تونس الربيع العربي تبكي الراحل السبسبي أول رئيس منتخب بديمقراطية مباشرة وتستعد لانتخابات مبكرة

تستعد تونس التي فقدت رئيسها الباجي قائد السبسي الخميس 25 / 07 / 2019 وتجنبت شغورا في السلطة لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة خلال أقل من شهرين، ما يشكل تحديا وسط مناخ سياسي مشحون.

وبعد ساعات من وفاة السبسي، أدى محمد الناصر (85 عاما) رئيس مجلس نواب الشعب اليمين، ليتولى الرئاسة المؤقتة للجمهورية، كما ينص الدستور.

وأعلنت الحكومة التونسية إثر وفاة الباجي قائد السبسي عن عمر 92 عاما الحداد لأسبوع وصدرت الصحف الجمعة باللونين الأبيض والأسود وألغيت كل التظاهرات الفنية. 

وبدت البلاد التي تعتبر مهد الربيع العربي في حالة حزن عام وهي تبكي أول رئيس لها انتخب في اقتراع عام وديمقراطي ومباشر عام 2014.

وعنونت صحيفة "لوتان" الناطقة باللغة الفرنسية الجمعة 26 / 07 / 2019 "الوداع سيدي الرئيس" وكتبت "حزننا كبير وألمنا شديد".

كما صدرت صحيفة "المغرب" صفحتها الأولى بالأبيض والأسود ووضعت عنوان "وترجل الباجي قائد السبسي، نهاية رجل استثنائي".

ونُقل جثمان قائد السبسي صباح الجمعة من المستشفى العسكري بالعاصمة تونس إلى قصر قرطاج بالضاحية الشمالية على متن سيارة عسكرية موشحة بعلم البلاد تحت حراسة عسكرية وأمنية.

ويتولى الجيش التونسي تنظيم جنازة الرئيس السبت بحضور عدد كبير من قادة ورؤساء الدول والوفود الأجنبية على ما أعلن الخميس رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

ومن المنتظر أن يشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موكب الدفن السبت والذي سيقام في مقبرة "الجلاز" بالعاصمة.

وانهالت برقيات التعازي على تونس إثر إعلان الوفاة محيية دور الرئيس المحوري والهام في "السير نحو الديمقراطية".

وتأتي وفاة الباجي قبيل أشهر من نهاية عهدته الانتخابية آخر العام الجاري 2019، وأمام محمد الناصر الرئيس المؤقت تحدي تنظيم الانتخابات خلال مدة زمنية يكون أدناها 45 يوما وأقصاها تسعون يوما.

وقررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إثر وفاة قائد السبسي تغيير أجندة الانتخابات وتقديم الرئاسية إلى 15 سبتمبر/أيلول 2019 مبدئيا فيما بقيت الانتخابات البرلمانية في موعدها في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وأثنى العديد من التونسيين على الانتقال السريع والسلس للسلطة الخميس في بلد يعتبر الناجي الوحيد من تداعيات الربيع العربي والذي يواصل مسيرته نحو الديمقراطية بالرغم من التحديات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتهديدات من قبل الجماعات الجهادية المسلحة.

وكتبت صحيفة "لابراس" الحكومية والناطقة بالفرنسية "التونسيات والتونسيون أمام امتحان صعب ليبرهنوا أنهم يستحقون الديمقراطية وقد نجحوا في امتحان إقناع العالم بأسره أن تونس بلد ديمقراطي".

ويقول جلال سليماني وهو أحد سكان العاصمة لفرانس برس "المهم أن تستمر البلاد بشكل طبيعي، أثر فينا موته ولكن البلاد يجب أن تواصل التقدم".

وكان الباجي قائد السبسي نُقل لأيام في نهاية حزيران/يونيو 2019 إلى المستشفى العسكري بتونس في يوم اهتزت البلاد على وقع هجومين مسلحين لجهاديين بأحزمة ناسفة في منطقتين بالعاصمة قتل خلالها أمني ومدني، وهو ما أُثار تساؤلات بخصوص هشاشة المؤسسات في البلاد.

وأثرت الصراعات الداخلية لحزب "نداء تونس" الذي أسسه الباجي قائد السبسي ونجح به في انتخابات 2014، على مؤسسة الرئاسة.

 

تونس مهد الربيع العربي تحزن على وفاة السبسبي أول رئيس تونسي منتخب بديمقراطية مباشرة وتستعد لانتخابات مبكرة.
تونس مهد الربيع العربي تحزن على وفاة السبسبي أول رئيس تونسي منتخب بديمقراطية مباشرة وتستعد لانتخابات مبكرة.

 

كما يزيد غياب المحكمة الدستورية المشهد السياسي في البلاد ضعفا وهشاشة، فلم يتمكن البرلمان من انتخاب أعضائها بسبب الحسابات السياسية لأحزاب الحكم.

وتولت الهيئة الوقتية للنظر في دستورية القوانين مهام المحكمة الدستورية وأقرت يوم الخميس شغور منصب رئيس الدولة وتكليف رئيس البرلمان محمد الناصر بتولي رئاسة البلاد مؤقت إلى حين تنظيم الانتخابات.

ونقح البرلمان القانون الانتخابي الذي أثار جدلا واسعا وقد تقدمت به رئاسة الحكومة ومن شأنه أن يقصي العديد من المنافسين البارزين في المشهد السياسي.

غير أن الباجي قائد السبسي لم يوقع على القانون والتنقيحات الجديدة لأنه لا يريد أن يُقصي أحداً من المشاركة وفقاً لأحد مستشاري الرئيس.

ومن بين الشخصيات التي يمكن أن تُقصَى من الانتخابات رجل الإعلام القوي نبيل القروي وألفة تيراس صاحبة مشروع "عيش تونسي" المجتمعي.

وينص الفصل 42 مكرر من هذا القانون الانتخابي على أنه "لا يُقبَل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تَبَيَّن للهيئة (الانتخابية) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية"، أو "تبيّن قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي". 

وتمت المصادقة على القانون الجديد في 18 حزيران/يونيو بالأغلبية البرلمانية ووصفه نبيل القروي "بمحاولة انقلاب سياسي". وقال في رسالة وجهها إلى النواب "لن أتخلى عن التزاماتي تجاه الفقراء وحقي الدستوري وحتى واجبي الأخلاقي في الترشح". أ ف ب