رئيس حكومة وفاق ليبيا السراج يتوعد حفتر بالحزم والقوة بعد مهاجمته طرابلس رغم مطلب دولي بالتوقف

اتّهم رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبيّة فايز السراج السّبت 06 / 04 / 2019، خصمه المشير خليفة حفتر بـ"نقض العهد" عبر شنّ هجوم على العاصمة طرابلس حيث مقرّ حكومة الوفاق، محذّرًا من "حرب لا رابح فيها".

وقال السراج في خطاب متلفز "لقد مددنا أيدينا للسّلام، لكن بعد الاعتداء الذي حصل من القوّات التابعة لحفتر وإعلانه الحرب على مُدننا وعاصمتنا وإعلانه بذلك الانقلاب على الاتّفاق السياسي، لن يجد منّا إلا الحزم والقوّة".

وذكّر السراج بترتيبات كان توصّل إليها خلال اجتماعات سابقة عقدها مع حفتر، قائلاً إنّ خصمه "نقض العهد" و"حاول أن يطعنه في الظهر". 

والتقى الرجلان مرارًا في السّنوات الأخيرة. وخلال اجتماعهم الأخير في نهاية شباط/فبراير 2019 في أبوظبي، توصّلا إلى اتّفاق يهدف خصوصًا إلى تأليف حكومة موحّدة وتنظيم انتخابات قبل نهاية عام 2019.

وأعلن مبعوث الأمم المتّحدة إلى ليبيا غسان سلامة من جهته السّبت، أنّ المؤتمر الوطني المقرّر في نيسان/أبريل 2019 سينعقد، على الرّغم من الهجوم الذي يشنّه حفتر على طرابلس. 

واعتبر السراج في كلمته أنّ هذا المؤتمر يُشكّل مسارًا "نحو دولة مستقرّة لبناء دولة مدنيّة وديمقراطية". وقال إنّ حفتر: "مدفوع برغبات شخصيّة ونزوات فرديّة"، متّهمًا إيّاه أيضًا بأنّه يعمل من أجل تقويض "العمليّة السياسيّة (...) وإغراق البلاد في دوّامة من العنف والحرب المدمّرة".

وواصلت قوّات حفتر السبت هجومها على طرابلس رغم مطالبات المجتمع الدولي بوقفه، فيما أكّدت الأمم المتحدة أنّ المؤتمر الوطني حول هذا البلد سينعقد رغم العمليّات العسكريّة المستمرّة.

وقال مبعوث الأمم المتّحدة إلى ليبيا غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس "نحن مصرّون على عقد" المؤتمر بين الأطراف الليبيين "في موعده" المقرّر بين 14 و16 نيسان/أبريل 2019، "إلا إذا أرغمتنا ظروف قاهرة" على عدم عقده. 

والخميس، شنّت قوّات موالية لحفتر هجومًا على طرابلس، حيث مقرّ حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج الذي أمر قواته بصدّ هذا الهجوم.

ومن المقرّر أن يُعقد المؤتمر الوطني برعاية الأمم المتحدة في غدامس غرب ليبيا، بهدف وضع "خريطة طريق" لإخراج البلاد من الفوضى ومن أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.

وأضاف سلامة: "نريد أن نطمئن الليبيين إلى أنّنا باقون إلى جانب الشعب لإنجاح العملية السياسية دون اللجوء إلى التصعيد".

وكرّر سلامة دعوة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "خفض التصعيد والعودة إلى العملية السياسية". 

وتباحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت هاتفيًا مع غوتيرش وجدّد دعمه للوساطة الأمميّة في ليبيا بحسب ما أفاد الإليزيه. 

 

 

وقالت الرئاسة الفرنسيّة في بيان إنّ الرجلين "شدّدا على أهمّية (التوصّل إلى) حلّ سياسي للأزمة الحاليّة وفقًا للقانون الإنساني وقرارات مجلس الأمن الدولي". 

واختتم غوتيريش الجمعة زيارة لليبيا هي الأولى منذ تسلّمه منصبه عام 2016، التقى خلالها السراج في طرابلس وحفتر في بنغازي. وقال لدى مغادرته: "أغادر ليبيا بقلق عميق"، معرباً عن أمله "بأنّه يُمكن دائمًا تفادي مواجهة دامية في طرابلس ومحيطها".

