"لولا الاتفاق النووي لأنتجت إيران الآن أسلحة نووية"

يرى جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي‫ أنه لولا الاتفاق النووي مع إيران لكانت طهران قد تمكنت الآن من إنتاج أسلحة نووية ولأضاف هذا مصدر اضطراب جديد في منطقة متقلبة سهلة الاشتعال‬،‫ ذاكراً سبب دعوته الجميع إلى الالتزام التام بهذا الاتفاق -‬بما فيه من ضمان لفوائد إيران الاقتصادية- كنقطة انطلاق نحو معالجة مخاوف أخرى مشتركة، بما فيها المرتبطة بالأمن الإقليمي، يقول بوريل هذا بوصفه منسقا لخطة العمل الشاملة المشتركة لهذا الاتفاق أيضا.

الكاتبة ، الكاتب: Josep Borell

في عام 2015 -قبل خمس سنوات في فيينا- وافقت مجموعة ‪E3/EU+3‫ (الصين، وفرنسا، وألمانيا، والاتحاد الروسي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إلى جانب ممثل الاتحاد الأوروبي الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية) وإيران على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

‫واحتفالا بالذكرى السنوية الخامسة لهذه المناسبة، ينبغي لنا أن نعترف بحقيقة بسيطة: في غياب هذا الاتفاق كانت إيران لتتمكن من إنتاج الأسلحة النووية الآن، وكان ذلك ليضيف مصدرا آخر لعدم الاستقرار في منطقة متقلبة سهلة الاشتعال.

اليوم، تخضع خطة العمل الشاملة المشتركة لضغوط عظيمة على جبهات متعددة. أنا على يقين من أن العمل على الحفاظ على هذه الخطة ليس ضروريا وحسب، بل إنه عاجل أيضا، لسببين على الأقل.

12 سنة كاملة من أجل تجاوز الخلافات

أولا، استغرق الأمر أكثر من 12 عاما لتجاوز الخلافات بين المجتمع الدولي وإيران وإبرام صفقة. وإذا فُـقِـدَت خطة العمل الشاملة المشتركة، فلن نجد بديلا شاملا أو فعالا آخر في انتظارنا عند أقرب منعطف.

ترجع مخاوف المجتمع الدولي بشأن برنامج إيران النووي سنوات إلى الوراء. فقد بدأت المناقشات لوضع الأساس لحل تفاوضي في عام 2003 في إطار مبادرة وزراء الخارجية الفرنسي والألماني والبريطاني، وسرعان ما انضم إليهم ممثل الاتحاد الأوروبي الأعلى للشؤون الخارجية خافيير سولانا.

 

برنامج إيران النووي. Foto: picture-alliance/AP Photo/V. Salemi
Wartungsarbeiten in einer iranischen Nuklearanlage. Das Atomabkommen sei ein Beispiel für den Erfolg hartnäckiger Diplomatie, weil es eine genaue Kenntnis und strenge Kontrollen der Atomanlagen ermögliche, schreibt der neue EU-Außenbeauftragte Josep Borell. Er setzt sich für eine Fortsetzung der Vereinbarung mit Iran ein, weil sie „einen wichtigen Schritt auf dem Weg darstellt, andere gemeinsame Anliegen, auch im Zusammenhang mit der Sicherheit in der Region, anzugehen“. Sollte die Vereinbarung jedoch aufgelöst werden, würden diese Kontrollmöglichkeiten verloren gehen.

 

كان سولانا وخليفتاه كاثرين أشتون وفيديريكا موغيريني ــ وكانوا جميعا مدعومين من الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية ــ حريصين دوما على إبقاء الباب مفتوحا للحل الدبلوماسي. وبعد العديد من التقلبات تحولت خطة العمل الشاملة المشتركة في نهاية المطاف إلى حقيقة واقعة.

وما كان الاتفاق ليصبح في حكم الممكن لولا المثابرة الدبلوماسية. وقد تطلب الأمر المشاركة الكاملة ليس فقط من جانب الولايات المتحدة، بل وأيضا روسيا والصين، وإيران بطبيعة الحال.

اتفاق من أكثر من 100 صفحة غير الملحقات

كان الاتفاق النهائي صلبا متماسكا. يتألف الاتفاق من أكثر من 100 صفحة، فضلا عن العديد من الملحقات، وهو يحدد كل التفاصيل لمعاوضة واضحة: تلتزم إيران بقيود صارمة على برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة بالبرنامج النووي.

الواقع أن خطة العمل الشاملة المشتركة مكرسة في القانون الدولي من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2231 (الذي يحتاج إلى التنفيذ الكامل).

وهي تشكل مثالا واضحا لما يمكن تحقيقه من خلال الدبلوماسية الأوروبية والتعددية الفعّـالة في إطار النظام الدولي القائم على القواعد. لكن العملية التي أفضت إليها كانت مطولة وصعبة، على النحو الذي يستبعد أي فرصة أخرى للتوصل إلى اتفاق.

