نجم وسط ألمانيا غوندوغان – تألق على المستطيل الأخضر وسفير للاندماج

أصبح غوندوغان، الغائب عن تشكيلة بلاده المشاركة في كأس أوروبا 2016 بسبب إصابة في ركبته، أول لاعب يستقدمه المدرب الجديد لسيتي الاسباني بيب غوارديولا بعد قدومه من بايرن ميونيخ الألماني. وأكد اللاعب البالغ 25 عاما الخبر بشريط فيديو نشره على حساب النادي في موقع تويتر.
أصبح غوندوغان، الغائب عن تشكيلة بلاده المشاركة في كأس أوروبا 2016 بسبب إصابة في ركبته، أول لاعب يستقدمه المدرب الجديد لسيتي الاسباني بيب غوارديولا بعد قدومه من بايرن ميونيخ الألماني. وأكد اللاعب البالغ 25 عاما الخبر بشريط فيديو نشره على حساب النادي في موقع تويتر.

تطوّر الطالب التركي الشاب إلكاي غوندوغان بسرعة؛ إذ أصبح من أبطال كرة القدم وفاز بالكأس، وصار يلعب أيضًا في فريق المنتخب الألماني لبطولة كأس الأمم الأوروبية وهو كذلك من رعاة الاندماج لدى اتِّحاد كرة القدم الألماني. أندريه توتشيش يعرفنا بهذا اللاعب المحترف.

الكاتبة ، الكاتب: أندريه توتشيش

عندما ارتفع صوت صافرة الحكم معلنة عن نهاية مباراة كأس الاتِّحاد الألماني لكرة القدم، كانت فرحة مشجِّعي نادي بوروسيا دورتموند عارمة لا تحدّها حدود، حيث فاز بوروسيا دورتموند بخمسة أهداف مقابل هدفين على فريق بايرن ميونيخ. وكان إلكاي غوندوغان لاعب فريق بوروسيا دورتموند سعيدًا للغاية. ولكنه بينما كان يحيي المشجِّعين داخل الملعب الأولمبي في برلين وكان يصافح البعض ويربت على أكتاف الآخرين توقَّف فجأة بعدما واجهه أحد المشجِّعين بالعلم التركي.

جرت العادة لدى لاعبي كرة القدم أن يقوم اللاعب في مثل هذه اللحظات بلف نفسه بعلم وطنه ليعبِّر من خلال ذلك عن أصوله. ولكن إلكاي غوندوغان الذي قرَّر قبل فترة قصيرة اللعب لصالح المنتخب الوطني الألماني وليس لصالح المنتخب التركي رفض هذا العرض وبدلاً من قبوله العلم التركي عاد أدراجه إلى زملائه الذين كانوا يحتفلون. ولكنه شوهد بعد ذلك بقليل وهو يلف العلم التركي على كتفيه. ومهما كانت الأسباب من الممكن أنَّه فكَّر أنَّ لديه جذورًا تركية وبإمكانه أيضًا التعبير عنها.

من الرور إلى فرانكونيا والعودة إلى الرور

غوندوغان د ب ا
"أنا أفتخر بأصلي التركي مثلما أفتحر أيضًا بأصلي الألماني".

​​ويقول إلكاي غوندوغان: "أنا أفتخر بأصلي التركي مثلما أفتحر أيضًا بأصلي الألماني". لقد ولد والده عرفان وأمّه أيتن في تركيا ولكنه نشأ هو وشقيقه إيلكر في منطقة الرور، في مدينة غيلسنكيرشن - في تلك المدينة التي تعدّ مكانًا جيِّدًا للاعب كرة قدم ألماني من أصول تركية. وعلى أية حال لقد ولد في هذه المدينة أيضًا اللاعبان حميد وخليل التينتوب وكذلك مسعود أوزيل. قرَّر الأخوان حميد وخليل ألتينتوب اللعب لصالح تركيا، بينما فضَّل أوزيل ارتداء قميص المنتخب الألماني. وكان بوسع إلكاي غوندوغان الذي يطلق عليه اسم "إيلي" اللعب أيضًا لصالح تركيا وطن أمِّه وأبيه. وعن ذلك قال مؤخرًا "إنَّ أصولي التركية مهمة بالنسبة لي، ولكني ولدت ونشأن هنا واعتدت على العقلية الألمانية".