ميدانيًا، أعلنت قوّات حفتر السبت تعرّضها لغارة جوّية على بعد 50 كيلومتراً من طرابلس. وقالت شعبة الإعلام الحربي في "الجيش الوطني الليبي" التابع لحفتر "نستنكر بشدّة القصف الإرهابي الغاشم على المدنيّين في منطقة العزيزية من قبل طائرات الميليشيات الإرهابية المسلّحة التي انطلقت من مهبط الثانوية الجوّية بمصراتة".

وأضافت: "سيكون ردّنا قاسياً جداً على هؤلاء الإرهابيين، بما يكفل حماية المدنيين ويضمن عدم الاعتداء عليهم مرةً أخرى".

والقوّات المتمركزة في مصراتة موالية بغالبيّتها لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والتي مقرّها طرابلس.

وأكدت قوّة حماية طرابلس، وهي تحالف لفصائل مسلّحة موالية لحكومة الوفاق، أنّ غارات جوّية "كثيفة" شنّت على "الجيش الوطني الليبي" انطلاقًا من مطار معيتيقة في طرابلس ومصراتة. وقالت في صفحتها على فيسبوك "عصابات العدوّ في تراجع من جميع المحاور". 

وتجدّدت صباح السبت المعارك بين الجانبين، خصوصًا في منطقتي وادي الربيع وقصر بن غشير على بُعد حوالى أربعين كلم جنوب طرابلس، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.

وتمّ مساء الجمعة صدّ قوّات حفتر لبضعة كيلومترات بعدما سيطرت موقتًا على مطار طرابلس الدولي على بُعد ثلاثين كلم جنوب المدينة، علمًا أنّه غير مستخدم منذ دمّرته المعارك عام 2014.

دبلوماسيًا، مارست فرنسا وإيطاليا وألمانيا السبت ضغطا على حفتر وطالبته بوقف هجومه على طرابلس والعودة إلى عمليّة السّلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان إثر اجتماع السّبت مع نظرائه في مجموعة السبع في دينار شمال غرب فرنسا: "هناك مبدأ أساسي. لن يكون هناك انتصار عسكري في ليبيا. الحلّ لا يُمكن أن يكون إلا حلاً سياسياً". وأضاف: "ينبغي الآن أن يتجاوزا صعوبات الماضي لما فيه مصلحة الشعب الليبي".

وشدّد نظيره الإيطالي موافيرو ميلانيزي على تطابق وجهات النظر بين وزراء مجموعة السبع بالنسبة إلى الأزمة الليبية، وصرّح لصحافيين: "لا أحد مستعدّ للتسليم بالأمر الواقع العسكري".

بدوره، شدّد نظيره الألماني هايكو ماس على ضرورة إقناع حفتر بالعودة إلى ضبط النفس. وقال: "علينا أن نستخدم كلّ وسائل الضغط (المتوافرة) على الأفرقاء الليبيين، وخصوصاً (المشير) حفتر لنتأكّد من عدم حصول تصعيد عسكري".

وجاءت هذه المواقف غداة دعوة مجلس الأمن الدولي قوّات حفتر إلى: "وقف كلّ التحرّكات العسكريّة"، في ختام اجتماع طارئ عقده الجمعة. 

 

 

 

من جهته، أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السبت معارضته "المواعيد المصطنعة" للتسوية في ليبيا. وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة: "نحن مثل مصر، نأمل أن يقرّر الليبيون مستقبلهم بأنفسهم والبدء بحوار شامل من دون أي نوع من المواعيد المصطنعة التي يحاول البعض أن يفرضها عليهم من الخارج ومن دون دفعهم للإسراع رغمًا عنهم".

وقال وزير الخارجية المصري إنّ "الوضع في ليبيا على مدى السنوات الماضية مقلق في ما يتعلّق بنفاذ الإرهاب بشكل واسع، خاصّة في الجنوب"، مشيرًا الى دعم بلاده "توحيد المؤسّسة العسكريّة الليبيّة" و"مؤسّسات الدولة الليبيّة". وتؤكّد القاهرة أنّ حدودها الغربيّة مع ليبيا مصدر تهديد لأمنها وأنّها تخشى تسلّل "إرهابيّين" عبر هذه الحدود إلى الأراضي المصريّة. أ ف ب