"الاتفاق النووي مع إيران انتهي فعلياً بعد أن انسحبت منه الولايات المتحدة"

اختتم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس محادثاته مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف التي استغرقت ساعتين اليوم الاثنين (10 حزيران/يونيو 2019) دون التوصل إلى نتائج محددة في إطار مساعي الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران. ورغم ذلك وصف الوزيران اللقاء بأنه كان بناء وأكد على الاتفاق الذي يحول دون امتلاك إيران لأسلحة نووية مقابل حصولها على فوائد اقتصادية.
اختتم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس محادثاته مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف التي استغرقت ساعتين اليوم الاثنين (10 حزيران/يونيو 2019) دون التوصل إلى نتائج محددة في إطار مساعي الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران. ورغم ذلك وصف الوزيران اللقاء بأنه كان بناء وأكد على الاتفاق الذي يحول دون امتلاك إيران لأسلحة نووية مقابل حصولها على فوائد اقتصادية.

مازالت المساعي الديبلوماسية الألمانية للحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، بعد الانسحاب الأمريكي منه، مستمرة. لكن الخبير الإماراتي عبدالخالق عبدالله يقول في الحوار التالي مع محيي الدين حسين إن "مغريات ألمانيا لإيران لن تفيد" وأن طهران لن ترضخ إلا بطرق أخرى.

الكاتبة ، الكاتب: محيي الدين حسين

"الاتفاق النووي مع إيران سارٍ حتى بدون الولايات المتحدة"، هذا ما أكده وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في جولته إلى الشرق الأوسط. فخلال أربعة أريام زار ماس الأردن والعراق والإمارات قبل أن يجتمع في طهران مع المسؤولين الإيرانيين.

وقبل محادثاته في طهران، شدّد ماس إثر اجتماع مع وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد على أن الاتحاد الأوروبي "ينظر بعين الانتقاد إلى الدور الإيراني في سوريا وكذلك اليمن"، لكنه أكد على أهمية الحوار مع إيران.

من جانبه أكد بن زايد أن "الإمارات ترحب بأي جهود لتهدئة التوتر في المنطقة". فهل يمكن أن تلعب الإمارات دوراً متناغما مع مساعي ألمانيا من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي؟ الخبير الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله الذي يوصف بـ"المقرب" من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، يجيب عن هذا السؤال وأسئلة أخرى في الحوار التالي.

وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أكد من أبو ظبي على أن الإمارات تلعب دوراً محورياً في العديد من القضايا بالمنطقة. برأيك هل يمكن أن تقوم الإمارات بدور للحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران؟



عبدالخالق عبدالله: في تقديري أن الاتفاق النووي مع إيران صدرت بحقه شهادة وفاة، فلم يعد هناك اتفاق نووي بعد أن انسحبت منه الولايات المتحدة، وبعد أن عادت إيران إلى بعض المسارات في مشروعها النووي.

المحاولة الأوروبية لإحياء هذا الاتفاق تأتي في الوقت الضائع، والإمارات من بين الدول الكثيرة التي قالت بكل وضوح أن هذا الاتفاق غير كافٍ، وخاصة أنه قد اغفل -من بين أمور كثيرة- برنامج إيران الصاروخي، وأغفل تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان قال بعد لقائه مع وزير الخارجة الألماني هايكو ماس عن الاتفاق النووي مع إيران: "لنجاح أي اتفاقية نعتقد أنه أولا لابد أن تكون دول المنطقة طرفا في هذا الاتفاق". هل تعكس رغبة الإمارات بأن تكون جزءاً من الاتفاق تغييراً في سياسة أبو ظبي التي كانت قد رحبت بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران؟

عبدالخالق عبدالله: هناك حاجة لاتفاق مع إيران، لا شك في ذلك. لكن المطلوب هو اتفاق مختلف كلياً عن الاتفاق السابق. يجب أن يكون الاتفاق ملزماً وصارماً، وشاملاً، وهذه هي المعايير الأساسية لأي اتفاق جديد.

وللوصول إلى مثل هذا الاتفاق ينبغي أن تكون دول المنطقة جميعها، وخاصة المحيطة بإيران، كالإمارات والسعودية، شركاء فيه. وسبق للإمارات أن طالبت بمثل هذا الدور، إلا أن إيران كانت ترفضه وتود أن تتعامل مع الدول الكبرى، من منطلق أنها الدولة الآمرة الناهية في المنطقة ولا تتعامل مع دول في جوارها. دعوة الإمارات محقة، فلابد من الآن وصاعداً ضمن أي اتفاق جديد أن تكون معظم دول المنطقة وخاصة الدول الرئيسية كالسعودية والإمارات جزءاً من هذا الاتفاق الملزم والشامل.

