روح الدعابة لدى المصريين تتيح لهم فرصة نفث إحباطهم من غلاء المعيشة إثر التقشفات الحكومية

تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوميا في (منتدى شباب العالم) الذي عُقد في الأسبوع الأول نوفمبر / تشرين الثاني 2018 في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر متناولا قضايا بدءا من إعادة إعمار سوريا إلى التسامح الديني، لكن تعليقه بشأن البطاطس (البطاطا) أثار استياء وغضبا.

وتساءل السيسي بعد أن لمح إلى أن موظفي الدولة قد لا يحصلون هذا العام على الزيادة السنوية في الأجور والتي تسمى العلاوة "عاوزين تبنوا بلادكم وتبقوا دولة ذات قيمة ولّا حتدوّرا ع (تبحثون عن) البطاطس؟"

وكان السيسي يشير إلى زيادة كبيرة في أسعار البطاطس خلال الأسبوعين السابقين من ستة جنيهات (0.33 دولار) للكيلوغرام إلى 14 جنيها فيما أطلقت عليه الصحف المحلية "أزمة البطاطس" وصار موضوعا لنقاش ساخن في الشارع.

ولمس ما قاله السيسي وترا حساسا عند المصريين الذين يعانون من  تبعات خطة تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي وزيادات في أسعار السلع الغذائية مما تسبب في موجة من الانتقادات والتعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأظهر استطلاع للرأي على فيسبوك أجرته صفحة إخبارية مقرها مدينة الإسكندرية الساحلية أن 89 في المئة من بين نحو 24 ألفا شاركوا بآرائهم يفضلون تناول البطاطس على بناء دولة ذات قيمة.

وجاء في منشور آخر على فيسبوك أن الاختيار بين البطاطس والأرز مثلا شيء عادي لكن هل تصلح المقارنة بين البطاطس وبناء دولة ذات قيمة؟

وأتاحت روح الدعابة الفرصة للمصريين كي ينفثوا عن إحباطهم. وكان السيسي قد أغلق معظم منابر التعبير عن الرأي منذ انتخابه لفترة الرئاسة الأولى عام 2014 قائلا إنه يحاول إعادة الاستقرار إلى مصر بعد الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة عام 2011. وتمثل الإصلاحات التي تعتمد على التقشف تحديا كبيرا للسيسي. فمصر ملتزمة بتلك الإجراءات بمقتضى قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار تم الاتفاق عليه في عام 2016 ويهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي.

وخفضت مصر وفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي قيمة عملتها وتوقف تدريجيا دعم الوقود وهو ما جعل ملايين المصريين يئنون تحت وطأة زيادة كلفة المعيشة.

وتقديم الخبز المدعم سياسة ثابتة للحكومات المصرية المتعاقبة منذ الستينيات. ولم يجر المساس بهذا الدعم في ظل الإصلاحات الحالية. وعندما يشكو المصريون من نقص في السلع الغذائية، ومن بينها الدواجن، تتدخل الحكومة وتعرض كميات منها في الأسواق. لكن من المتوقع فرض المزيد من إجراءات التقشف في الشهور المقبلة.

وقال آلان سانديب رئيس الأبحاث في شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية: "من الواضح أن الأمر مؤلم منذ بدأنا تناول المضادات الحيوية في 2016 وينبغي أن يستمر البرنامج (العلاجي) حتى نهايته ونصلح الأمور لما هو أفضل من منظور الاستدامة". وأضاف "لم نتعافَ بعد من الإنفلونزا. ما زلنا نأخذ المضاد الحيوي". وكان السيسي حث المصريين على النشاط البدني. وظهر في مطلع أسبوع انعقاد منتدى شباب العالم وهو يتفقد على دراجة الاستعدادات لمنتدى شباب العالم في شرم الشيخ وسط ضجيج إعلامي.

لكن تعليقا في وقت لاحق عن البدانة المنتشرة بين الشباب المصري وأهمية أن يفقد معظم طلاب الجامعات نصف أوزانهم بدا أنه مس الوتر الخطأ. وظهر وسم (#دهون ضد الرئيس) للسخرية من تعليق السيسي. كما دعا منشور على فيسبوك إلى حملة من أجل دولة بلا بطاطس. (الدولار يساوي 17.9 جنيه بتاريخ 07 / 11 / 2018). رويترز