ثانيا، لا تمثل خطة العمل الشاملة المشتركة مجرد نجاح رمزي. فقد أوفت بوعودها وأثبتت فعاليتها. ونظرا للمستوى غير المسبوق الذي وفرته خطة العمل الشامة المشتركة للهيئة الدولية للطاقة الذرية من القدرة على الوصول، فقد تمكنت الهيئة من التأكيد في 15 من التقارير المتعاقبة في الفترة من يناير/كانون الثاني 2016 إلى يونيو/حزيران 2019 على أن إيران أوفت بجميع التزاماتها بموجب الاتفاق.

 

.................

طالع أيضا

محلل سياسي إماراتي: "الاتفاق النووي مع إيران انتهي فعلياً بعد أن انسحبت منه الولايات المتحدة"

ما بين الاختراق والعناق... إيران والعرب

أحصنة طروادة الإيرانية في الدول العربية: أدوات رد إيران على هجوم أمريكي

.................

 

وعلى هذا فقد رفعت أوروبا وغيرها من الشركاء العقوبات، على النحو المحدد في الاتفاق. وكانت العزلة الدولية المفروضة على إيران تقترب من نهايتها، مما مهد الطريق لاستعادة العلاقات الاقتصادية والتجارية الطبيعية مع بقية العالم. ولكن في مايو/أيار 2018، قررت الولايات المتحدة الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة وإعادة فرض العقوبات في ملاحقة استراتيجية جديدة تقوم على "فرض أقصى الضغوط".

على الرغم من أن إعادة فرض العقوبات الأميركية خلفت تأثيرات سلبية واضحة على اقتصاد إيران وشعبها، واصلت إيران التزامها لمدة 14 شهرا.

ولكن الآن، عادت إيران مرة أخرى إلى تكديس مستويات مقلقة من اليورانيوم المخصب واكتساب خبرات نووية جديدة. ويزداد تآكل خطة العمل الشاملة المشتركة، وتعود مخاوف من الماضي إلى الظهور على السطح.

في يناير/كانون الثاني 2020، أعربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة رسميا عن مخاوفها بشأن تجدد أنشطة التخصيب الإيرانية، وحثت إيران على العودة إلى الامتثال الكامل.

وعلى نحو مماثل، أعربت إيران عن مخاوفها، محتجة بأنها لم تحصل على الفوائد الاقتصادية المتوقعة من رفع العقوبات.

بصفتي المنسق الحالي لخطة العمل الشاملة المشتركة، سأستمر في العمل مع جميع الأطراف المتبقية في الاتفاق، وكذا مع المجتمع الدولي بالكامل. وسوف نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على ما حققناه قبل خمس سنوات، وضمان بقاء الاتفاق فَـعّالا.

معنى خسارة الاتفاق النووي

من الأهمية بمكان أن نتذكر أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال خاضعا للفحص الدقيق، مع التحقق من طبيعته السلمية على نحو مستمر. وبفضل نظام التفتيش الذي وضعته الهيئة الدولية للطاقة الذرية، ما زلنا نتعرف على قدر كبير من الحقائق حول البرنامج النووي الإيراني، حتى في ظل الظروف الحالية. ولكن إذا خسرنا الاتفاق، فسوف نفقد هذه المكتسبات وننتكس عقدين من الزمن.

 

 

أعتقد عن يقين أن خطة العمل الشاملة المشتركة أصبحت مكونا رئيسيا في بنية منع الانتشار النووي العالمية، ولهذا السبب ما زلت أدعو جميع الأطراف إلى مواصلة الالتزام بتنفيذها بالكامل.

من جانبها، يتعين على إيران أن تعود إلى الامتثال الكامل بالتزاماتها النووية؛ لكنها تحتاج أيضا إلى أن تكون قادرة على جني الفوائد الاقتصادية المنصوص عليها في الاتفاق.

ولأننا وضعنا بالفعل التدابير اللازمة لحماية شركاتنا من العقوبات الأميركية الخارجة عن التشريعات الوطنية، فنحن في أوروبا قادرون على بذل المزيد من الجهد لتلبية التوقعات الإيرانية بشأن التجارة المشروعة.

سوف يكثف الاتحاد الأوروبي جهوده لبناء الجسور وتضييق الفجوات بين جميع الأطراف المعنية. وأنا مقتنع بأن خطة العمل الشاملة المشتركة، إذا تمكنا من الحفاظ عليها وضمان تنفيذها بالكامل، من الممكن أن تعمل كنقطة انطلاق نحو معالجة مخاوف أخرى مشتركة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالأمن الإقليمي.

نحن في احتياج إلى العودة إلى ديناميكية أكثر إيجابية. وعندما يحين الأوان، يجب أن نكون مستعدين للبناء على الاتفاق. والاتحاد الأوروبي على استعداد للقيام بذلك. لكن الخطوة الأولى تتمثل في حماية الاتفاق النووي مع إيران في كامل هيئته، وامتثال جميع الأطراف لالتزاماتها بشكل كامل.

 

 

جوزيب بوريل

ترجمة: إبراهيم محمد علي

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت 2020        

 

 

ar.Qantara.de

جوزيب بوريل سياسي عضو في الحزب الاشتراكي الإسباني وهو مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي منذ ديسمبر / كانون الأول 2019.