 

[embed:render:embedded:node:31067]

 

 هل يعني ذلك أن الإمارات تريد الضغط على إيران من أجل تعديل الاتفاق النووي بدلاً من إلغائه؟

عبدالخالق عبدالله: ربما يمكن الإبقاء على بعض بنود الاتفاق السابق، لكن الحديث يدور حول أسئلة مثل: أين أخفق هذا الاتفاق؟ ولماذا انسحبت دول منه؟ ولماذا اعترضت عليه الدول؟ هناك قصور فني وسياسي في الاتفاق الذي لم يعد قائماً. نحن في صدد اتفاق جديد. ولا يمكن لإيران أن تعود لطاولة المفاوضات بدون العصا الغليظة التي تتمثل حالياً في العقوبات الاقتصادية الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران، خاصة في مجالات الطاقة والمال والمصارف. وبالتالي فإن العصا الغليظة يجب أن تستمر، فهي التي ستأتي بإيران إلى طاولة المفاوضات وستجبرها على اتفاق جديد شامل وملزم.

هل هنالك توافق تام إماراتي سعودي حول الملف الإيراني، أم لدى أبو ظبي حسابات مختلفة؟

عبدالخالق عبدالله: اليوم الإمارات والسعودية وجهان لمسار واحد، ومتفقتان على جميع الأجندات الإقليمية الرئيسية وفي المقدمة التصدي لإيران. لا يوجد أي خلاف واختلاف بين الرياض وأبو ظبي حول التهديد الإيراني وأن إيران دولة مزعزعة لأمن واستقرار الخليج العربي والشرق الأوسط. في هذه الموضوع هناك انسجام واتفاق وتنسيق تام بين الرياض و أبو ظبي. والتنسيق يأتي في سياق إيقاف سلوك إيران المزعزع للاستقرار. ولابد من عصا غليظة وإجماع دولي وعقوبات أمريكية. فلتستمر العقوبات لفترة مقبلة إلى أن ترضخ إيران وتأتي إلى طاولة المفاوضات.

 

 

هل ساهمت تطورات الملف الإيراني في تخفيف حدة توتر بين الدول الخليجية؟

عبدالخالق عبدالله: لا. الأزمة الخليجية قائمة بعيداً عن التوترات مع إيران. هناك دائماً قضايا عالقة واستياء شديد من نهج قطر، خاصة في دعمها لجماعات مصنفة إماراتياً وسعودياً بأنها جماعات إرهابية، وفي المقدمة تنظيم الإخوان. وهناك دائماً استياء شديد من قطر وتحريضها المستمر عبر منابرها الإعلامية ضد مصر والسعودية وضد استقرار المنطقة. فهذه قضايا عالقة، وبعيدة كل البعد عن التطورات والتوترات مع إيران. ولابد لقطر من أن تحل هذه القضايا، فإن خف التوتر مع إيران أو تصاعد، فالأزمة مع قطر قائمة إن لم تحل الدوحة هاتين المسألتين: دعمها لجماعة إرهابية وتحريضها ضد دول المنطقة عبر منابرها الإعلامية.

ولي عهد أبو ظبي يقوم قريباً بزيارة إلى ألمانيا لإجراء مباحثات مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، برأيك هل من الممكن أن تنجح ألمانيا في تخفيف حدة  التوتر بين الإمارات-السعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى، في إطار المساعي لتلعب دول عربية دوراً فعالاً في الحفاظ على الاتفاق النووي؟

عبدالخالق عبدالله: ألمانيا وضعت نفسها في الموقف الخطأ في دفاعها المستميت عن الاتفاق، ووضعت نفسها في الموقع الخطأ في تفهمها للموقف الإيراني في أبعاده الكثيرة، ووضعت نفسها في الموقع الخطأ لكي تحقق توافقاً بين إيران ودول المنطقة وبين إيران وأمريكا. هذا ليس دور ألمانيا. على ألمانيا أن تفهم أن هناك دولة لا تتصرف وفق شروط العلاقات الدولية، وأن إيران ليست دولة بل ثورة، وأن إيران في جوهرها مزعزعة لأمن واستقرار المنطقة. أعتقد أن السلوك الألماني حتى الآن يستخدم المحفزات والمغريات، ولا يفضّل العصا الغليظة. ولا يمكن أن تكفّ إيران أذاها في المنطقة بالمحفزات والمغريات.

إذا كانت ألمانيا مقتنعة تماماً بأن إيران دولة مزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، فعليها أن تستجيب لدعوات الضغط على إيران، ودعوات معاقبتها. نحن لا نرى أن ألمانيا تستخدم ورقة الضغط، وبدون ذلك فإن ألمانيا لن يكون لها دور مهم في الحوار أو في أي اتفاق قادم مع إيران.

 

* الدكتور عبدالخالق عبدالله هو أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، ومستشار سابق لولي عهد أبو ظبي.

 

أجرى الحوار: محيي الدين حسين

حقوق النشر: دويتشه فيله 2019

 

مقالات تحليلية من موقع قنطرة

طبول الحرب تقرع في الخليج ...الابتزاز المتواصل

إيران والسعودية...توترات وحروب باردة بالوكالة

إيران والعرب... المعادلة الصفرية تنذر بتدمير المنطقة

إيران وأمريكا: حرب كلامية أم مواجهة شبه حتمية؟