لاجئين من اليونان". وأكدت المنظمة أنه من الخطأ الاعتقاد أنه يمكن إغلاق الحدود أمام اللاجئين والاستسلام لأصوات عنصرية، وتمهيد الطريق لتشديد القوانين واحدا تلو الأخر، وفي الوقت ذاته يتم استقبال أشخاص لديهم مؤهلات عالية بأذرع مفتوحة.

يشار إلى أن قمة الاندماج الحادية عشر المنعقدة يوم الإثنين في برلين تكرس اهتمامها لما يجب أن يعلمه المهاجرون قبل القدوم إلى ألمانيا من الأساس. وتعتزم الحكومة الاتحادية إطلاع أي مهاجرين محتملين للعمل على معلومات معينة عن ألمانيا، وهم لا يزالون في موطنهم- على سبيل المثال تعلم اللغة الألمانية.

وحذر المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتفن زايبرت يوم الإثنين اللاجئين والمهاجرين في تركيا من الانطلاق نحو أوروبا. وقال زايبرت يوم الإثنين: "إننا نعايش حاليا على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع تركيا، على اليابسة وبحرا، وضعا مقلقا للغاية. إننا نواجه لاجئين ومهاجرين يقال لهم من الجانب التركي إن الطريق نحو الاتحاد الأوروبي مفتوح حاليا، وهو بالطبع ليس كذلك".

وأضاف المتحدث باسم الحكومة الألمانية: "يقود ذلك هؤلاء الأشخاص، رجالا ونساء وأطفالا، إلى وضع صعب للغاية، ويضع ذلك اليونان أمام تحديات هائلة. والحكومة الاتحادية على وعي بكل ذلك". 

وأشار زايبرت إلى الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن الحد من الهجرة غير النظامية والسيطرة عليها ومكافحة مهربي البشر، لافتا إلى أن الحكومة الاتحادية تظل على قناعة بأن هذه الاتفاقية جيدة بالنسبة لكلا الجانبين، وأنها تساعد وأنه يجب الإبقاء عليها والامتثال لها. 

وأضاف المتحدث باسم الحكومة الألمانية أن تركيا تتحمل عبئا ضخما من خلال إيوائها لـ 3.5 مليون لاجئ ومهاجر. وتابع أن الاتحاد الأوروبي تعهد بتقديم مساعدات بقيمة ستة مليارات يورو، تم دفع أكثر من نصفها حتى الآن، وشدد على ضرورة التشاور بشأن عدم رضا تركيا عن تدفق الأموال. وقال زايبرت: "إننا نعايش بالتأكيد حاليا وضعا لا ينم عن فحوى الاتفاقية، ولكننا لا نعايش أيضا فسخا للاتفاقية... هذه الاتفاقية لها قيمتها". أ ف ب ، د ب أ

 

[embed:render:embedded:node:39291]