لكن قبل أن يلعب للمرَّة الأولى في خريف العام الماضي لصالح المنتخب الألماني، كان لا بدّ له من كسب شهرته في الكثير من ملاعب كرة القدم. إذ كان يلعب في بداية طفولته في أحد الأندية، وحتى أنَّه لعب طيلة عام وهو في سن العاشرة لصالح نادي شالكه 04 الذي يعدّ النادي الأكبر في مسقط رأسه مدينة غيلسنكيرشن. ولكنه انتقل إلى نادي مدينة بوخوم المجاورة وتم تدريبه هناك. ثم انتقل من نادي بوخوم الثاني إلى نادي نورنبيرغ الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية. وانتظر ستة أشهر قبل لعب مباراته الأولى. وهكذا صعد نادي نورنبيرغ إلى دوري الدرجة الأولى الألماني كما استطاع إلكاي غوندوغان الوصول إلى مكانه الصحيح. ومنذ دوري 2010/2011 أصبح هذا اللاعب الألماني التركي في مركز المباريات التي يخوضها نادي نورنبيرغ ومحورها. وعلى نحو منطقي خطى خطوته المهنة التالي؛ إذ انتقل في صيف عام 2011 لقاء نحو خمسة ملايين يورو إلى نادي بوروسيا دورتموند.

صعوبات صغيرة قبل الصعود

وأصبح في عامه الأوَّل في نادي دورتموند بطلاً من أبطال الكرة وفاز بالكأس. وفي فريق بوروسيا دورتموند لعب إلكاي غوندوغان ثمان وعشرين مباراة في الدوري الألماني اثنتين منهما في دوري أبطال أوروبا، وسجَّل أيضًا ثلاثة أهداف وقدَّم كذلك ثلاث تمريرات ناجحة. وفي الواقع هذا رصيد كبير أثار أيضًا إعجاب مدرِّب المنتخب الوطني الألماني يوآخيم لوف. ولكن قبل أن يصعد نجمه هذا الصعود كان لا بدّ له في البداية من اجتياز بعض الصعوبات الصغيرة. ومنذ البداية كانت الآمال المعقودة عليه كبيرة حيث كان من المفترض له على أية حال أن يحل في نادي دورتموند محل اللاعب نوري شاهين الذي انتقل إلى نادي ريال مدريد.

د ب ا
لعب إلكاي غوندوغان في جميع المنتخبات الألمانية دون سن الثامنة عشر

​​ولعب إلكاي غوندوغان في بداية الموسم أوَّل ست مباريات، بيد أنَّ إداءه لم يكن مقنعًا. ولذلك وجد نفسه في البدء جالسًا على مقعد البدلاء ثم جلس بعد ذلك في المدرَّجات. وكان يقال عنه إنَّه يؤخِّر وقت المباراة ويستفرد بالكرة فترة طويلة. ومنذ ذلك كان يلعب في دورتموند اللاعب سفين بيندر والكابتن سيباستيان كيل. ولكن بعد إصابة اللاعب سفين بيندر نزل إلكاي غوندوغان من جديد إلى أرض الملعب ليلعب في التشكيلة الأساسية وتمكَّن مرارًا وتكرارًا في الشوط الثاني من استرداد قدراته ومهاراته. وعن ذلك قال إلكاي غوندوغان: "لقد كان هذا الوضع صعبًا. ولكني وصلت الآن".

نجاح اللاعب الموهوب

وكان من أهم مراحل تطوّره الإيجابي ظهوره في كأس الاتِّحاد الألماني في الدور نصف النهائي ضدّ فريق جرويتر فورت SpVgg. وبعد تسعين دقيقة كانت النتيجة ما تزال التعادل بدون أهداف ولذلك تم تمديد المباراة إلى الوقت الإضافي. وكان كلّ شيء يشر إلى ضرورة استخدام ضربات الجزاء قبل أن يصوِّب إلكاي غوندوغان الكرة بشجاعة في الثانية الأخيرة نحو المرمى ويصيب العارضة في البداية ثم ظهر حارس المرمى ياسمين فيزيتش. هزَّت كرته هذه شباك جرويتر فورت لتصل بدورتموند إلى الدوري النهائي. وفجأة أصبح هذا اللاعب الهادئ في مقدِّمة الفريق - داخل الملعب وخارجه. وحتى أنَّ مجلة كيكر وصفته بأنَّه أفضل لاعب في الدور الثاني من الدوري الألماني. وبالنسبة للكثيرين كانت المسألة مجرَّد مسألة وقت قبل تحقيق إلكاي غوندوغان هذا النجاح الكبير؛ إذ إنَّه يعدّ لاعبًا ماهرًا في التعامل برشاقة مع الكرة وموهبًا في لعب التمريرات الحاسمة. كما أنَّه يحب الجري ويبقى حاضرًا باستمرار، ويسعى إلى المبادرة في اللعب وتحمل المسؤولية في أرض الملعب، ويتمتَّع أيضًا بقدرته على تسديد الكرة بقوة وبدقة.

