بحضور بن زايد وبن سلمان توافق بين حكومة اليمن وجنوبيين يتضمن ضم قوات انفصالية مدعومة إماراتياً

- اليمن "اتفاق الحكومة والانفصاليين برعاية سعودية على تقاسم سلطة الجنوب يمنع انهيار التحالف"

- اتفاق بين حكومة اليمن والانفصاليين يتضمن تقاسم السلطة وضم قوات انفصالية مدعومة من الإمارات إلى الجيش والأمن

وقعت حكومة اليمن المدعومة من السعودية والانفصاليون الجنوبيون اتفاقا يوم الثلاثاء 05 / 11 / 2019 لإنهاء الصراع على السلطة في جنوب اليمن وصفه ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بأنه خطوة نحو حل سياسي أشمل لهذا الصراع متعدد الأطراف.

كانت الأزمة بين الحكومة والانفصاليين قد فتحت جبهة جديدة في الحرب اليمنية المستمرة منذ ما يزيد على أربعة أعوام وأدت إلى انقسام في التحالف الذي تقوده السعودية لقتال جماعة الحوثي اليمنية التي طردت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من العاصمة صنعاء بشمال البلاد في أواخر عام 2014.

وقال مبعوث السعودية إلى اليمن للصحفيين إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بعد محادثات غير مباشرة في المملكة استمرت لما يزيد على شهر سيشهد انضمام المجلس الانتقالي الجنوبي إلى حكومة جديدة على أن يتم وضع غيرهم من الجنوبيين وجميع القوات المسلحة تحت سيطرة الدولة.

وعبر الأمير محمد في كلمة خلال مراسم التوقيع التي بثها التلفزيون عن أمله في أن يكون "الاتفاق فاتحة جديدة لاستقرار اليمن"، موضحا أن الاتفاق "خطوة نحو الحل السياسي وإنهاء الحرب في البلاد".

ورحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاتفاق وقال على تويتر "بداية جيدة جدا! من فضلكم جميعا ابذلوا قصارى جهدكم للتوصل إلى اتفاق نهائي". وسعت الرياض لحل الأزمة حتى يعيد التحالف التركيز على قتال الحوثيين المتحالفين مع إيران على الحدود الجنوبية للمملكة.

وقوات الانفصاليين، المدعومة من الإمارات شريكة الرياض الرئيسية في التحالف، جزء من هذا التحالف السني الذي تدخل في اليمن في مارس آذار 2015 لمواجهة الحوثيين المتحالفين مع إيران والذين سيطروا على صنعاء ومعظم المراكز الحضرية.

لكن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان يسعى لحكم ذاتي في الجنوب ولأن يكون له رأي في مستقبل اليمن، تحول ليواجه حكومة هادي في أغسطس / آب 2019 وسيطر على مقرها المؤقت في مدينة عدن الساحلية وحاول بسط سيطرته في جنوب البلاد.

ويدعو الاتفاق الذي اطلعت رويترز على نسخة منه لتشكيل حكومة جديدة لا يزيد عدد وزرائها على 24 وزيرا في غضون 30 يوما على أن يحظى فيها الجنوبيون والشماليون بتمثيل متساو وأن يشارك المجلس الانتقالي الجنوبي في أي مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب.

ويقضي الاتفاق كذلك بضم جميع القوات العسكرية وقوات الأمن من الجانبين، ومنهم عشرات الألوف من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، لوزارتي الدفاع والداخلية.

ولتمهيد الطريق نحو هذا الاتفاق انسحبت القوات الإماراتية من عدن الشهر الماضي وسلمت السيطرة على الميناء وغيره من المناطق الجنوبية إلى السعودية.

ورحبت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء بالاتفاق ووصفه مارتن جريفيث مبعوث المنظمة الدولية الخاص باليمن بأنه خطوة مهمة في إطار جهود السلام.

وقال جريفيث، الذي يسعى لاستئناف المحادثات الرامية لإنهاء حرب اليمن، على تويتر "الاستماع إلى المعنيين في الجنوب أمر مهم بالنسبة للجهود السياسية الرامية لتحقيق السلام في هذا البلد".

وحضر مراسم توقيع الاتفاق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات وهادي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.

وأظهرت أزمة عدن صدعا بين السعودية وشريكتها العربية الرئيسية الإمارات التي بدأت في تقليص وجودها في اليمن في يونيو / حزيران في حين ضغط حلفاء غربيون، بعضهم كان يمد التحالف بالأسلحة والمعلومات المخابراتية، لإنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص.

