رحيل ميركل من رئاسة حزبها - والمؤكد أن الباب سيُغلَق مجددا أمام اللاجئين رغم أن خليفتها مقربة منها

انتخب حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني المحافظ الجمعة 07 / 12 / 2018 أنغريت كرامب كارينباور المقربة من المستشارة أنغيلا ميركل رئيسة له بعد 18 عاما من تولي ميركل رئاسته.

وفازت كارينباور (56 عاما) بأكثر من 51% من الأصوات في مؤتمر الحزب في مواجهة فريدريش ميرتس خصم ميركل الذي أراد تغيير سياسة الحزب باتجاه أكثر نحو اليمين.

وفي كلمة مقتضبة قبل التصويت، دعت ميركل الحزب إلى رفض سياسات الخوف حيث يشق اليمين المتطرف طريقه في ألمانيا وأوروبا. وقالت "يجب أن نتحلى بالشجاعة لمواصلة المسيرة". يُذكر أن محامي الشركات ميرتس (63 عاما) كان ترك السياسة عام 2009 بعد أن خسر صراعا على السلطة ضد ميركل التي يتهمها باتباع منهج يميل أكثر نحو الوسط.

أما المرشح الثالث وزير الصحة الحالي ينس شبان فقد خسر في الجولة الأولى. وكانت ميركل (64 عاما) قد شنت في وقت سابق دفاعا قويا عن نهجها الوسطي والإنساني الذي طبع على مدى 18 عاما رئاستها للحزب المحافظ قبل التصويت على اختيار خلف لها.

وصفق أعضاء الحزب وهم واقفون مطولا لميركل إثر هذا الخطاب الوداعي أمام مؤتمر الحزب في هامبورغ الذي يحضره حوالى ألف عضو. وبكى بعضهم وحملوا لافتات برتقالية كتب عليها "شكرا أيتها الرئيسة".

لكن قبل أن تسلم شعلة رئاسة الحزب، دافعت ميركل بشدة عن إرثها السياسي رغم الانتقادات الموجهة إليها في ألمانيا والخارج وخصوصا حول مسألة الهجرة.

وقالت وقد بدت عليها علامات التأثر "في هذه الأوقات الصعبة، علينا ألا ننسى قيمنا المسيحية الديمقراطية". وعددت ميركل التي تتخلى عن رئاسة حزبها لكنها ستبقى مستشارة حتى نهاية ولايتها في 2021، لائحة طويلة من المخاطر الحالية مثل "التشكيك بالنهج التعددي والتراجع على الصعيد الوطني وخفض التعاون الدولي" والتهديدات "بحرب تجارية" في إشارة واضحة الى سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل خاص.

كما حذرت من "الحروب الهجينة أو زعزعة استقرار مجتمعات عبر الأخبار الكاذبة". ووجهت أيضا دعوة إلى وحدة حزبها، بعدما أثارت حملة خلافتها في الأسابيع الماضية توترات داخل صفوف الديمقراطيين المسيحيين.

وقالت: "آمل في أن نخرج من هذا المؤتمر متحدين ومصممين". وتنافس ثلاثة مرشحين على المنصب الذي يعد جسرا إلى تولي المستشارية. وانحصرت المنافسة بين الأمينة العامة للحزب كارينباور والمليونير ميرتس.

وهذا المحافظ الذي ينتمي إلى المدرسة القديمة سعى الى استعادة الناخبين الذين خاب أملهم من حكم ميركل وصوتوا لصالح اليمين القومي، خصوصا بعد فتح أبواب ألمانيا لأكثر من مليون لاجىء سوري وعراقي في 2015 و2016.

واضطرت ميركل (64 عاما) التي كان يلقبها الألمان بود عند فوزها بـ "موتي" (الأم) للإعلان عن تخليها عن قيادة الحزب في تشرين الأول/أكتوبر 2018 بعد انتخابات في اثنتين من المناطق جاءت نتائجها مخيبة للآمال. 

إلا أن المستشارة التي تقود منذ 13 عاما أكبر اقتصاد أوروبي، حريصة على إكمال ولايتها هذه حتى نهايتها، أي حتى 2021. وقالت: "يسعدني أن أواصل العمل كمستشارة".

ويتوقع كثيرون رحيل المستشارة اعتبارا من العام المقبل 2019 بعد الانتخابات الأوروبية في أيار/مايو 2019 إذا مُنِيَتْ الأحزاب التقليدية بهزيمة جديدة، وعلى أبعد حد في الخريف بعد انتخابات في ثلاث مقاطعات تشكل كلها معاقل لليمين القومي.

وهذا إذا لم يتسبب شريكها في التحالف الحكومي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يشهد أزمة أيضا، في تسريع رحيلها عبر انسحابه من الحكومة.

يحتاج الحزب اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى نَفَس جديد. فهو يواجه من اليمين هجمات اليمين القومي المتطرف المتمثل بحزب "البديل لألمانيا" ومن الوسط انتقادات دعاة حماية البيئة (حزب الخضر)، ولم يعد يحصد مع حليفه البافاري "الحزب المسيحي الاجتماعي" أكثر من 26 إلى 28 بالمئة من الأصوات في استطلاعات الرأي.

وقد أُضعِفَ في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيلول/سبتمبر 2017 مع أنه حصل على 33 بالمئة من الأصوات. ويحاول كل المرشحين النأي بأنفسهم من إرث المستشارة. وقد أعلنت كارينباور الأربعاء "لدي سيرتي ومسيرتي"، مشيرة خصوصا إلى معارضتها الشرسة لزواج المثليين. وفي مجال الهجرة، دعت إلى ترحيل السوريين الذين يدانون بأعمال إجرامية في خطوة حتى وزير الداخلية هورست سيهوفر المحافظ جدا استبعدها.

وبعد فترة ترحيب واسع بالمهاجرين عامي 2015 و2016، هناك أمر واحد مؤكد هو أن الباب سيغلق من جديد مع رحيل ميركل من قيادة الحزب. أ ف ب