النسر الألماني بدل الهلال التركي

وهذه الموهبة لم تأت صدفة، فقد لعب إلكاي غوندوغان في جميع المنتخبات الألمانية دون سن الثامنة عشر. لكن مع ذلك كان بإمكانه أيضًا اللعب لصالح المنتخب التركي قبل أن يلعب لصالح منتخب المدرِّب يواخيم لوف. ولذلك كان المنتخب التركي لكرة القدم يتودَّد إليه. وحول ذلك يقول المدرِّب السابق للمنتخب التركي جوس هيدينك: "سعيت شخصيًا من أجله وأجريت معه عدة محادثات". ولكن مع ذلك تم تعيينه في شهر أغسطس/آب 2011 في المنتخب الوطني الألماني. ورغم ذلك لم يتم استخدامه، ولذلك لم تتوقَّف إغراءات الأتراك له. وكان يبدو أنَّ إلكاي غوندوغان غير مهتم كثيرًا بهذه الإغراءات.

د ب ا
: "يحتل عندي قميص المنتخب الألماني الذي يحمل اسمي من الخلف مكان الشرف".

​​وفي هذا الصدد قال إلكاي غوندوغان العام الماضي: "كان من المؤكَّد بالنسبة لي منذ فترة طويلة أنَّني سألعب لصالح المنتخب الألماني". وفي الحادي عشر من شهر تشرين الأوَّل/أكتوبر 2011 جاء الوقت المناسب؛ حيث واجه المشجِّعين في فوزه الأوَّل بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد على بلجيكا في تصفيات بطولة الأمم الأوروبية. ويقول غوندوغان بحماس: "يحتل عندي قميص المنتخب الألماني الذي يحمل اسمي من الخلف مكان الشرف". وثم لعب مباراته الدولية الثانية قبل فترة غير بعيدة في مباراة ودية جرت يوم الخامس والعشرين من شهر أيَّار/مايو الماضي ضدّ سويسرا بخسارة خمسة أهداف مقابل ثلاثة. وبعد يوم تم تحديد أسماء لاعبي الفريق الذي سيخوض بطولة الأمم الأوروبية، وكان إلكاي غوندوغان من بين هؤلاء اللاعبين وحسب قوله كان هذا بالنسبة له حلمًا تحقَّق.

الاندماج عن طريق الرياضة

لا يراهن الاتِّحاد الألماني لكرة القدم على هذا اللاعب من الناحية الرياضية فقط. بل يؤدِّي كذلك إلكاي غوندوغان مع بعض نجوم الدوري الألماني في المنتخب الألماني دون سن السابعة عشر والمنتخب الألماني دون سن التاسعة عشر الدور الرئيسي في حملة إعلانات تلفزيونية تابعة للاتِّحاد الألماني لكرة القدم. وتقول الرسالة التي يدعو إليها هذا اللاعب الشاب من خلال الإعلانات التلفزيونية إنَّ الاندماج يتم عن طريق الرياضة. وكذلك تم تعينه أيضًا من قبل مؤسَّسة الدوري الألماني لكرة القدم راعيًا للاندماج ومن المفترض أن يتولى مهام تمثيلية ويقوم بتشجيع الشباب من ذوي الأصول المهاجرة. وتمتد مشاريع هذه المؤسَّسة من تعليم اللغة والتدريب على المهارات الاجتماعية وحتى تقديم الدعم للشباب في اختيارهم لتعليمهم المهني أو الأكاديمي. ويبدو أنَّ هذا المهاجر الرائد الذي أكمل دراسته المرحلة الثانوية ونجح في الوصول إلى دوري المحترفين والمنتخب الوطني الألماني قد خُلق للقيام بهذه المهمة.

 

أندريه توتشيش
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012