تفاقم شح مياه الأردن بسبب تغير المناخ ونمو السكان - ماء الصنبور بات ضيفا عزيزا في عَمَّان ليوم أسبوعيا

"أرضنا العطشى".. أزمة المياه تتفاقم في الأردن بعوامل المناخ والنمو السكاني: يقف عماد سليمان منتظرا بالساعات بجانب بئر خاصة في عمان. يستخرج الرجل المياه من جوف البئر ويصبها في شاحنته ذات الصهريج كي يبيعها فيما بعد للزبائن في المدينة مترامية الأطراف.

وتزداد أعداد زبائنه بين سكان العاصمة الأردنية البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، يدفعهم مزيج من عوامل التغير المناخي والنمو السكاني والفساد وتهالك البنية التحتية للشراء بأسعار باهظة بعد أن أصبحت مياه الصنبور ضيفا عزيزا لا يأتي إلا ليوم واحد في الأسبوع.

قال سليمان لرويترز "هذا العام زيادة (في الطلب) أو مقارنة عن السنين الماضية زيادة سبعين في المئة إلى ثمانين بالمئة".

أصبحت صهاريج تخزين المياه المتناثرة فوق أسطح المنازل معلما جديدا في شكل المدينة.

ويفاقم التغير المناخي قسوة الجفاف بمنطقة الشرق الأوسط، لكن الوضع في الأردن أشد سوءا من جيرانه. وقال المسؤول بوزارة المياه عمر سلامة "هذا الموسم كان ضعيفا من كل المعايير، من المواسم الشحيحة مائيا، حيث أن الهطول لم يزد عن ستين بالمئة من المتوسط العام".

وفي المقابل قفز الطلب بشكل كبير. فقد تضاعف عدد سكان الأردن إلى المثلين في السنوات العشرين الماضية، مع استقبال موجات من اللاجئين، بما في ذلك أكثر من مليون سوري.

تفيد الإحصاءات الرسمية أن حصة الفرد من المياه في العام تراجعت إلى 80 مترا مكعبا فقط نزولا من 3400 في مطلع القرن. ويقول سلامة إن الإمدادات المتاحة لا تكفي إلا ثلاثة ملايين من سكان الأردن البالغ عددهم 10 ملايين نسمة.

ومع استنزاف طبقات المياه الجوفية في الصحراء وتضرر تدفقات المياه بنهر الأردن من أكبر روافده اليرموك بفعل عمليات تحويل مجرى النهر في إسرائيل وسوريا، يشعر المزارعون في غور الأردن، سلة الخبز للأردنيين، بالانزعاج.

قال جهاد طوالبة، وهو مزارع ورث مزرعته عن والده "ما قدرت زراعات صيفية (لا نستطيع زراعة محاصيل صيفية) وأثر علي إنا استثمرت في الأرض كثير ماديا جرفت وعملت واشتغلت لكن أثر علي.. ما في مردود.. كله نخدم الشجر لأمل بعد خمس سنوات لنقدر ناخد إنتاج منه".

هل آن أوان التحلية؟

تستهلك الزراعة الآن حوالي 60 بالمائة من الإمدادات، لكن الفساد مع سوء التخطيط يعقد مشاكل المياه في الأردن، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف المياه التي يتم ضخها تضيع بسبب السرقة وتسرب المياه من الأنابيب، رغم مليارات الدولارات التي يضخها كبار المانحين الغربيين.

لم تكن المشاريع المقامة، التي تتراوح بين عشرات السدود والخزانات ومحطات معالجة المياه وخط أنابيب بمليار دولار لنقل المياه العذبة من خزان كبير في الجنوب إلى العاصمة عمان، سوى حلول مؤقتة.

ورسمت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في 2021 صورة متشائمة للمستقبل. أظهرت الدراسة أن نصيب الفرد من المياه في الأردن يمكن أن ينخفض إلى النصف بحلول نهاية هذا القرن.

أضافت أنه إذا لم يحدث تحرك، لن يكون بمقدور سوى عدد قليل من الأسر في الدولة القاحلة الحصول حتى على 40 لترا فقط من المياه المنقولة بالأنابيب كنصيب للفرد في اليوم.

يعتقد خبير المياه والمسؤول السابق في الحكومة دريد محاسنة بأن المشاريع الضخمة لتحلية المياه مثل فكرة القناة المقترحة من البحر الأحمر إلى البحر الميت هي وحدها التي يمكن أن تلبي الاحتياجات المستقبلية المتزايدة للسكان.

يضيف محاسنة "أعتقد أنه كل مصيرنا راح يكون عرضة للتخريب والتدمير إذا استمرينا هيك... سينجم عن ذلك هجرات قسرية... سينجم عن ذلك مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية... المجاعات والعطش". رويترز 02 / 09 / 2021

 

[embed:render:embedded:node:14489]