وقالت أبريل لونجلي من مجموعة الأزمات الدولية إن الاتفاق ربما يكون إيجابيا لكن من السابق لأوانه التأكد من ذلك. وأضافت: "في أفضل الأحوال سيحد (الاتفاق) من وتيرة العنف ويمهد لمفاوضات تشمل مزيدا من الأطراف اليمنية وبحضور الانفصاليين الجنوبيين أيضا والذين يمثلون مكونا ميدانيا مهما". 

وكانت توصلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والانفصاليون إلى اتفاق برعاية سعودية لتقاسم السلطة في جنوب اليمن، بحسب ما أعلنت مصادر في الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي الجمعة 25 / 10 / 2019.

وبموجب الاتفاق، يتولى المجلس الانتقالي الجنوبي عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية، وستعود الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، بحسب المسؤولين وتقارير إعلامية سعودية. وشهد جنوب اليمن معارك بين قوّات مؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للحكومة اليمنية أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على عدن ومناطق أخرى في آب/اغسطس الماضي 2019.

وعدن هي العاصمة الموقتة للحكومة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014. وقال مصدر في الحكومة اليمنية اشترط عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إنه "سيتم التوقيع (على الاتفاق) بموعد أقصاه الثلاثاء القادم بحضور الرئيس (عبد ربه منصور) هادي، وعيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي".

وبحسب المسؤول فإن الاتفاق "يقضي بإعادة تشكيل الحكومة وإشراك المجلس الانتقالي فيها بعدد من الوزارات، وعودة الحكومة إلى عدن خلال سبعة أيام بعد التوقيع على الاتفاق".

وانخرط الانفصاليون اليمنيون وممثلون عن الحكومة المعترف بها دوليا منذ أسابيع في مفاوضات غير مباشرة في جدة حول اتفاق لتقاسم السلطة في جنوب البلاد.

وأعلنت قناة الإخبارية السعودية الرسمية في تغريدة على تويتر فجر الجمعة "التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي" الممثل للانفصاليين.

وفي تغريدة أخرى، قالت الإخبارية إن الاتفاق ينص على تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيرا، في "حكومة مناصفة ما بين المحافظات الجنوبية والشمالية في اليمن".

وسيشرف التحالف الذي تقوده السعودية على "لجنة مشتركة" لتنفيذ الاتفاق. وبموجب الاتفاق أيضا، سيعود رئيس الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن "لتفعيل مؤسسات الدولة".

وترى اليزابيث كيندال الباحثة في شؤون اليمن في كلية بيمبروك بجامعة أوكسفورد أن "التوصل إلى اتفاق يعد بلا شك خطوة مهمة". وأكدت لوكالة فرانس برس "هذا يمنع اندلاع نزاع كبير داخل الحرب الدائرة حاليا، ويمنع انهيار التحالف".

ويأتي الإعلان عن توصل الى اتفاق بعد لقاء جمع مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، بحسب بيان.

وقال البيان الصادر عن مكتب غريفيث إن المبعوث الأممي " ثمّن جهود المملكة" لإيجاد حل في جنوب اليمن

وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات موالية للحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة بينها صنعاء قبل أكثر من أربع سنوات.

لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب، حيث تتمركز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990.

وفي 14 من تشرين الأول/اكتوبر الماضي 2019، سلّمت الإمارات قوّات سعودية مواقع مهمة في عدن جنوب اليمن، بينها مطار المدينة بهدف تسهيل تطبيق أي اتفاق بين الحكومة اليمنية والانفصاليين.

ودرّبت الإمارات قوات الانفصاليين وسلحتها. في المقابل، تدعم السعودية الحكومة بشكل صريح وعلني. لكن علاقتها بالسلطات اليمنية يشوبها التوتر والريبة، مع اتهام أبوظبي لهذه السلطات بالسماح بتنامي نفوذ الإسلاميين داخلها، بينما تقول السلطات من جهتها إنّ الإمارات تساعد قوات الانفصاليين عسكريا لتنفيذ "انقلاب" وهو ما تنفيه الدولة الخليجية.

وتقيم السعودية علاقات جيدة مع الحكومة اليمنية والانفصاليين على حد سواء، ما يسمح لها بأن تلعب دور الوسيط بين الجانبين.

ويرى محلّلون أن الخلافات داخل معسكر السلطة تضعف القوات الموالية لها في حربها ضد الحوثيين. ولعبت الإمارات دورا محوريا في التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن منذ بداية عملياته، قبل أن تعلن في تموز/يوليو الماضي 2019 خفض عديد قواتها في هذا البلد والتركيز على التوصل إلى حل سياسي. رويترز / أ ف ب